عُيّن معيدا لتفوقه، وبَحَثَ قضايا المجتمع …
شخصيته تضع بعضا من ملامح التفوّق العلمي والإنساني
إشراقة: شخصية العدد
الدكتور جمال بن مطر بن يوسف السالمي، ولد في قرية كمه التابعة لولاية نزوى، التي وصلتها الكهرباء في نهاية ثمانينات القرن الماضي. يقول: "كنا نعتمد على الشموع والقناديل ليلاً للمذاكرة وحل الواجبات، القرية كانت تتميز بالطابع التقليدي الجميل، إذ الكل كان مربيا وموجها لأبناء القرية في جو تسوده المحبة والألفة والتعاون". نشأ السالمي في أسرة رائعة ولأبوين رائعين مثقفين، أشار إليهما بقوله: "فرغم أن زمانهم كان التعليم نادراً وظروف المعيشة أجبرتهم على ترك مقاعد الدراسة مبكراً والعمل في سن صغيرة لتوفير لقمة العيش؛ إلا أن الوالد -حفظه الله- أكمل بعض الصفوف الدراسية في أثناء العمل بطريقة الدراسة الحرة، أما الوالدة فقد أتقنت القراءة من طريق التعليم التقليدي؛ ولذلك اليوم أستنير بهم وأسير على خطاهم عندما أراهم يطالعون الكتب والمجلات بكل شغف رغم مغريات التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي".
اليوم وبعد مغادرته لقريته لأكثر من 25 عاما بسبب ظروف الدراسة والعمل، يعود إليها للاستقرار واستعادة عبق ذكريات الطفولة. يضيف: "من الهوايات والرياضات التي ما زلت أحافظ عليها حالياً المشي الجبلي والغوص وركوب الدراجات الهوائية الجبلية والدراجات النارية". وغير بعيد] عن كونه مديرا للمكتبة الرئيسة بجامعة نزوى، تواصلنا مع الدكتور جمال للحديث عن شخصيته الشغوفة تجاه العلم والمعرفة، المتجددة في حقول العمل وميادينه، لِيطلعنا على محطاتٍ امتاز بها عن غيره في سبيل الحصول على ما وصل إليه وحققه … إليكم في الفِقرات الآتية.
س1/ ماذا عن مساركم التعليمي؟ كيف كان طريقه من المدرسة إلى الجامعة وصولا إلى الدراسات العليا؟
البدايات كانت صعبة جداً، إذ إن الصف الأول الابتدائي درسناه في إحدى الخيام دون كهرباء، ثم انتقلنا إلى المدارس الحديثة من الصف الثاني وتدرجت في المراحل الدراسية بمستوى دراسي متوسط إلى أن وصلت إلى مرحلة الدبلوم العام، فكثفت المذاكرة، فكانت النتيجة مرتفعةً بعد توفيق الله تعالى، فتم قبولي في جامعة السلطان قابوس، كلية الآداب والعلوم الاجتماعية في تخصص دراسات المعلومات. أحببت التخصص منذ أول يوم درست فيه، وتفاعلت مع المقررات الدراسية ومتطلباتها من واجبات وعروض واختبارات. في أثناء الدراسة التحقت بعدد من الجماعات الطلابية، أهمها: جماعة التصوير وجماعة الترجمة بالإضافة إلى جماعة المكتبات والمعلومات. وبعد توفيق الله تخرجت الأول على الدفعة في التخصص بمرتبة امتياز، وكان لهذا التميز دور في طلبي من قبل الجامعة لدخول مقابلة لتعييني معيدا في القسم ووظيفة أخرى أمين مكتبة في المكتبة الرئيسية في الجامعة، وكان أن قبلت في الوظيفتين معاً. وبعد الاستشارة ارتأيت أن أقبل بالوظيفة الأكاديمية، فعدت إلى القسم مرة أخرى مدرساً بعد أن كنت فيه طالباً. في أقل من سنة كنت قد سافرت إلى غرب أستراليا لدراسة الماجستير في تخصص إدارة المعلومات من جامعة كيرتن للتكنولوجيا، عدت للسلطنة بعدها للتدريس في القسم، وبعد سنوات معدودة سافرت مرة أخرى إلى نيوزيلندا لدراسة الدكتوراة في تخصص إدارة المعرفة من جامعة فكتوريا بـ ولنجتون. كانت رسالتي في الدكتوراة في موضوع مشاريع رقمنة رسائل الماجستير والدكتوراة في دول الخليج العربي: الفرص والتحديات.
ما أود الإشارة إليه هنا في هذا الجانب أنني كنت أستمتع بمراحل الدراسة ولا يهمني كثيراً مقدار التحصيل أو النسبة، فمثلاً في أثناء الدراسة الجامعية كنت أذهب إلى الصالة الرياضية وأقرأ كثيراً المجلات والصحف اليومية وأطلع مع الأصدقاء، والدراسة كانت فقط أيام الاختبارات النهائية. رغم ذلك تفوقت على كثير من الزملاء الذين كانوا يقضون أوقاتاً طويلة في الدراسة والمذاكرة وحرموا أنفسهم من الاستمتاع بالحياة الجامعية. السر في ذلك هو توفيق الله تعالى أولاً ثم فإن الدراسة الجامعية ليست كبقية المراحل المدرسية، فهي تعتمد كثيراً على الفهم والتحليل والمشاركة بالإضافة إلى إنجاز الواجبات والتكاليف بطريقة ممتازة.
س2/ أطلعنا على تكوينكم البحثي والأكاديمي واهتماماتكم بهذين المجالين ونشاطاتكم فيهما؟
تنوعت اهتماماتي البحثية والأكاديمية في تخصصات فرعية في المجال، إذ وجدت نفسي أقرب إلى المواضيع التقنية في التخصص، فتطرقت إلى مواضيع المستودعات الرقمية والمكتبات الافتراضية والبرمجيات مفتوحة المصدر والمصادر الإلكترونية وتقنيات المعلومات والاتصالات، كذلك في الفترات الأخيرة تطرقت إلى موضوع التعليم الإلكتروني بالإضافة إلى تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي وبعض القضايا المعلوماتية، مثل: الابتزاز الإلكتروني والتزييف العميق والشائعات الإلكترونية والهندسة الاجتماعية والهوية الرقمية والمواطنة الرقمية وغيرها من المواضيع ذات العلاقة. ونتيجة لقرب هذه المواضيع من القضايا التي تشغل المجتمع، قدمت العشرات من المحاضرات والورش في هذه المواضيع في المدارس والجامعات والمساجد وبعض المكتبات والمراكز الثقافية العامة.
س3/ أين يجد القارئ أبرز الإنجازات التي حققتها في حياتك العلمية والعملية؟
الإنجازات في الجانب العلمي:
-
الفوز بجائزة الباحث المجيد من جامعة السلطان قابوس في يوم الجامعة لعام 2021.
-
الفوز بجائزة أفضل ورقة علمية في مؤتمر جمعية المكتبات المتخصصة عام 2017.
-
نشر أكثر من 10 أبحاث في مجلات علمية محكمة باللغتين العربية والإنجليزية.
-
المشاركة بأكثر من 20 ورقة علمية في مؤتمرات إقليمية وعالمية محكمة.
-
تحكيم العديد من المقالات العلمية في أشهر المجلات العلمية العربية والعالمية.
-
الإشراف على العشرات من رسائل الماجستير في جامعة السلطان قابوس وعدد من رسائل الدكتوراة.
-
رئاسة اللجان العلمية لعدد من المؤتمرات المحلية والإقليمية.
-
الحصول على تمويل من جامعة السلطان قابوس ومن مجلس البحث العلمي لعدد من المشاريع البحثية.
-
تدريس العديد من المقررات الأكاديمية في جامعة السلطان قابوس وكلية الدفاع الوطني وكذلك جامعة نزوى.
الإنجازات في الجانب العملي:
-
الفوز بجائزة الأكاديمي المجيد من جامعة السلطان قابوس في يوم الجامعة لعام 2016م.
-
رئيس قسم دراسات المعلومات، كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة السلطان قابوس 2016-2021.
-
نائب رئيس الجمعية العمانية للمكتبات والمعلومات في الأعوام 2017-2019.
-
نائب رئيس اللجنة المنظمة لثلاثة مؤتمرات دولية.
-
رئيس الفريق المعني بتطوير المنظومة الابتكارية بجامعة السلطان قابوس (إحدى الفرق التي وضعت الخطة الاستراتيجية لجامعة السلطان قابوس 2021-2025.
-
عضو في لجنة المستودع البحثي الرقمي العماني (شعاع) 2015- مستمر.
-
الإسهام في إنشاء وتنظيم العشرات من المكتبات العامة داخل السلطنة وخارجها بالإضافة إلى تأسيس نادٍ للقراءة.
-
صاحب أول مبادرة لتعليم مقرر إلكتروني بطريقة متكاملة على مستوى جامعة السلطان قابوس وذلك في مطلع عام 2018م.
-
مدير مكتبة جامعة نزوى 2021 - مستمر.
س4/ ما رسالتك التي تستعين بها في سبيل العلم والعمل؟
رسالتي في العلم والعمل هي الإخلاص في القول والعمل والرقابة الذاتية قبل كل شيء. كذلك ألا نتوقف عن التعلم مهما بلغنا من الدرجات العلمية، فالعلم والبحث العلمي والتطور لا يتوقف عند نقطة معينة، كما أن التواضع خصلة مهمة يجب أن يتحلى بها طالب العلم مهما بلغ من الدرجات العلمية والمهنية.
س5/ كيف تتعامل مع نقاط القوة ونقاط الضعف التي تواجهها؟
نقاط القوة التي أعتقد أنني أتمتع بها هي المرونة الكبيرة في التعامل مع المواقف والأشخاص، فالحياة مليئة بالتحديات والمواقف الصعبة؛ ولذلك لا بد أن تكون لديك المرونة الكافية لاختيار البدائل المتاحة للتعامل معها، كذلك من نقاط القوة التي أحافظ عليها هي تعلم كل جديد في التخصص وفي الجوانب التقنية ومتابعة المستجدات باستمرار. نقاط القوة عادةً ما نستشعرها من تكرار ثناء الناس لك في صفة محددة، لذا عليك في هذه الحالة أن تحافظ على هذه الخصلة وأن تنميها باستمرار.
من نقاط الضعف التي كانت لدي هي الرهبة من التحدث والمشاركات الصفية أول ما دخلت جامعة السلطان قابوس واستمرت مدة عام ونصف تقريباً. بعدها قررت معالجة المشكلة باستشارة مركز الإرشاد الطلابي وكانت النصيحة أن تواجه هذا الخوف بالدخول في هذه المواقف. فكان أن التحقت بعدد من الجماعات الطلابية وكذلك قدمت العديد من العروض في المقررات الدراسية؛ فكانت النتيجة أنني في السنة الأخيرة من التخصص كنت أقدم ورش تدريبية لطلبة الجامعة.
نقاط الضعف عادة ما نستشعرها داخلياً أو من طريق ملاحظات بعض المقربين لديك، لذا عليك بمعالجتها أو التقليل من أضرارها قدر الإمكان، وتعويضها بخصال أخرى تغطي على هذا الضعف. كما قد يكون من الأجدى أن تبحث عن بيئة أخرى تقل فيها فرص التعرض لما قد يكون نقطة ضعفك، وهذا في الحالات التي قد يكون من الصعب عليك تجاوز نقطة الضعف لديك.