السنة 17 العدد 161
2022/11/01

خبراء ومختصون يؤكدون:

"الوقف التعليمي" خيار استراتيجي للنهوض بالتعليم العالي

 

 


 

 

الاستدامة والإنماء والتطوير الغاية من "الوقف"، ونجاحه مرهون باستجابة مؤسسات المجتمع وأفراده مع توجهاته

 

وجود مظلة قانونية منظمة مرنة ومؤسسات فاعلة تدير أموال "الوقف" أبرز التحديات  

 

تتنوع أشكال الوقف في صور عدة، منها: دعم الرسوم الدراسية، وبناء مراكز بحثية، وتوفير مصادر للتعلم ومرافق وخدمات تعليمية مختلفة

 

سليمان الحسيني:

الاستثمار في الوقف التعليمي مثمر ومرحلة التأسيس بالمفهوم المعاصر تتطلب ثقة أصحاب رؤوس الأموال ووعي المجتمع بأهميته 

 

خالد الرحبي:

مشاريع الوقف التعليمي أحد الخيارات الاستراتيجية لتطوير العملية التعليمية في العالم

 

مدرسة الشيخ الفقيه ابن بركة ببهلا تُعد من مفاخر التاريخ العماني التي اعتمدت على الوقف 

 

عيسى السليماني:

تعزيز مفهوم الوقف التعليمي يأتي بنشر أبعاد الوقف الذي شجع عليه الإسلام



تحظى مشاريع "الوقف التعليمي" في العالم اليوم بالكثير من الرعاية والعناية، نظير ما تمثله من عوائد اقتصادية واجتماعية عديدة، وقد أسهمت النجاحات التي حققتها دول كثيرة في العالم في مجال "الوقف التعليمي" في النهوض بهذه التجربة ورعايتها، من طريق تعزيز المبادرات والإسهامات التي تتبنى مشاريع الوقف التعليمي خاصة بالنسبة لقطاع التعليم، وتحديدا التعليم العالمي، إذ برزت  العديد من المؤسسات التي أصبحت تمتلك مصادر متنوعة من التمويل الذاتي، لخططها وبرامجها ومشاريعها المستقبلية.

 

 

 

 

ولم يكن الوقف التعليمي في سلطنة عمان بالجديد، بل هو امتداد لتأريخ متأصل منذ القدم، فكانت تجربة ثرية بالكثير من التفاصيل التي رفعت مكانة العلم والعلماء على مدى سنوات طويلة، وخرجت دور العبادة ومدارس العلم، التي رعتها أموال الوقف من العلماء ما يشهد لهم بالبنان، فأتت العناية بـ "الوقف التعليمي" عبر مجموعة واسعة من وسائل الدعم التي أسهمت في التأسيس للمكتبات والمدارس وغيرها من المشاريع، ومنها على سبيل المثال: تفعيل الدور التعليمي للمساجد، فأصبحت بفضل الأوقاف مؤسسات تعليمية إلى جانب ما تؤدى فيها من عبادات، ورعاية المعلمين والمتعلمين، وتوفير احتياجاتهم من طريق عائدات الأوقاف، ودعم المكتبات وتوفير الكتب وصيانتها، والاستفادة من تجربة الأفلاج العمانية، بحيث تخصص كل شركة مساهمة في البلد نسبة من أصولها أو عائداتها السنوية لدعم صندوق الوقف التعليمي، إلى جانب الاستفادة من الإرث الحضاري للوقف التعليمي في عمان لبناء رؤية معاصرة للأوقاف التعليمية.

 

الدور التاريخي للوقف التعليمي في عمان

 

وتأكيدا لأهمية ذلك الدور التاريخي ونظرا لما تمثله مشاريع الوقف من أهمية في دعم العلم والمتعلمين ومساندتهم، أقامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في يونيو 2022م ندوة عنوانها: "الوقف التعليمي في مؤسسات التعليم العالي"، التي شهدت حضورا مميزا، قدمت فيها 9 أوراق عمل متخصصة في مجال الوقف التعليمي، وأكدت على أهمية النهوض بقطاع التعليم الوقفي وضرورة إيجاد التشريعات المنظمة والجاذبة لهذا النوع من المشاريع، التي أثبتت جدواها ومكانتها بالنسبة للكثير من المؤسسات التعليمية الرائدة على مستوى العالم، وإنشاء صندوق وطني للوقف التعليمي يعنى بـ "الوقف التعليمي".

