الانتهاء من عملية الجمع والتحرير ... والنشر الورقي والرقمي في يناير 2023
مارس القادم... جامعة نزوى تحتفل بتدشين "معجم نزوى للأفعال" أول معجم عربي يتبنى نظام الأوزان العشرة
خير الدين عبد الهادي:
المعجم قدّم حلولا للكثير من المشكلات والصعوبات اللغوية التي تواجه متعلمي العربية
14 باحثا شارك في إعداد المعجم من خريجي ماجستير التربية في تدريس العربية للناطقين بغيرها
دائرة الإعلام والتسويق
يدخل مشروع معجم نزوى للأفعال مراحله الأخيرة، إذ تستعد الجامعة في شهر مارس القادم 2023 للاحتفال بالتدشين الرسمي للمعجم، وهو أول معجم عربي يتبنى نظام الأوزان العشرة، إذ انتهى الفريق المكلف بإعداد المعجم من عملية الجمع والتحرير، كما تم الاحتفاء في منتصف ديسمبر الماضي 2022م بنشر "قائمة نزوى للأفعال الشائعة في اللغة العربية المعاصرة" في كتاب مستقل؛ وذلك عن دار النشر الألمانية التي ستتولى نشر المعجم، تتبعها عملية التجهيز النهائي لتدشين المعجم بشكل رسمي في شهر مارس القادم.
وقال الدكتور خير الدين عبد الهادي، الأستاذ المساعد ورئيس شعبة اللغة الألمانية بكلية العلوم والآداب في جامعة نزوى، والمشرف العام لمعجم نزوى للأفعال: "من المتوقع أن يتم نشر المعجم ورقيا ورقميا نهاية شهر يناير القادم؛ وذلك بعد تنقيح المواد والوحدات المعجمية المنضوية بين دفتي المعجم وتدقيقها لغويا ومضمونا ومنهجيا، إذ ستتولى ذلك إحدى دور النشر الألمانية، وهي دار متخصصة في نشر ما له صلة وارتباط بالثقافة العربية بمعناها الشامل، ويشمل ذلك المعاجم العربية الحديثة والكتب التعليمية الموجهة للناطقين بغير العربية".
فيما أوضح الدكتور خير الدين عبد الهادي في حديث لـ "إشراقة" ذلك بقوله: "إن نشر هذا المعجم عن دار نشر غربية يكمن في أن يكون هذا المعجم الذي سيحمل اسم "معجم نزوى لمكملات أفعال اللغة العربية المعاصرة" قريبا من الشريحة المستهدفة من وراء إعداده، وهي شريحة دارسي العربية من غير الناطقين بالعربية في الجامعات الغربية عموما، أما النشر الرقمي فسيتولاه الزملاء في مركز الحاسوب في جامعة نزوى، الذين وضعوا -مشكورين- الأسس المبدئية لعملية النشر الرقمي".
وعن عملية توزيع المعجم أوضح قائلا: "ستتم عملية توزيع المعجم بالتشارك بين جامعتي نزوى ودار النشر الألمانية، متمثلا في علاقات الجامعة ودار النشر بغيرها من المؤسسات التعليمية والأكاديمية، ونأمل أن يتم عرض هذا المعجم في معارض الكتب التي تقام في سلطنة عمان وألمانيا، مثل: معرض مسقط الدولي للكتاب ومعرض فرانكفورت".
وقال الدكتور خير الدين عبد الهادي، الأستاذ المساعد ورئيس شعبة اللغة الألمانية بكلية العلوم والآداب في جامعة نزوى، المشرف العام لمعجم نزوى للأفعال: "إن الصناعة المعجمية تقوم في الأساس على ثلاث مراحل أساسية، هي: الجمع والتحرير والنشر، وقد أنجز الفريق البحثي المراحل الثلاث كاملة، فقد عمل الفريق في المرحلة الأولى على جمع النصوص من مختلف الميادين المعرفية، وقد شكلت هذه النصوص عماد مدونة لغوية، اشتملت على ما يقرب من خمسة آلاف نص، تضم ما يزيد على ستة ملايين كلمة، إذ جمعت هذه المدونة من مصادر معرفية متعددة، أهمها: الصحف والمجلات العلمية والكتب المتخصصة وعدد من الأعمال الأدبية، واستند الفريق البحثي على هذه المدونة في وضع قائمة بالأفعال الشائعة في اللغة العربية المعاصرة، وقد جرى إشهار هذه القائمة، التي حملت اسم قائمة نزوى لأفعال اللغة العربية المعاصرة، في حلقة عمل عقدت في فبراير 2022 بمشاركة جامعات ألمانية والجامعة الأردنية، كما انتهى الفريق من مرحلة التحرير المعجمي الذي ينطلق من الأسس العملية لنظرية المكملات اللغوية؛ ليتم بعدها عملية نشر المعجم رقميا وورقيا".
الأول عربيا
وعن أهمية مشروع المعجم قال: "تكمن أهمية المشروع في كونه يعد الأول في العربية من حيث النوع، ومن حيث المنهج المتبع في إعداده، فالساحة العربية تخلو من أمثال هذه المعاجم... كما يعتمد هذا المعجم في ترتيب مواده ووحداته المعجمية على نظام صرفي (الأوزان العشرة)؛ محدثا تغييرا لما ألفناه في الدراسات الصرفية قديمها وحديثها، ومن شأن إدراج هذا النظام وتفعيله في الدراسات الصرفية العربية، أن يسهل عملية تدريس الصرف العربي للعرب أنفسهم، وأستطيع القول إن معجم نزوى هو أول معجم عربي يتبنى هذا النظام الصرفي، وهو بهذا يسهم في تعزيز الجوانب التطبيقية والعملية التي تتصدى لقضايا المعجم العربي وقضايا الصرف العربي.. مشيرا إلى أن معجم نزوى لأفعال اللغة العربية المعاصرة ينطلق من واحدة من أهم النظريات في علم اللغة التطبيقي، وهي نظرية المكملات valence theory، وقد غيرت هذه النظرية قواعد الصناعة المعجمية الموجهة لمتعلمي اللغة الثانية، وأقامتها على أسس كمية ونوعية ودلالية، وأعادت جوهر العمل المعجمي بذلك إلى علاقات التكافؤ القائمة بين عناصر الجملة الواحدة التي ترتبط بعنصر مخصوص في الجملة، يطلبها ويوجهها تركيبيا ودلاليا، فالمادة المعجمية التي يعرضها العمل المعجمي ينبغي ألا تكون مقتصرة على عرض دلالة هذه المادة وتنوعاتها، بل يجب أن تشتمل على توصيف للعلاقات التركيبية التي تقيمها هذه المادة مع غيرها، من ناحية طلبها لعدد مخصوص من المكملات، ولنوع مخصوص منها كذلك، ولسمات دلالية مخصوصة، تتحد وفقها دلالة هذه المادة المعجمية، ولا تتجاوزها إلى غيرها، فدلالة المادة المعجمية وفق هذا الاعتبار تتحد وفق عدد مكملاتها ونوعها وسماتها الدلالية التي تعد جزءا أساسا من دلالة هذه المادة، ولم يعد السياق هو الموجه الوحيد لدلالة اللفظة، فالسياق قد يكون خافيا غير جلي على متعلم اللغة الثانية... كما أن إيحاءات اللفظة الواحدة وعلاقاتها التركيبية مع غيرها من الألفاظ، وما تطلبه من عناصر لغوية مخصوصة في اللغة الأم لمتعلم اللغة الثانية، قد تختلف اختلافا كبيرا عما هو شائع ومقبول تركيبيا ودلاليا في اللغة الثانية، وهو ما يوقع متعلم اللغة الثانية في أخطاء النقل السلبي من لغته الأم إلى اللغة الثانية التي يتعلمها، وهي أخطاء ناتجة عن التداخل في الأنظمة اللغوية، واختلاف العلاقات التركيبية والدلالية التي تقيمها ألفاظ هذه اللغات فيما بينها، ونؤكد على أن معجم نزوى انطلق من هذه الأسس العملية لهذه النظرية... كما أفاد من تقنيات اللسانيات الحاسوبية والإحصاء اللغوي ولسانيات المدونة، وغاية هذا القاموس وضع خطة لبناء الجملة العربية، انطلاقا من العنصر المركزي فيها، وهو الفعل، فمن طريق تحديد البيئة التركيبية والدلالية للعنصر المركزي في الجملة، يمكن تحديد بناء تركيبي محكم للجملة العربية مقترنا بالانسجام الدلالي بين عناصر التركيب الواحد، مما يقلل من الأخطاء التركيبية والدلالية التي يقع فيها متعلمو اللغة العربية من غير الناطقين بالعربية؛ بناء على تحديد مكملات الفعل العربي -كما ونوعا- ومن ناحية سماتها الدلالية، ومراعاة علاقات التكافؤ التركيبي والدلالي للفعل العربي، وسيكون متعلم العربية من الناطقين بغيرها قادرا على تكوين جمل أو تعبيرات مقبولة تركيبيا ودلاليا".
25 موضوعا معرفيا
وأضاف الدكتور خير الدين: "كما أسلفت، سيكون عماد القاموس مادة معجمية حية، تولى أعضاء الفريق البحثي جمعها وتبويبها وتحليلها انطلاقا من لسانيات المدونة، وقد تم تحديد ما يزيد على خمسة وعشرين موضوعا من مختلف الميادين المعرفية، شملت الميادين الدينية والاجتماعية والعلمية والسياسية والطبية والرياضية والفنية وغيرها من الميادين، ولإعطاء المادة المعجمية المجموعة سمة الشمولية، ومحاولة لمراعاة التنوع الدلالي المرتبط بالاستعمالات المناطقية للأفعال، جمع الفريق البحثي المواد المعجمية من مصادر تغطي الأقطار العربية كافة، أما عن الإضافة التي يمثلها هذا المعجم، فهو يعد أول معجم أحادي اللغة على الساحة العربية، يحاول تقديم حلول لكثير من المشكلات والصعوبات اللغوية التي تواجه متعلمي العربية لغة ثانية... كما أنه أول معجم يوضع على أساس المفردات الشائعة في اللغة العربية المعاصرة، وبهذا الاعتبار فهو يحمل سمة الريادة نوعا ومنهجا". وأوضح كذلك أن التحدي الأبرز الذي واجه أعضاء الفريق تمثل في القيود التي وضعتها جائحة كورونا، التي فرضت التباعد الاجتماعي، وأدخلتهم في عوالم افتراضية، لا تتلاءم وطبيعة هذا المشروع، الذي يفترض عقد لقاءات دورية بين أعضاء الفريق البحثي للتشاور والالتقاء والاتفاق على كثير من الجوانب الخلافية التي تمليها أمثال هذه المشاريع البحثية، ولاعتماد هذا المشروع على الإحصاء اللغوي وما يرتبط به من استخدامات الحاسوب في التحليل اللغوي، فقد ظهرت بعض الصعوبات في استخدام بعض أدوات تحليل المدونات اللغوية، وتم التغلب على هذه الصعوبات بدعم من الزملاء في مركز تقنية الحاسوب في جامعة نزوى.
يضيف: "وفيما يخص الصعوبات المتعلقة بمنهج إيراد المواد المعجمية في المعجم، فقد واجهتنا صعوبات ذات صلة بطبيعة اللغة العربية الاشتقاقية، وما تمليه هذه الطبيعة من استخدام نسق معجمي مخصوص في التعامل مع الوحدات المعجمية العربية على نحو قد يكون مخالفا لما اعتاد عليه مستخدمو هذا المعجم في لغاتهم الأم، وقد حلت هذه الإشكالية باستخدام نظام الأوزان العشرة، وهو نظام صرفي محكم، طوره المستشرقون الغربيون انطلاقا من مقولات الصرف العربي التقليدي وتحديداته، وعليه تم ترتيب الوحدات المعجمية انطلاقا من الوزن الصرفي الذي تحمله، وليس من الجذر الذي تنتمي إليه الوحدة المعجمية، كما واجهتنا صعوبات مرتبطة بأدوات تحليل المدونات اللغوية، وهذه الصعوبة ذات صلة بالنظام الكتابي للغة العربية، الذي يسمح بنطق أصوات دون أن يرى ضرورة لكتابتها، وينعكس هذا سلبا على أدوات تحليل المدونات اللغوية، التي تعجز عن تمييز أنواع الكلام العربي، وقد دفعتنا هذه الإشكالية إلى التعامل اليدوي مع ملايين المفردات التي لم تستطع الأداة تمييزها بعضها عن بعض".
وأوضح أن عن عدد المشاركين في هذا المشروع يبلغ 14 مشاركا، جلهم من خريجي ماجستير التربية في تدريس العربية للناطقين بغيرها في جامعة نزوى، إضافة إلى زملاء من ألمانيا ومن الأردن.
الأفعال العربية
وأكد الدكتور خير الدين عبد الهادي، الأستاذ المساعد ورئيس شعبة اللغة الألمانية بكلية العلوم والآداب في جامعة نزوى أن المعجم يقدم خطة بناء ما يزيد على 3000 من الأفعال العربية الشائعة في اللغة العربية المعاصرة، وتوصيف البيئة التركيبية والدلالية لها، وهي بيئة ناشئة عن قدرة الفعل العربي وحاجته للارتباط بمكملات مخصوصة والتعلق بها؛ ليكون قادرا على التعبير عن تنوعات دلالية عديدة، ويقوم المعجم بتبويب مواده المعجمية صرفيا انطلاقا من مبدأ الأوزان العشرة، وهو مبدأ تقوم على أساسه جل المعاجم الأوروبية عند وضع معاجم ثنائية اللغة تكون العربية اللغة المصدر فيها، ويجنب استعمال هذا المبدأ مستعملي القاموس الكثير من الصعوبات الصرفية التي يمليها استعمال النظام الصرفي التقليدي للغة العربية القائم على أساس الجذر الثلاثي، وتقسيم الفعل إلى ثلاثي مجرد أو رباعي مجرد، وما يتفرع عنهما من أفعال مزيدة، ويسهم هذا المبدأ إسهاما فاعلا في تقديم أفعال العربية واشتقاقاتها بطريقة رياضية قياسية مطردة مبسطة؛ مما يساعد غير العربي على ضبط الأفعال وحسن بنائها، أما فيما يخص المواد المعجمية التي سترد في هذا القاموس، فسيتم اعتماد مبدأ الشيوع في إيراد المواد المعجمية، لتجنيب القاموس الغريب والنادر أو ما قل استعماله من الأفعال العربية.