التقويم التربوي ودوره في تطوير المنظومة التعليمية
الدكتور ناصر بن سليّم المزيدي
مساعد العميد لتنمية المهارات الأساسية
ترقى الأمم وتتطور بتطور أنظمتها التعليمية والاقتصادية والاجتماعية. ويقع العبء الأكبر في التطوير على النظام التعليمي؛ ولكي يرقى النظام التعليمي لابد أن يتم تقويمه بين فترة وأخرى، حتى يحقق الأهداف المنشودة التي وضعتها الدولة.
والتقويم التربوي هو الأداة المسؤولة عن إحداث التغيير في الأنظمة التعليمية، فمنه يتم تعديل وتصحيح المسار في الخطط التربوية؛ كي تحقق غاياتها المؤملة وأهدافها المحددة.
ويعرف كل من المحاسنة، ومهيدات (2009، 22) التقويم بأنه: "عملية منظمة لجمع وتحليل المعلومات بغرض تحديد درجة تحقيق الأهداف واتخاذ القرار بشأنها"، في حين يذكر ملحم (2017) أن التقويم التربوي يراد به أحد ثلاثة أشياء، هي:
1- بيان قيمة تحصيل الطالب، أو مدى تحقيقه لأهداف التربية.
2- تصحيح تعلم الطالب؛ أي تخليصه من نقاط الضعف في تحصيله.
3- تحديد أيام الدراسة والعطل والامتحانات (روزنامة).
والتقويم التربوي لا يكتفِ فقط بمعالجة جوانب الضعف في أي برنامج تعليمي، إنما يتعاده إلى تعزيز جوانب القوة، وتحقيق النمو الشامل المتكامل، وتنظيم وتطوير العملية التربوية وبيئتها. وعليه فالتقويم في جوهره إصدار الحكم على الأداء؛ بحيث يتم تحديد مستواه وفقا لمعايير محددة أو على الأفراد للمفاضلة بينـهـم مـن حيـث خصائصهم، صفاتهم، قدراتهم ... إلخ، أو على الأشياء من حيـث مناسبتها أو وملاءمتها أو صلاحيتها أو عدم صلاحيتها، أو على الموضوعات من حيث الأفكار والإنجازات والمعالجات.
(المحاسنة، والمهيدات، 2009)
وبما أن التقويم التربوي له غايات وأهداف يتوخى الوصول إليها، فإن لعملية التقويم التربوي خصائص تجعله يقوم بعمله بصفه ناجحة، وقد اتفقت مجموعة من المراجع التربوية على بعض الخصائص، واختلفت في خصائص أخرى، ومن تلك الخصائص المتفق عليها (المحاسنة، ومهيدات، 2009، الحريري، 2014، ملحم، 2017، علام، 2019):
1- الشمولية: ويقصد به ارتباط عملية التقويـم بمختلف أنواع الأهداف وشموليتها لكل مستوياتها التي نرغب في تحقيقها.
2- الاستمرارية: ونعني بالاستمرارية هنا هو أنها تتم في مختلف مراحل البرنامج الذي يتم تقويمه أي قبل وفي أثناء وبعـد انتهاء البرنامج قيـد الاهتمام (ملازمة لجميع مراحل التخطيط والتنفيذ)، كما أنها مقترنة بسير البرنامج، ففي العملية التعليمية التعلمية لا بد أن يكون التقويم مواكبا ومستمرا في أثناء التدريس، ويتخلل معظم جزئياتـه كمـا يجـب أن يكون ملازما للنشاطات التي يقوم بها المتعلم.
3- التعاونية: ويقصد بها أن عملية التقويم يشارك فيها كل من له علاقة بالعملية التربوية، سواء أكانوا من الاختصاصيين في المادة الدراسية أم المشرفين التربويين أم الطلبة أنفسهم وأولياء أمورهم وكل من له اهتمام بالتربية من أبناء المجتمع والبيئة المحلية.
4- الموضوعية: وهي تشير إلى استقلال نتائج عملية التقويم عن الأحكام الذاتية للقائم بعملية التقويم، وهذا يرجع إلى موضوعية الأدوات المستخدمة في التقويم.
5- العدالة: إذ يركز التقويم على جميع الجوانب الخاصة بعملية التقويم دون إفراط في جانب أو تفريط في جوانب أخرى.
6- تنوع أساليب التقويم وأدواته: يتم جمع البيانات بأدوات عدة مختلفة، وهذا يفيد في معرفة صدق البيانات المجمعة، إذ يتم استخدام الاختبارات، وبطاقات الملاحظة، والاستبيانات، وسلالم التقدير وغيرها من الأدوات للوصول إلى حكم موضوعي وواقعي وحقيقي.
7- المرونة: تأتي مرونة عملية التقويم من مواجهتها لما يطرأ من بعض التغيرات على عناصر العملية التعليمية، إذ يجب أن يعطي التقويم بدائل مرنة غير جامدة، لاسيما فيما يخص اتخاذ القرارات والإصلاح والعلاج.
وعلى ضوء تلك الخصائص فإن التقويم التربوي يعمل على تحقيق جملة من الأهداف التي تساعد على تطوير المنظومة التعليمية منها (ملحم، 2017):
أولاً: أهداف عامة للتقويم التربوي:
1- معرفة مدى تحقق الأهداف المرسومة.
2- الكشف عن فعالية العملية التربوية ككل.
3- التأكد من صحة القرارات المتخذة في العملية التربوية.
4- الحصول على معلومات وإحصائيات خاصة بمدى الإنجازات والأوضاع الراهنة، وبيان نقاط القوة والضعف.
ثانياً: الأهداف الخاصة للتقويم التربوي:
1- تشخيص جميع المجالات الخاصة بالعملية التربوية.
2- تقييم جميع الجوانب المتعلقة بعملية التعليم والتعلم.
3- تزويد المعنيين بالعملية التربوية بتقارير تبين نقاط القوة والضعف، وإعطائهم مقترحات إزاء كل نوع.
وكما هو معلوم فإن تحقيق الأهداف العامة منها أو الخاصة في عملية التقويم التربوي يؤدي بدوره إلى تطوير المنظومة التعليمية بشكل عام وخاص، ويؤدي كذلك إلى قيام جميع المعنيين بالعملية التعليمة إلى أداء أدوارهم المختلفة بمعايير ذات كفاءة عالية، ففي عملية التقويم يتم تقويم عناصر عدة في المنظومة التعليمية (الحريري، 2014)، هي:
1- تقويم المدخلات: يكون الهدف منه إصدار الحكم على مدى جودة جميع المدخلات.
2- تقويم العمليات: يركز على عمليات النظام التعليمي بهدف إصدار الحكم على مدى جودة وكفاءة تلك العمليات.
3- تقويم المخرجات: ويركز هذا النوع على نواتج النظام التعليمي، فهو يهدف إلى إصدار الأحكام على مدى جودة وكفاءة المخرجات الفعلية للنظام، من طريق نموذج مخرجات معياري مشتق من الأهداف الخاصة بالنظام.
إن لعملية التقويم التربوي دور كبير وحساس في تطوير المنظومة التعليمية، تبدأ من مرحلة وضع الأهداف، مرورا بالعمليات والإجراءات، وانتهاء بالمخرجات، كل تلك الإجراءات يجب أن تتصف بالصدق والثبات والموضوعية، حتى يسهم التقويم التربوي في إجراء تحسينات جذرية ومرغوبة في النظام التعليمي. ويجب أن تجرى عملية التقويم التربوي بشكل دوري حتى نضمن الفائدة المرجوة منها في عملية التطوير.
المراجع:
الحريري، رافدة. (2014). التقويم التربوي. دار المناهج للنشر والتوزيع.
علام، صلاح الدين محمود. (2019). القياس والتقويم التربوي في العملية التدريسية. ط6. دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.
المحاسنة، إبراهيم محمد، ومهيدات، عبد الحكيم علي. (2009). القياس والتقويم الصفي. دار جرير للنشر والتوزيع.
ملحم، سامي محمد. (2017). القياس والتقويم في التربية وعلم النفس. ط8. دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.