 

ونظرا للأهمية التي باتت تمثلها مشاريع "الوقف التعليمي"، والدور الكبير المنوط بها في المرحلة القادمة، خاصة في ضوء ما تحققه من نتائج إيجابية على مختلف المستويات، تسلط (إشراقة) الضوء على هذا الموضوع من طريق لقاءات مع عدد من الباحثين والمختصين والمهتمين بموضوع "الوقف التعليمي"، الذين أكدوا على ضرورة العمل على توفير مصادر تمويل متعددة، أبرزها: الوقف التعليمي، والهبات والتبرعات للوصول إلى الاستدامة المالية بهدف تحقيق الأهداف والتطلعات التي يرجوها الجميع من وجود قطاع تعليم عالٍ قادر على تلبية احتياجاته من البرامج والمشاريع التعليمية المختلقة، بجانب رعاية المتعلمين ومساندتهم والوقوف معهم.

وهنا نحضر بشكل مختصر كلمة معالي الدكتورة رحمة المحروقية، وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، التي قالتها في افتتاح الندوة التي أشارت فيها إلى أن حجم التحديات الكبيرة التي فرضتها الأزمات الاقتصادية وتذبذبات أسعار النفط العالمية، التي ألقت بظلالها على كافة القطاعات بما فيها قطاع التعليم العالي في سلطنة عُمان، كما أن مؤسسات التعليم العالي -وفقاً للتوجهات الاستراتيجية لسلطنة عمان- مطالبة برفع مستوى جودة التعليم المقدم فيها، والارتقاء به في التصنيفات العالمية، والإسهام في تعزيز الاقتصاد المبني على المعرفة، وأن تكون لها الريادة في مجالات البحث العلمي والابتكار، وأن تكون قادرة على تلبية الطلب المتزايد من المجتمع على التعليم العالي، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا بتكاتف الجميع ومشاركة وتكامل مختلف القطاعات من مؤسسات وأفراد، وتوفير مصادر تمويل متعددة، هي: الوقف التعليمي والهبات والتبرعات للوصول إلى الاستدامة المالية لتحقيق الأهداف والتطلعات المنشودة.

 

تمكين مؤسسات التعليم العالي

 

وقالت معالي الدكتورة: "إن الوزارة أصدرت القرار الوزاري رقم (74 / 2021) بتاريخ 24 أغسطس المنصرم، الذي مَكَّن المؤسسات التعليمية العليا من قبول التبرعات والهبات وتسميتها وفق أسس وأنظمة مرنة داعمة ومشجعة لمبادرات الوقف التعليمي، وتمكين المؤسسات من تنويع مصادر التمويل وتوفير مصادر مستدامة لها، وفي هذا السياق فإن الوقف التعليمي يتمثل في العديد من الصور والأنماط، هي: دعم الرسوم الدراسية من طريق صناديق الطلبة الوقفية، وبناء مراكز بحثية محددة، أو توفير مصادر للتعلم أو مرافق وخدمات تعليمية أو مساكن للطلبة، وغيرها من نماذج الوقف المتعددة ... وجميع ذلك وفقاً للاشتراطات والضوابط الموضوعة بما يفرضه نظام حوكمة المؤسسات والمرافق والخدمات الوقفية، مؤكدين في هذا الشأن على أن العديد من مؤسسات التعليم العالي في سلطنة عمان تتبنى رؤية ورسالة المؤسسات الأهلية أو ذات النفع العام وليس غايتها الربح أو الاستفادة المادية.

 

الدكتور سليمان بن سالم بن ناصر الحسيني ـ باحث في مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية بجامعة نزوى – أكد في حديثه على الأهمية التي بات يمثلها "الوقف التعليمي"، وجاء في معرض حديثه في سؤال عن أهمية تبني مشاريع "الوقف التعليمي" من حيث العوائد والاقتصادية والاجتماعية والأكاديمية، قال: "الوقف التعليمي يمثل جانبا مهما، وله الكثير من النتائج المفيدة للمجتمع بشكل عام والقطاع التعليمي بشكل خاص لا سيما التعليم العالي، فالوقف يعني في حقيقته الاستدامة والإنماء والزيادة وليس الاستهلاك والفناء؛ أي استدامة رأس المال وإنمائه بتعهد الأصول ورعايتها وتنميتها وزيادة فوائدها وعوائدها. ثم يأتي بعد ذلك استثمار الفائض من تلك العوائد في احتياجات التعليم ومتطلباته، متى ما كان التعامل مع الأوقاف من هذا المنطلق كانت فوائدها مضاعفة وأصولها نامية وأرباحها متجددة، ومصدر مستدام غير ناضب للسيولة النقدية التي تحتاجها المؤسسة التعليمية في تسيير شؤنها".

 

 

 

 

 

ويكمل الدكتور سليمان الحسيني حديثه قائلا: "عندما يصبح الوقف مصدرا قويا وموثوقا ومعتمدا عليه للسيولة المالية التي تحتاجها المؤسسات التعليمية، لا سيما الجامعات، لتحسين خدامتها وتطوير قطاعاتها البحثية والتعليمية، فإن الجامعات وغيرها من مؤسسات التعليم العالي ستتطور وتنموا وتصبح قادرة على مواكبة العصر ومتطلباته ومعطياته".

 

التعليم أكثر القطاعات نموا وتغيرا

 

وأضاف الحسيني: "التعليم واحد من أكثر القطاعات نموا وتغيرا في هذا العصر؛ وبذلك فإنه قطاع مستهلك للمال لكن أيضا بقدر ما هو مستهلك فإنه قطاع منتج للمال؛ لذا هناك فرص كثيرة في التعليم الجامعي لاستثمار المال الوقفي؛ لأن التعليم الجامعي مرتبط بكثير من المجالات المولدة للمال، منها على سبيل المثال البحث العلمي الذي يدر على الجامعات البحثية في الدول المتقدمة الكثير من المال، ومنها كذلك الطب إذ تمتلك الجامعات في الكثير من الدول المتقدمة المستشفيات الجامعية التي تقدم خدماتها للجمهور مقابل مبلغ مالي، وعادة ما تكون المستشفيات الجامعية من أكثر المستشفيات تقدما؛ لأن الكادر الطبي العامل بها من الأساتذة الجامعيين الذين يدرسون الطب وتخصصاته المختلفة ويجرون فيه البحوث والدراسات، ومن هذا المنطق الاستثمار في الوقف التعليمي مثمر جدا وتجارة رابحة تساعد التعليم على التطوير وتساعد المال على النمو، وأصبحت الكثير من الجامعات تستثمر الفائض من عوائدها المالية في الصناعة من طريق شراء أسهم المصانع والشركات".

 

وأجاب الدكتور سليمان الحسيني عن سؤال في الجوانب التي يمكن أن تعزز من مفهوم "التعليم الوقفي" في سلطنة عمان، والتحديات التي قد تعترض تنفيذ المشاريع الوقفية في مجال التعليم العالي، قالئلا: "في نظري التحدي الجوهري في المرحلة الحالية التي تعد مرحلة التأسيس للوقف التعليمي بمفهومه المعاصر كثقافة وممارسة هو كسب ثقة صاحب المال؛ أي ثقته في قدرة الجامعة على الاستثمار الرشيد للوقف من حيث استدامته وتنميته وإكثاره وعدم هدره وتضييعه، ما لم تكن الجامعة مؤسسة قادرة على استدامة الأصول الوقفية بتشغيلها في مشاريع مدرة للمال، وذات عوائد وأرباح مالية تصب في ميزانية الجامعة وأهدافها، فثقة صاحب المال في الجامعة لن تكون بالمستوىا لذي يساعد على انتشار ثقافة الوقف للتعليم وممارسته، صاحب المال لا يريد أن يضع ماله في يد لا تحفظ ذلك المال ، يقول تعالى في سورة النساء الآية 5: "وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا"، فما بالك بالمال الوقفي الذي يريد صاحبه منه أن يكون صدقة جارية يناله أجره وثوابه عند انقطاع العمل إلا من صدقة جارية كما أرشد نبي الأمة عليه الصلاة والسلام.

 

وفيما يتعلق بمدى ما يمكن أن تسهم به المشاريع الوقفية في دعم العملية التعليمية، قال الدكتور سليمان: "المشاريع الوقفية التعليمية يمكنها دعم العملية التعليمية إذا ما استثمرت استثمارا جيدا بالشكل الذي يضمن لها الاستدامة والربحية. أما إذا كان مصير الأوقاف الإهمال وعدم الاستثمار، فإنها ستكون عالة على المؤسسة التعليمية ولن تكون قادرة على رفد ميزانية المؤسسة بما تحتاج إليه من أموال".

