السنة 18 العدد 163
2023/01/01

أين وصل العلم الحديث في مكافحة عدوى الفطريات؟!


 

 

الدكتور عبدالله بن محمد الحاتمي

 

يختص علم الفطريات بدراسة تركيب وتصنيف وطرق تكاثر أنواع مختلفة من الفطريات، منها على سبيل المثال الفطريات المرضية التي تسبب عدوى وأمراضا في النبات والحيوان والإنسان.

ويطلق على الأمراض التي تسببها الكائنات الدقيقة مصطلح: "الأمراض المعدية"، فيما تعيش البكتيريا، أو الفيروسات، أو الفطريات، أو الطفيليات في أجسادنا وعلى أجسادنا. ويمكن أن تكون هذه الكائنات مفيدة أو ضارة في نفس الوقت. كما يمكن لبعض الكائنات الحية الصغيرة أن تسبب المرض لدى الناس، ولكن في ظل ظروف معينة. بينما تعد الفطريات موردا غير مدروس يمتلك إمكانات هائلة لتطوير المنتجات التي يمكن أن تحسن رفاهية الإنسان بشكل كبير.

في هذا المقال نسلط الضوء على بعض الاكتشافات والتطورات المهمة في علم الفطريات التطبيقي وأبحاث علوم الحياة متعددة التخصصات. إذ تتعلق هذه الأمثلة بالأدوية التي تم إدخالها مؤخرًا لعلاج الالتهابات والأمراض العصبية؛ وتطبيق التقنيات والأدوات الوراثية في علم الفطريات الطبية وتنظيم إنتاج السموم الفطرية. بالإضافة إلى بعض النقاط البارزة في زراعة الفطر في آسيا. كما سنقدم أمثلة لأدوات التشخيص الجديدة في علم الفطريات الطبية، واستغلال الأدوية الجديدة والمرشحة بقوة لعلاج العدوى الفطرية في الإنسان. 

ومع ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الإمكانات المفيدة الحقيقية للفطريات توصّل إليها العلم الحديث في القرن الماضي فقط؛ وذلك بسبب تطور منهجية التكنولوجيا التي سمحت بإنتاج صناعات مختلفة مفيدة جدا للبشرية.

وقد تم أيضًا إنشاء مصانع لإنتاج الانزيمات باستخدام الفطريات، وهذه الفطريات مهمة في إنتاج التكنولوجيا الحيوية، التي دخلت مركّباتها في صناعة الأصباغ والمواد الكيميائية المختلفة. في السنوات الأخيرة، تم أيضًا استخدام الفطريات بشكل متزايد في التحلل البيولوجي والاقتصاد الحيوي، على سبيل المثال، لمعالجة النفايات العضوية واكتساب الطاقة.

وتكمن أهمية الفطريات في كونها مصادر غذائية، إذ تم تسهيل العديد من هذه الإنجازات بتوافر عدد من أنظمة الفحص القوية للكشف عن الأنشطة الأنزيمية والآثار البيولوجية على أعلى مستويات الإنتاجية المتوفرة الآن في White Biotechnology و Agro و  Pharma .Industries  مع ذلك، تحديدا تلك التقنيات الناشئة حديثًا، نشير إلى أن تقنيات OMICS  والتقدم المقابل في علم الوراثة الجزيئي والكيمياء الحيوي، اتجه إلى تسهيل تطوير منتجات وعمليات جديدة في جميع المجالات المذكورة في أعلاه، إضافة إلى أدوات التشخيص الجديدة. كما أنها توفر تقنيات تسلسل الجينوم من الجيل الثالث؛ إذ يمكن بسهولة تحديد بيانات تسلسل الجودة والمواقع المهمة، مثل: مجموعات الجينات التخليقية تقريبًا، والجينوم الكامل واستثمارهما لاحقًا بالطرق التكنولوجيا الحيوية الاصطناعية. 

