ومضة سريعة عن تجربة تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في ألمانيا
الدكتور سيف بن ناصر العزري
في هذه السطور القليلة أحدثكم عن تجربتي في تدريس اللغة العربية في ألمانيا؛ فقد جاء هذا البرنامج في شهري مارس وإبريل الماضيين ضمن مشروع التبادل الثقافي بين جامعة نزوى.
استهدف البرنامج الطلبة الدارسين في تخصص اللغة العربية والدراسات الإسلامية في مرحلتي البكالوريوس والدكتوراة في جامعتي بوخوم وجوتنغن في غرب ألمانيا، وقد تخصص البرنامج في تعليم القواعد العربية والمصطلحات المرتبطة بهذا الحقل باللغة العربية؛ نظرا إلى أنَّ طلبة الجامعتين قد درسوا هذه القواعد باللغة الألمانية، وهو ما تسبب في وجود قصور كبير عندهم في فهم المصطلحات النحوية وتوظيفها التوظيف الصحيح في والقراءة والكتابة والتحدث. إضافة إلى الهدف السابق فقد وضَعْت التعريف بالثقافة العمانية وعادات المجتمع العماني ضمن أهداف البرنامج، وهو ما تم من طريق الأنشطة النحوية التي تضمنت نصوصا عن عُمان في التاريخ والعادات والتقاليد، إضافة إلى سمات الشخصية العمانية في التسامح والتواصل الحضاري.
لم يغب التسويق لتعلُّم اللغة العربية في سلطنة عمان من ضمن أهداف البرنامج؛ إذ تم التعريف بجهود جامعة نزوى في تعليم العربية للناطقين بغيرها والفرص المتاحة للطلبة في دراسة مقررات من قسم اللغة العربية أو الالتحاق بدورات في المعاهد المتخصصة في هذا المجال. وقد امتدَّ البرنامج مدة شهر كامل بواقع (6) ساعات تدريسية يوميا، فيما شملت الخطة التدريسية مجموعة من دروس القواعد العربية تم اختيارها على أساسين: الأول هو آراء أساتذة اللغة العربية ومقترحاتهم في الجامعتين؛ لتحديد احتياجات طلبتهم من الدروس، والثاني هو أن تكون تلك الدروس وظيفية؛ بحيث تكون من المستخدَم الشائع لمتعلم العربية في القراءة والتحدث والكتابة مع صرف النظر عن غيرها من الدروس التي قد تعد من المهمل أو القليل الاستخدام أو تلك التي ليس لها جانب وظيفي، والدروس التي تم اختيارها هي دروس: الجملة الاسمية والفعلية وإعراب مكوناتهما، اللُّزوم والتَّعدي في الأفعال، العدد وطريقة كتابته كتابة صحيحة بالحروف وما يتعلق به من أحكام، المفاعيل في اللغة العربية وأنواعها والتمييز بينها، أساليب الشرط والنفي والنداء والتعجب في اللغة العربية وطريقة توظيفها في التحدث وفي الكتابة، الإفراد والتثنية والجمع في اللغة العربية وأنواع الجموع وإعراب كل نوع، التثنية والجمع للأسماء المنقوصة والمقصورة والممدودة في اللغة العربية وطريقة صياغتها صياغة صحيحة، التمييز وأنواعه وإعرابه، التوكيد والعطف والبدل توابع في اللغة العربية.
وقد تم تناول كل درس من دروس الخطة بشرح قاعدة الدرس والتركيز على ما يتعلق به من مصطلحات باللغة العربية ثم التطبيق عليه من طريق نصوص متنوعة من التراث ومن الصحافة المعاصرة، وقد رُوعي في التطبيق أن يشمل مهارات الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة؛ تدريبا للطالب على استخدام المصطلح استخداما صحيحا اعتمادا على النظرية التواصلية في تعليم اللغة.
ويبدو أنَّ النقص الحاصل في أساتذة اللغة العربية في تخصصات اللغة العربية والدراسات الإسلامية في الجامعات الألمانية، واعتماد التدريس هناك على طريقة الترجمة باستخدام اللغة الألمانية، الذي أدَّى إلى ضعف مستوى الطلبة في استخدام اللغة العربية وممارستها بطريقة صحيحة، وهو ما أكده أساتذة اللغة العربية في الجامعتين؛ فهي المرة الأولى منذ ثلاث سنوات التي يتعلم الطلبة فيها القواعد العربية بلغتها الأم - دون ترجمة - وهو ما يدعونا إلى زيادة التعاون المشترك بين جامعة نزوى والجامعات الألمانية سواء من طريق تبادل المدرسين أم في تأليف المناهج الدراسية لأغراض خاصة.
كما أنَّ الشعور العام السائد في الجامعتين من احترام لموقع السلطنة وما تتميز به من بيئة جاذبة آمنة ومتسامحة يدعو إلى استثمار موقع جامعة نزوى والتسويق لأنشطتها بصورة أكبر في الجامعات الألمانية؛ فالكثير من الطلبة في ألمانيا يبحثون عن فرص؛ لتعلُّم العربية في البلاد العربية وما ينقصهم هو التعرُّف على تلك الفرص.