 

وأضاف: "الاستدامة والإنماء والتطوير مهم للغاية للاستفادة من الوقف في مجال التعليم، والمجتمع يمكن أن يسهم في تحقيق ذلك عبر المجالس التوجيهية والمجالس التنفيذية التي تتضافر فيها الجهود لتوجيه الوقف الوجهة الصحيحة التي تحقق الاستدامة والإنماء والتطوير، ثم العائد المادي الذي يصب بدوره في العملية التعليمية ومتطلباتها المالية. وإذا ما أثبتت تجربة الوقف العلمي نجاحها فإن ذلك سيكون دافعا ومحفزا لأصحاب الأموال الراغبين في الأجر والثواب للسعي إلى وقف أموالهم".

 

خيار استراتيجي

 

من جانبه أشار خالد الرحبي، مختص ومهتم بمشروع الوقف التعليمي، في حديثه إلى أن الوقف التعليمي يمثل أحد الخيارات الاستراتيجية لتطوير العملية التعليمية في العالم؛ لأن من أسس الوقف وأركانه التي يقوم عليها الاستدامة؛ لذا فإن استدامة التمويل لقطاع التعليم، ينعكس إيجابا على القطاع، فلا يتأثر التعليم بطبيعة الدعم المالي الذي يتأثر بطبيعته بالمشكلات الاقتصادية، فالوقف ضمان للعملية التعليمية".

 

 

 

 

وقال الرحبي في رده عن سؤال يتعلق بقدرة "التعليم الوقفي" بالنهوض بقدرات الجامعات الخاصة وإمكاناتها إذا ما أحسن استثمار الفرص المتاحة: "بالرجوع إلى الإرث الحضاري العماني في جانب الوقف التعليمي ودراسته، يمكن البناء على ذلك الإرث في تجديد الأفكار التي تخدم التعليم العالي، من ذلك التفكير في برامج وقفية تقوم على دعم الطلبة من طريق القروض الحسنة الميسرة للتحصيل العلمي في البكالوريوس والماجستير والدكتوراة، إضافة إلى إنشاء مرافق جامعية وقفية، وهناك أفكار أخرى مثل دعم الوقف للكراسي العلمية، ودعم البحوث العلمية، وغيرها".

 

وفيما يتعلق بالتحديات التي يمكن أن تقف وراء تنفيذ مشاريع وقفية تعليمية، قال: "التحديات كثيرة، منها مالي، ومنها إداري واستثماري، ومنها ما يتعلق بوعي مؤسسات التعليم العالي بأهمية الوقف، إلا أن وجود مظلة قانونية مرنة تنظم الوقف التعليمي، ووجود مؤسسات فاعلة تدير الأموال، وتستثمرها بطريقة آمنة وسليمة؛ كفيل بالتقليل من أثر هذه التحديات في أي مشروع وقفي ومنها الوقف التعليمي".

 

ورد خالد الرحبي في سؤال عن مدى ما يمكن أن تسهم به المشاريع الوقفية التعليمية في دعم العملية التعليمية، وكيف يمكن للمجتمع بمؤسساته وأفراده أن يكون جزءا وشريكا في هذا المشروع، قال: "النجاح الذي حققته وتحققه مؤسسات تعليمية عربية وإسلامية وعالمية في إدارة الوقف التعليمي وتوظيفه والاستفادة منه في تمويل التعليم، مؤشر مهم على أن الوقف التعليمي له دور كبير ومهم في دعم العملية التعليمية، ويمكننا تقديم تجربة جيدة نبدأ بها من حيث انتهى الآخرون في مسيرتهم الوقفية".

 

وأضاف: "المدارس الوقفية المشهورة في عمان، التي تُعد من مفاخر التاريخ العماني؛ مدرسة الشيخ الفقيه ابن بركة ببهلا، التي كان بها سكن لإقامة الطلاب، وكانت تعتمد على الوقف في إدارتها، وهي مدرسة سبقت (المدرسة النظامية) التي أقيمت في بغداد، إذ تعد من مفاخر الحضارة الإسلامية، وهي سابقة على تجربة جامعتي أكسفورد وهارفارد بزمن طويل ... لذلك أقول إن المجتمع العماني فيه الخير، وهو سبَّاق لكل مكرمة وفضل ... ومع توجيه الأنظار إلى أهمية الوقف التعليمي، سيقدم أفكارا مبتكرة في تطوير الوقف التعليمي الحديث".

 

وقد شاركنا الأستاذ الدكتور عيسى بن محمد السليماني، أستاذ النقد الأدبي الحديث في قسم اللغة العربية بجامعة نزوى، في هذا الاستطلاع، إذ أوضح أن الوقف التعليمي أمر في غاية الأهمية، يعد الشريان والداعم الاقتصادي له؛ لذلك حث الإسلام على الوقف عامة؛ وعلى الوقف التعلمي خاصة، فلو عدت إلى ما أوقفه الآباء والأجداد لتبين أهمية هذا الجانب، لما له من دور كبير في دعم الحياة العلمية، فالتعليم شريانه المال، ودون الوفرة الاقتصادية المالية للتعليم لن تستطيع تحقيق ما تطمح إليه من تحقيق أبعاد اقتصادية تنموية، أو التقدم في المجالات البحثية الأكاديمية، وكذلك البعد الاجتماعي، ومن ذلك إن تحقيق الوقف يوفر لك الدعم اللازم في تحقيق تلك الأبعاد: الاقتصادية والعلمية والاجتماعية.

 

 

 

 

 

وأشار الدكتور السليماني إلى أن التعليم اليوم تختلف أدواته عن الأمس، وكما ذكرنا في الطرح الأول أن الوقف هو السبيل القوي في دعم المؤسسة التعليمية؛ خاصة التي تعتمد في التمويل على ذاتها، مثل الجامعات الخاصة، وحتى الحكومية، إذ رأينا مجموعة من الجامعات الحكومية طورت موضوع الوقف التعليمي، وبذلك استطاعت النهوض ببرامجها البحثية في عالم متسارع. والبرامج التعليمية المختلفة نستطيع النهوض بها إذا كنا نملك دعما اقتصاديا قويا؛ فالمؤسسة الأكاديمية البحثية تستهلك موارد مالية كبيرة؛ من أجل التمويل البحثي الذي غالبه يحتاج إلى أدوات ومتطلبات كثيرة، عليه يجب أن تسعى هذه المؤسسات الأكاديمية في تحقيق السهم الوقفي التعليمي، الذي يعد اليوم ركيزة مهمة في دعم البحث العلمي والمؤسسة التعلمية.

 

وأكد الدكتور عيسى السليماني على أن تعزيز مفهوم الوقف التعليمي، يأتي من طريق نشر أبعاد الوقف الذي شجع عليه الإسلام، والمتقصي لأوقاف عمان السابقة، أجدادنا خصصوا وقوفات تخص التعليم، وتعلم القرآن الكريم. فمن طريق نشر ثقافة الوقف التعليمي بين أفراد المجتمع إعلاميا وقاعات التعليم، سيتهيأ لهذا المشروع إعادة حياته، مثلما تبناه السابقون.

 

وفيما يتعلق بالتحديات التي قد تواجه مشاريع الوقف التعليمي، قال: "يمكن أن تواجه قطاع التعليم الوقفي؛ ويتمثل جزاء من هذه التحديات في الظروف الاقتصادية التي تمر بها المجتمعات، كذلك الفكر السائد أن هذه المشروعات من فروض المؤسسات الحكومية، وهي المسؤولة عنها، ومنها عدم استثمار الفائص من الأموال في المؤسسات التعليمية".

 

وقال إن تطوير التعليم بشتى أنواعه وفروعه، والوقف يجب أن تسهم فيه شرائح المجتمع القادرة، وعليه يجب تشجيع هذه الفئات من المجتمع لدعم مثل هذه المؤسسات الوقفية التعليمية، وفي اعتقادي لو أحسنا أسلوب الدعوة لمثل هذه المطالبات لإسهام المجتمع، لتمكنا من تحقيق الكثير من الأهداف، والدليل على ذلك انتشار الأعمال الخيرية في دعم المحتاجين، فالوقف التعليمي ليس أقل أهمية من ذلك، كما يجب على المؤسسات الحكومية والخاصة، تبني هذا النوع من المشاريع بتوفير جزء من المال لبناء مشاريع وقفية؛ لأن هذه المشاريع أثبتت قدرتها على دعم هذه المؤسسات؛ خاصة عندما تقل الموارد المالية لهذه المؤسسات، وهذه التجارب وقفت عندها في جامعة الملك سعود بالرياض وجامعات كثيرة في الأردن".

 

وختم السليماني حديثه بالقول: "نحن نعلم أن سلطنة عمان منذ العهود القديمة كانت مهتمة بالوقف التعليمي، واليوم وجدنا تطويرا للسهم الوقفي العماني، وعليه يجب الاستفادة من هذه التجارب الرائدة، التي في ظني سيكون لها مردود إيجابي متميز" .

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة