السنة 17 العدد 162
2022/12/01

للجامعة عطرٌ أيضا ... زهور يانعة وبساتين متنوّعة تحفها أيدي الذكريات

 

 


 

 

إشراقة: ذكريات خريج

 

يحمل كل خريج سلك طريق العلم توددا وحبّا ذكريات عظيمة وعَبَرَات دافئة، ودّعتها الأيام لكن لم تغبِ عن القلب، خصوصا تلك الذكريات التي تجمّلها مشاعر الطالب وحيويته في سنوات الدراسة، ونشاطه المؤثر الذي أحدثه، وصحبة العلم وطلبته. ربما تنازعه نفسه للعودة إلى أروقتها طالبا أو زائرا؛ ليستنشق رائحة الأماكن بذكرياتها الحلوة والمرّة. نصحبكم في عمود "ذكريات خريج" في هذا العدد من إشراقة مع خريج درجة الماجستير في قسم اللغة العربية بكلية العلوم والآداب في جامعة نزوى، حمود بن سعيد بن خلفان العيسري، من ولاية إبرأ، إذ وُلد ونشأ ويقيم فيها.

 

 

التحق حمود العيسري بالجامعة ضمن دفعة العام الأكاديمي خريف ٢٠١٦م، فكانت رحلته حتى تخرجه فيها رحلة طيبة، مازج فيها متعة التعلم المشقة، والإنجاز إثر العناء إذ له لذة عجيبة، فقد كانت الدراسة تقتضي سفره مرتين في الأسبوع طوال فصول الدراسة السبعة التي استغرقها، فلم يكن مستقرا في نزوى لارتباطه العائلي، ولكن -بفضل الله- هانت وتيسرت حتى بلغ لحظة الختام والتخرج ولله الحمد.

 

معرفة جديدة

 

بطبيعة الحال أي بيئة جامعية تزخر بفرص فريدة تمتاز عن غيرها من البيئات، هذه الفرص تحتاج إلى طالبٍ نجيب يعرف كيفية اقتناصها وتحصيل أجمل ما فيها. وللعيسري نصائح مجرّب في هذا السياق، ينثرها بين عيني القارئ الكريمتين في هذه السطور، قائلا: "جامعة نزوى بيئة علمية جديدة بكل ما فيها: موقعها، وأساتذتها من أقطار شتى وتوجهات أكاديمية مختلفة ومشارب علمية متباينة، كل هذا أكسبنا معرفة جديدة وأطلعنا على تجارب علمية ثرية، وكذلك فإن رفقاء الدراسة كان لهم دور في الحفز الدراسي مدة دراسة الماجستير، فهم ذوو معارف متنوعة وتجارب وظيفية مختلفة ومن أعمار متباينة، فلا شك أن الدارس حينها يغذي طموحه بما يرى من تنافسية شريفة في مقاعد الدراسة".

 

 

حنينٍ أخّاذ

 

يرى العيسري جامعة نزوى بكوادرها الأكْفاء وطاقمها المخلص يسعون جاهدين تفانيا لتقديم الأفضل لطالب العلم؛ لذا يحتاج هذا الإحسان من المتعلم إلى ذكر وشكر واجتهاد ليرد الصنيع. يقول حمود: "عندما نذكر في الجامعة أستاذا غيورا على العلم أفنى شبابه في تعليمه وتعلمه، ناصحا تلاميذه مخلصا في أداء واجبه؛ فإننا ننقاد إلى ذلك الحنين الآخذ بنا إلى تلك الذكريات الجميلة، ونود لو أن لنا به وأمثاله صلة دائمة تبعث على الاهتمام العلمي والتبادل المعرفي، وجملة من الأساتذة هم في مقام العلماء في اختصاصهم كان لهم دور بارز في حفظ مكانة الجامعة علميا، وتحبيب الطلبة للالتحاق بها، وكذا فإن حسن التعاون الإداري والتلاقي بين زملاء الدراسة يثير في النفس اشتياقا لتلك الأيام البهية".

 

الأصل باقٍ

 

معيّة الإخوان والصحبة الصالحة لا يمكن المساس بأهميتها في طلب العلم، فلا صديق السوء قادر على النهوض بك ومساعدتك في هذا المشوار المفصلي في حياة كل إنسان، ولا العزلة تنفع وترقى بصاحبها؛ بل لقيا الأصدقاء يجدد الروح ويشحن الهمم ويحفّز الطاقات.  وقد حكى لنا العيسري عن بعض الشخصيات البارزة في جامعة نزوى مقدّرا إياها بالكثيرة، يقول: "لعل من المحرج أن لو ذكرت بعضا وغفلت عن بعض، ولكن كما قلت من قبل فإن جملة من معلمينا في تخصص الأدب الحديث أبلوا بلاء حسنا في ما أوكل إليهم. أما الذكريات فإن مما علق في ذهني أن كان رئيس الجامعة قد اجتمع بالمقبولين في ذلك العام الدراسي٢٠١٦م، وقال لنا في كلمة الترحيب: (إن كل واحد منكم من الآن هو خريج والأيام تمضي سراعا) أو كما قال، وقد كان لتلك العبارة الأثر البالغ في نفوسنا، وكذا هو أثر الكلمة الطيبة.

 

 

الدراسة الجامعية تجربة عمر ثرية تعلّمنا منها الكثير؛ تخرجنا لنمضي في طريق آخر ليأتي جيل بعد جيل ... وهذه سنة الله في خلقه، نودّعها والأثر باقٍ، قد يصنع طالب جُلَّ حظّه مما أتاحة له البيئة الجامعية من إمكانات ومنافع، وقد يغفل آخر تقصيرا أو إعراضا؛ لذا تتباين علاقات الطلبة بجامعتهم بعد التخرّج كل حسب ما صنع وتفاعل، انظر إلى ما قاله العيسري توطيدا لعلاقة متنية جمعته بجامعة نزوى: "هي علاقة صامتة، تخفي مودة، ولا تظهر عشقا، ويحدونا الأمل أن نواصل فيها دراسة الدكتوراة، ولئن كان المرء مدينا لمعلم علمه، فكيف لمؤسسة بأكملها؟!".

 

لك فرصتك فخذها

 

اذهب يا من منَّ اللهُ عليك بالقبول في مقعد الدراسة في مؤسسات التعليم العالي للعلم متسلحًا بالعزيمة والصبر، إذ ستجد أثر ذلك بليغا في نفسك ومجتمعك. ونحن في لقائنا المتجدد مع هذا العمود الشهري الدائم نسأل خريج جامعة نزوى في نصيحة يوجهها إلى طلبة العلم، وإذ كان إنشاء الطلب لأديب، فلا عجب أن الإجابة سيجنيها القارئ مقطوفة من دوحة الأدب، يقول العيسري نصيحتي لنفسي وإخوتي:

 

"واغتنم الفرصة إن الفرصة

تصير إن لم تغتنمها غصة"

 

وكما قال الشاعر:

"....وما فرصات الدهر إلا اغتنامها"

 

وقل لنفسك:

"لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى

فما انقادت الآمال إلا لصابر"

 

واصبر على الصعب، وتذكر قول الشاعر:

"فإن بقصد الله تغدو صعابها ... وإن عظمت قدرا أذل مقود

 

وإني لأحث نفسي وأدعو إخواني كي نتواصى بالمعروف والحث على طلب العلم خالصا لوجه الله الكريم، فثم الفوز والفلاح، والحمد لله رب العالمين".

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة