توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في تكنولوجيا التعليم
سعيد بن محمد بن علي الراشدي
باحث دكتوراة في علوم الحاسب الآلي وتقنية المعلومات
يعد التعليم اللبنة الأساسية في بناء الأمم وتقدم الحضارات وتطور أسلوب الحياة من طريق الاهتمام بالإنسان، الذي يعد أعظم ثروات الوطن وزيادة الجرعات المعرفية وتوفير المتطلبات والاحتياجات والأدوات اللازمة لضمان الحصول على تعليم ذي مستوى عالٍ وجودة تواكب التغيرات والتكنولوجيا المتطورة، وتسهم في إعداد جيل متفاعل مع تغيرات ونمو وتسارع وتيرة الحياة.
تولي الحكومة العمانية جل اهتمامها بالتعليم في كافة قطاعاته، وتسير وفق التوجهات السامية للسلطان هيثم بن طارق وخطابه الذي كان في تاريخ 23 فبراير 2022م حين قال: "إن الاهتمام بقطاع التعليم بمختلف أنواعه ومستوياته وتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار سوف يكون في سلّم أولوياتنا الوطنية، وسنمده بكافة أسباب التمكين باعتباره الأساس الذي من خلاله سيتمكن أبناؤنا من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة".
وتأتي المرحلة المقبلة متضمنة التحولات التكنولوجية والتقنية وتوظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في تكنولوجيا التعليم وتغيير نمط التعليم التقليدي؛ ليكون نظاما تعليميا حديثا وتفاعليا مع كافة الموارد المرتبطة به، ومواكباً للتحولات الرقمية العالمية، ومستخدماً التقنيات الحديثة بالطريقة المثلى والنافعة، ومستفيداً من تطوير وتحسين تكنولوجيا التعليم الموجودة في المؤسسات التعليمية التي تعد أحد أركان التنمية المستدامة ومساراً من مسارات رؤية عمان 2040 في مجال التربية والتعليم.
تكنولوجيا التعليم
لقد أصبحت الأجهزة التي تخدم قطاع التعليم في كل نواحيه من الأدوات التي وسعت نطاق المعرفة وزادت المهارات العلمية لدى المعلم والطالب في البيئة المدرسية وأسهمت في الإبداع والابتكار لديهم، إذ إنها تشمل تجهيز مختبرات الحاسوب، ومراكز مصادر التعلم، ومختبرات العلوم والمرافق الإدارية والخدمية في المدرسة بمختلف التقنيات والوسائل الحديثة، وهذا ما أدى إلى التفكير في تطوير التكنولوجيا الموجودة في المدارس والمؤسسات التعليمية من طريق توظيف أدوات تفاعلية بين الجهاز نفسه والأجهزة المتجانسة معه وبين الجهاز والأجهزة غير المتجانسة ... وبينها وبين الإنسان من طريق التكامل والتواصل الدائم في تقديم المعرفة وتوسيع نطاق التفكير الإبداعي في كل جانب من جوانب العملية التعليمية (التعليم – المنهج – الأنشطة – المهارات – التقويم – التقييم ... إلخ).
وتعد المؤسسات التعليمية من أفضل الأماكن التي تقوم على الاستفادة من الموارد البشرية في التطوير التقني، والتحسين الدائم والمستمر في توظف أدوات الذكاء الاصطناعي وتفعيله؛ للحصول على بيئة تعليمية تفاعلية وتكاملية تنتج الأفكار والمبادرات الحديثة، وتعطي الفائدة والمنفعة، وتعمل على مواكبة التطورات التكنولوجية المتنوعة والمتجددة.
توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم
يعد توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في تكنولوجيا التعليم من الوسائل التي تسهم بشكل فعال في تطوير وتحسين التعليم، إذ إن المتتبع لنشاط الذكاء الاصطناعي في الأونة الأخيرة يلاحظ -باهتمام بالغ- مدى سرعة التغيرات التي أثر عليها هذه التقنيات من طريق التفاعل مع المكونات المادية وتسخيرها في خدمة البشرية. ولهذا لابد أن يكون هنالك تكامل بين الأجهزة التكنولوجية التي يتم استخدمها ووأدوات الذكاء الاصطناعي؛ لإحداث التفاعل والتواصل المطلوب فيها؛ كي يتمكن كل من له صلة بالتعليم من الاستفدة من هذا المسار بما يؤثر على الإبداع والابتكار والاختراع عبر أدوات ووسائل حديثة مرتبطة بمسار التنمية المستدامة؛ لتؤثر بشكل إيجابي وفعال على نمط وأسلوب الحياة، وتوفر خيارات وفرصا مستقبلية مختلفة المسارات ومتنوعة الاتجاهات. فعندما نجد الطابعة تقوم بصيانة نفسها دون تدخل بشري وجهاز إطفاء الحريق يرسل إشعاراً بقرب تاريخ الانتهاء أو إنذار ذاتي بوجود دخان في أحد مرافق المدرسة، وجهاز التبريد والتكييف يقوم بتهيئة وضبط نفسه، ونجد أيضاً الصف الدراسي يتحكم ذاتياً بمحتوياته من أجهزة كهربائية وسبورات تفاعلية وحواسيب وأبواب ونوافذ وأثاث تفاعلي ... وغيرها الكثير من الأجهزة القائمة على التفاعل، فإن ذلك مؤشرا يدل على أنه يمكن فعلا الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وأدواته في المنظومة التعليمية بما يساعد في إيجاد الكثير من الأفكار والطرق الحديثة في تطوير عوامل التفكير لدى المعلم والطالب في البيئة المدرسية، ويسهم في التفاعل مع مختلف الأجهزة عبر نظام شبكي يصنع التفاهم والتكامل بينها.