السنة 18 العدد 163
2023/01/01

"إشراقة" تضيء على مخرجات جامعة نزوى في ذكرى عالمية اللغة العربية

 


 

 

 

إشراقة: ذكريات خريج

 

تمرّ على الإنسان أحداث تستفزّ ذاكرته، إذ تربطه بأزمنة وأمكنة مضت تعيده إلى أحاسيس تشعره بالحنين إلى هذه اللحظات والعبرات. تحتفي صحيفة "إشراقة" في عددها 163، باليوم العالمي للغة العربية، الذي يحل في الثامن عشر من شهر ديسمبر الجاري من العام 2022م وكل عام، بلقاء أحد مخرجات قسم اللغة العربية فيها، لتجدها فرصة ثمينة لاسترجاع الذكريات وإلقاء الضوء على رحلة قصيرة في قطار الذكريات التيتزيد شعورنا بالأصالة والألفة مع مثل هذه المناسبات التراثية الرقراقة.

 

يقول ضيفنا في مستهل اللقاء: "بداية أتوجه بالشكر الجزيل وعظيم الامتنان إلى جامعة نزوى على إتاحتها هذه الفرصة للحديث عما يعتلج في النفس من ذكريات طيبة قضيناها بين جنبات صرحها العلمي، وهي دائما سبّاقة في الاهتمام بخريجيها تساؤلهم بين الحين والآخر". يحتضن باب (ذكريات خريج) في هذا العدد الخاص الدكتور عبد الجليل بن سعيد بن سالم العميري، من مواليد 1981م، متزوج وله خمسة أبناء، درس المرحلة الأولى في مدرسة القرية واسمها آنذاك مدرسة ابن بركة، ثم أكمل دراسة الثانوية في معهد السلطان قابوس للثقافة الإسلامية، وبعدها أكمل دراسة البكالوريوس ثم الماجستير والدكتوراة، وحاليا يعمل أستاذا مساعدا بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بعبري".

 

الاتصال بالماضي

إن شعور المرء بالاتساق مع ذاته الحقيقية ينعكس على أثر علاقته بالماضي والحاضر والمستقبل، إذ يؤثر إيجابا على تحسين مفهوم الحياة لديه، ويرفع مستوى التفاؤل؛ ذلك شأن أصالة ذاكرة الدكتور عبد الجليل العميري الناتجة عن التحاقه بجامعة نزوى عام 2007م عندما فُتح برنامج الماجستير، وقد كان ضمن طلبة الدفعة الأولى، يقول: "كانت النفس ترغب في تخصص الدراسات اللغوية، إلا أنه لم يكن متاحا عندها فتخصصت في مجال الدراسات النقدية الحديثة، وقد مكثت سنتين لدراسة الماجستير في الجامعة، ولا يخفى على أحد أن الدراسة تأخذ جهدا من الدارس وتحتاج إلى التضحية بجزء من المال والوقت، ولا سيما أن البداية تكون شاقة على النفس، إلا أن المأمول من جني ثمارها هو ما يخفف على النفس ويدفعها إلى المصابرة والاجتهاد".

 

مقياس للتطوّر!

تظهر شخصية طالب العلم في كيفية تعامله مع ضغوطات الدراسة ومسؤوليات العمل، إذ تأخذ صبغة استفادته من تجارب سابقة ليتطوّر ويتقدّم من طريق مقياس حنين الذكريات إلى الماضي. وقد كان للعميري تجربة في أثناء مرحلة الدراسة استفاد منها كثيرا، بل يشعر تجاهها بالفخر، يرويها لنا بقوله: "كنت حينها أعمل في وزارة التربية _لم أكن مفرغا_ وفي الفترة المسائية تبدأ المحاضرات بالجامعة وتحديدا الساعة الرابعة وتستمر حتى الثامنة مساء، والمسافة بعيدة بين مقر العمل والجامعة فما أن أصل إلى البيت وأتناول الغداء إلا أبدأ مشوار المجيء إلى الجامعة، واستمر الحال على هذا الوضع سنة كاملة".

ويضيف: "بعدها بقيت سنة كاملة أكتب فيها الرسالة، ولعل شح المصادر والمراجع من العقبات التي تواجه كل باحث _ويزداد الوضع تعقيدا مع عدم التفريغ من جهة العمل_ وفرض عليّ موضوع البحث الرجوع إلى بعض المخطوطات الموجودة بوزارة التراث والثقافة، وهذا يتطلب جهدا إضافيا، وموافقة للحصول على هذه المخطوطات".

 

أسير الذكريات!

ماذا أضافت لك جامعة نزوى إلى جانب البعد الأكاديمي التعليمي؟ سؤال نطرحه أحيانًا ليساعدنا الحنين الاستباقي لتلك الأمكنة الفارقة في خضم لحظات تراود الفكر للتركيز في تفاصيل تبقى عالقة في الأذهان، قد يكون سحر إدراك اللحظات الفريدة؛ كي نحتفظ بها، يقول الدكتور عبدالجليل: "لا شك أن الدراسات العليا يكتسب منها الدارس مهارات التفكير العليا وآليات البحث والكتابة مع ما يصاحبها من مهارات أخرى، مثل: الثقة بالنفس، وطريقة الحوار، وآليات التواصل المثلى بين أطراف الاتصال، وهذه الأمور لعلها تكتسب من طريق ما يثيره الأساتذة من حلقات نقاش، أو متطلبات يكلف بها الطلبة".

 

 

 

حنين اليقظة

عندما تفتح صندوق الذكريات تجد عقلك أسيرا وأشخاصا وأحداثا تشعر تجاههها بالحنين والدفء، تركت في نفسك أحاسيس سعيدة والأوقات التي مضت. يؤكد العميري في سياق هذا قائلا: "أشد على النفس فقد من أسدى لك جميلا فكيف بمن أهداك علما باقيا؟ فمن تلك الذكريات الأليمة -ونحن في خضم دراستنا- تلقيت خبر وفاة أستاذنا علال الغازي، رحمة الله عليه، وكان الخبر شديدا على النفس خاصة أنه أحد الأساتذة الفضلاء ممن تتلمذت على يديه في مرحلة البكالوريوس سابقا". 

ويضيف: "وإذا كان الشاعر تختلج في نفسه مشاعر الحب والشوق كلما مرّ على ديار محبوبته:

أمر على الديار ديار ليلي    أقبل ذا الجدار وذا الجدار

 

فلا شك أن النفس تسعد وتنشرح عند مجيئها إلى الجامعة، فكل جنباتها يذكرها بتلك الأيام التي قضتها تعلما وتعليما فيها، ولعل من طبيعة الدارس أن الأماكن التي درس فيها تحمل مكانة مرموقة في قلبه؛ لأنها منارات الهداية، أما الشخصيات التي أكن لها اعتزازا في نفسي وتقديرا فهي للأساتذة الفضلاء الذين أمضوا عمرهم تعلما وتعليما، الذي يسعد الواحد منهم حين يبادر إلى حل معضلات الطالب، فممن شهد له بهذا الوصف أستاذنا الدكتور سعيد جاسم الزبيدي، فقد درست على يديه بين جنبات هذه الجامعة وخارجها، ولا يأل جهدا في المتابعة والسؤال، ولا يقصر توجيهه على طلبته، بل يفرغ جهده لكل سائل قصده وقد يتقصده؛ وأستاذنا عبد المجيد بنجلالي فله ملاحظات ناقدة وكتاباته تبين عن عالم ناقد ضليع في تخصصه؛ ومن تلك الشخصيات التي بقي تأثيرها لدي شخصية أستاذنا الدكتور محمد لطفي اليوسفي فهو عميق الفكر في تخصصه".

 

تطلعات مشروعة

الاتصال بماضٍ مشرق تجاه جامعة نزوى يعزز ثقة الدكتور عبدالجليل العميري في توثيق علاقته بها، ورفع مستوى التواصل، يقول: "علاقتي بالجامعة في الوقت الحاضر أنها أتاحت لي فرصة التعلم ثانية في مناقشة طلبة الماجستير، وآمل لاحقا إلى الاستفادة بشكل أفضل من المصادر والمراجع الموجودة في الجامعة. ونصيحتي إلى إخواني الدارسين إلى اغتنام هذه الفرصة وبذل طاقاتهم لاكتساب العلم -مع إخلاص العمل لله- والاستفادة من كل ما توفره الجامعة في سبيل نيل طلبتها العلم. وأتوجه بالشكر الجزيل ثانية إلى جامعة نزوى على إتاحتها هذه الفرصة للبوح عما في النفس، وكذا أتوجه بالشكر لمن أجرى هذا اللقاء".

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة