شعر الشيخ هلال السيابي مائدة إبداعية للعربية في يومها العالمي
د. مسعود بن سعيد الحديدي – رئيس قسم اللغة العربية
إن اليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، هو اليوم الذي اعتمدتْ الجمعيّةُ العامةُ للأممِ المتّحدةِ (اليونسكو) اللغةَ العربيّةَ لغةً رسميّةً عالميّةً في عام 1973م ضمن ست لغات رسمية في العالم، ولقد قررت (الهيئةُ الاستشاريّةُ للخطّةِ الدوليّةِ لتنميةِ الثقافةِ العربيّة) أن يكون محور الاحتفاء بهذه المناسبة في هذا العام 2022م بعنوان: (مساهمة اللغة العربية في الحضارة والثقافة الإنسانية)، بما قدمته هذه اللغة من بصمة واضحة في حضارات الشعوب، وبما أثرته من إسهامات قيّمة في الثقافة الإنسانية، ولعلاقة اللغة العربية بالتواصل الحضاري أشكال متعددة منها علاقة اللغة العربية باللغات الأخرى في ظاهرة الاقتراض اللغوي، وعلاقتها بحضارات الشعوب غير العربية لا سيما الشعوب المسلمة.
إن اللغة (كائن حي) يتشكل ويتطور، تموت فيها بعض الكلمات، وتولد أخرى، وتتحور أخرى، في حركة دائبة لا تتوقف، نتيجة لاختلاط الناس ببعضهم بعضا، ونتيجة للثورة الصناعية والتقنية والاقتصادية في العالم؛ لذا فقد باتت مسؤولية عظيمة تجاه اللغة العربية في الحفاظ عليها، وهذه المسؤولية ليست حصرا في أفراد اللغة بل تتوسع لتكون مسؤولية قومية مشتركة تتولاها جامعة الدول العربية وحكومات الدول العربية والمؤسسات العامة والخاصة فيها؛ وذلك بوضع سياسات وخطط لغوية، تفرض على الأفراد والمؤسسات الالتزام بها، وتجرم التعدي عليها.
العمانيون سدنة للغة منذ العصور الأولى ولا يخلو قرن من القرون إلا وفيهم النحوي النحرير، واللغوي البارع، والخطيب المفوّه، والشاعر المبدع، يقول الجاحظ عن أهل عمان في كتابه (البيان والتبيين)، لربما سمعت من لا علم له يقول: "من أين لأهل عمان البيان؟ وهل يعدون لبلدة واحدة من الخطباء البلغاء ما يعدون لأهل عمان"، فتوالت جهودهم عبر الزمان إلى يومنا المعاصر وإن منهم الشيخ الأديب الأريب الشاعر هلال بن سالم السيابي الشخصية المحتفى بها، فقد ارتأى قسم اللغة العربية بكلية العلوم والآداب -جامعة نزوى- أن يجعل هذه المناسبة فرصة للاحتفاء بشخصية طبعتْ مسيرةَ الإبداعِ بسلطنة عُمان بطابعٍ متميّزٍ ومُتفرّدٍ في الجانبين: السياسي والإبداعي. ويتعلّق الأمر بسعادة السفير والشاعر الشيخ هلال بن سالم بن حمود السيابي. وقد اختير عنوان: "شعر الشيخ هلال بن سالم بن حمود السيابي بين الاتّباع والإبداع " محورا للندوة المقترنة بهذا الاحتفاء.
ويأتي هذا الاختيار لكون سعادة الشيخ هلال السيابي بصم الشعر العماني، فضلا عن الجانب السياسي والديبلوماسي، ببصمة خاصة قوامها القدرة على الجمع بين استلهام الماضي وفقه الحاضر ونسْج قصائده بسلاسة شعرية تسحر الألباب، بعدما ذلّت له القوافي، وانساب الشعر على لسانه، وتداعت موارد ومواهب الإبداع على مخيّلته فارتوى منها الشاعر وأروى بها كلَّ ظامئ متعطّش وناقد متذوّق وقارئ للشعر متشوّق. وقد تشكّلت موائد قصائد الشاعر الإبداعية من الشعر السياسي والقومي والذاتي من الناحية الموضوعاتية، كما أنّ جاذبية التأثير بالشعر القديم حضرت بقوة في شعر الشاعر بشكل ظاهر أو خفيّ من الزاوية المضمونية والشكلية.