في الآونة الأخيرة، أصبحت الأساليب المبتكرة، مثل: البيولوجيا التركيبية أو تحرير الجينات التي تعتمد على بيانات الجينوم روتينية في حقول مختلفة لابد منها في علوم الحياة. وفي هذا السياق، نشير تلخصيا إلى عشر تطورات عقدية مهمة في البيولوجيا الفطرية، يسعى العلم الحديث من طريقها إلى تحسين رفاهية الإنسان، وفي بعض الحالات قد تخفف من أضرار تغيّر المناخ وتقلّل التلوث.

وهذه أمثلة على آخر التطورات في أبحاث الفطريات التي أسهمت بها شخصيا عبر ورقة علمية عالمية مع علماء بارزين على مستوى العالم، نلخص لكم ما جاء فيها في الآتي:

  1. فينجوليمود Fingolimod، عبارة عن دواء مشتق من تخليق تقليد من مستقلب فطري في قالب دواء واعد مثبط للمناعة لعلاج الأمراض العصبية.

  2. من enfumafungin إلىibrexafungerp - ؛ أي تطوير أول دواء صيدلاني من فطر يعيش داخل النبات للاستخدام البشري.

  3. يعد Pleuromutilins أحدث مضاد للجراثيم، إذ جاء إنتاجه بتقنية حيوية مستدامة، وقد وصل إلى الأسواق.

  4. دور الفطريات في علاج الاضطرابات المناعية بتأثيرها على الجهاز المركزي والجهاز العصبي.

  5. أهمية العدوى الفطرية لصحة الإنسان، ونظرة عامة على خيارات العلاج المحدودة وتوفّرها.

  6. الاقتصاد الحيوي لتجارة الفطريات.

  7. اكتشاف ووصف Hormoneama Carpetanum وإنتاج مضاد الفطريات المعروف باسم enfumafungin.

  8. اضطراب مناعي اكتشف حديثًا يدعى  CARD9لمشاكل العدوى الفطرية الجديدة.

  9. دور الكروماتين في تنظيم فطريات التمثيل الغذائي الثانوي، والتطبيق الناجح لـ CRISPR ‑ Cas9 في علم الفطريات الطبية.

  10. طرق العلاج والتشخيص الجديدة تحت التطوير.

 

وقد سلّطت منظمة الصحة العالمية الضوء على الفطريات المسببة للأمراض (مسببات الأمراض الفطرية)، إذ ناشد تقرير عالمي الجمهور والباحثين لأهمية إعطاء مزيد من الاهتمام لهذه المجموعة التي تم تجاهلها، إذ تُصنف قائمة مسببات الأمراض الفطرية ذات الأولوية لمنظمة الصحة العالمية 19 نوعًا ذات أهمية قصوى، كما أنها تتطلب أكبر قدر من الاستثمار في البحث والتمويل. علما أنّ مجال الأمراض الفطرية يحصل على أقل من 1.5% من حصة تمويل أبحاث الأمراض المعدية. نتيجة لذلك؛ فإن العبء الحقيقي للمرض الذي تسببه الفطريات غير معروف، وهناك أدلة محدودة وراء إرشادات العلاج الحالية في مجال الرعاية الصحية.

على رأس القائمة، توجد أنواع فطرية تهدد الرعاية الصحية بالفعل، كذلك لديها مقاومة متزايدة للعوامل المضادة للفطريات، مثل: Aspergillus fumigatus وCandida Auris..

إن العدوى الفطرية الناشئة عبر جائحة المقاومة البكتيرية لمضادات الميكروبات، آخذة في النمو، بل أصبحت أكثر مقاومة للعلاجات، ومصدر قلق للصحة العامة في جميع أنحاء العالم. في حين، لا يتوفر حاليًا سوى أربع فئات من الأدوية المضادة للفطريات، مع وجود عدد قليل فقط من الأدوية التي تخضع حاليًا للتجارب السريرية. بالإضافة إلى ذلك، فإن طرق تشخيص العدوى الفطرية أو الكشف عن مقاومة الأدوية ليس متاحا على نطاق واسع على مستوى العالم.

إرسال تعليق عن هذه المقالة