تتحدث ثلاث لغات ... ووجدت من موهبتها مجالا للتفرّد
إشراقة: موهبة العدد
هناء بنت حسن النبهانية، طالبة في عامها الأخير بجامعة نزوى، تدرس تخصص الفنون الجميلة بقسم التربية والدراسات الإنسانية في كلية العلوم والآداب، تحديداً تخصص تصميم الحلي والمجوهرات. عند حوارنا معها التمسنا سعيها الدائم لتعلّم الجديد واكتشاف المزيد، والتميز في المجالات التي تُجيدها، تقول: "يسعدني مشاركة معرفتي وتجاربي مع الآخرين، وتحفيزهم لاكتشاف مواهبهم الكامنة وتطويرها واستغلالها فيما هو مفيد وممتع في ذات الوقت".
تمتلك هناء مهارات بسيطة في بعض برامج التصميم، أهمها: Autocad، Photoshop ، Rhino ،Illustrator ، Canva. وتعمل حالياً على تطويرها، شغوفة بتعلم اللغات، إذ تتحدث ثلاث لغات بطلاقة، وعلى دراية ببعض المفردات والكلمات الأساسية من لغات أخرى. كما تجيد مجالات أخرى عديدة إلى جانب الفنون والحرفيات واللغات، مثل: الكتابات الأدبية، العناية بالنباتات، فن التصوير وعلوم الفلك.
س1/ متى اكتشفت موهبتك؟
ج1/ لطالما كنت أميل إلى المجالات الإبداعية العملية أكثر من غيرها، وأستمتع بتطبيق ما أتعلمه أكثر من أن أتعلم بالتلقي، وهنا اخترت دراسة تخصص تصميم الحلي والمجوهرات، جذبني التخصص عن غيره؛ كونه جديدا في السلطنة، وإضافة إلى رصيد المهارات التي أستطيع الإبداع فيها، بحمد الله تم قبولي فيه ودرسته بكل حماس آملة أن يُعرف اسمي مستقبلاً بـ "المصممة هناء".
لم أفوّت فرصة المشاركة في معرض الفنون الذي كان من ضمن فعاليات الموسم الثقافي الأخير بجامعتنا، وقد عرضت أعمالي فيه، فكانت فرصة عظيمة لعرض نمط تصميمي وفكري الفني للحضور، واستقبال آرائهم التي ساعدتني في تطوير موهبتي، وكلامهم المشجع جداً، وبحمد الله نالت أعمالي إعجاب غالبية الزوار، بداية من رئيس الجامعة ومحافظ ولاية نزوى، إلى طلبة الجامعة والصاغة وبعض أصحاب محلات الفضيات والذهب ممن زاروا المعرض.
س2/ من كان وراء موهبتك من أشخاص وأحداث؟
ج2/ لله كل الفضل لما أنا عليه الآن، وأهلي هم أول الداعمين لي، فبمجرد قبولي في هذا التخصص، وهم في تشجيع مستمر لي، أجد منهم مساندة في كل خطوة، فنظراتهم المليئة بالفخر بعد متابعتهم لإنجازاتي تعطيني القوة لإنجاز المزيد بكل حماس، أقربائي ومعارفي، وحتى متابعيني في وسائل التواصل الاجتماعي، كل الشكر لهم ولكلماتهم الطيبة وآرائهم.
ورشة الطباعة ثلاثية الأبعاد -التي نظمتها جماعة البرمجيات الحرة مفتوحة المصدر- كانت الشرارة التي أطلقت هذه الموهبة، وحولتها من مجرد فكرة إلى واقع، ذات الموهبة التي ركنتها في أعلى الرف إلى حين إنهائي لدراستي الجامعية، فعندما عرَّفنا الدكتور محمد العويمري على برنامج التصميم ثلاثي الأبعاد، وكيفية تحويل الأفكار لواقع ملموس، شدني الحماس لمواصلة تعلم هذا البرنامج، وها أنا الآن أخرِج باستخدامِه تصاميم جميلة.
وقد حاولت جاهدة الموازنة بين دراستي وموهبتي، فوجدت أن كليهما يخدم الآخر، فبحمد الله تمكنت من تصميم مشروع تخرجي وتنفيذه بسهولة باستخدام هذه البرامج الرقمية، التي وفرت لي رؤية واضحة لتفاصيل التصميم من حيث المقاسات والزخارف والرسم الهندسي وغيرها من التفاصيل، التي عادة تأخذ الكثير من الوقت والجهد عند تنفيذها بالطرق التقليدية؛ فقد أبهر ذلك لجنة المناقشة والحاضرين بفضل الله.
س3/ حدثينا عن بدايتك مع هذه الموهبة؟ وما الذي جذبك تجاهها؟
ج3/ بدَأت مع بداية دراستي، وتطورت في هذ العام، فسابقاً لم أكن أرَ أن تصاميمي مميزة؛ كوني لا أجيد الرسم بالقلم، فأنا أميل إلى تصميم شيء مميز مليء بالمعاني والرموز، وأهتم بالتفاصيل كثيراً، لتبدو كأنما للقطعة قصة، ولكن يصعب علي تحويل أفكاري على الورق؛ بيد أنّ بعد تعلمي لبرامج التصميم الرقمية، استطعت تطبيق أفكاري، فجميع قطعي وتصاميمي حالياً تحمل رسالة ومعنى خفياً، يُشرح من طريق تفاصيل القطعة ورموزها. ولتوضيح الصورة أكثر، دعنا نكبر العدسة على تفاصيل أول ميدالية سيارة صممتها (الموضحة في الصورة الآتية)، التي استوحيتها من أبيات شعرية قرأتها من قصيدة "أين قلبي" للشاعر محمد حميدة، هي:
"جئت من أي اتجاه
أم أتت منك الجهات
لست أدري أنني ألقاك في كل التفات
ثابت منك ارتباكي مربك فيك الثبات"
فصممت الميدالية على شكل بوصلة، دلالة على الاتجاهات، مزينة بزخارف نباتية إسلامية، القطعة تحاول إيصال رسالة لمقتنيها، هي: "أينما ذهبت بِك الاتجاهات، ستصل حتماً إلى المبتغى".
س4/ ما أهدافك القادمة التي من الممكن أن تنقل موهبتك إلى مكان أعلى؟
ج4/ حالياً أفضِّل التعامل مع الصاغة والمؤسسات ومحلات بيع الحلي والمجوهرات؛ وذلك بتوفير تصاميم خاصة لهم، ثنائية الأبعاد وثلاثية الأبعاد، ملونة، توضِّح كل التفاصيل الصناعية اللازمة، التي تسهل عليهم تنفيذ القطعة وبيعها، فكما نرى أن كل محل حالياً يسعى لابتكار تصاميمه الخاصة التي يتميز بها عن غيره من المحلات والباعة في ذات المجال.
فيما ستكون الخطوة الثانية -سأبدأ فيها بعد إنهائي لدراستي بإذن الله وتفرغي الكامل للتصميم- التخطيط لتأسيس متجري الخاص، الذي أقوم فيه بتصميم مجوهرات واكسسوارات خاصة، يتميز بها مقتنيها، مستهدفة الأفراد هذه المرة، وكل من يسعى للتميز أو تحويل أفكاره ومشاعره لقطعة حلي يهديها من يحب.
س5/برأيك، كيف يمكن صقل المواهب الشابة وتعزيزها ورعايتها؟
ج5/ بكل تأكيد الانضمام إلى دورات تدريبية أحد أنجح تلك السبل؛ واقتناء أفضلها بهدف تطوير المواهب إلى الأفضل، ورفع الكفاءة والخبرات، ثم التخطيط الجيد لكيفية استثمار هذه الموهبة. كما أنصح كل شخص يشعر أنه يميل إلى مجال معين، أن يهتم به أكثر ويكتشف موهبته مبكراً، ويبتعد عن تقليد الموهوبين من حوله، فكلٌ منا يمتلك موهبته الخاصة التي قد تختلف عن غيره، وقد يؤديها بشكل مغاير ومتميز.
أيضاً أدعوهم إلى محاولة إظهار المواهب وعدم تأجيلها؛ فذلك قد يسهم في الرقي بها بطريقة أسهل وزمنٍ أقل، والأهم من ذلك ألّا يلتفت إلى النقد السلبي والإحباطات التي يواجهها مِن محيطه؛ كونها قد تقلل من عزيمته وتجعله يستصغر موهبته وقدراته، بل وتدفعه إلى الضغط على نفسه، فلا يجب على المرء الانسياق بحماس البدايات الذي قد يسلبه شغف المواصلة والتجديد. كذلك أدعوهم أيضاً إلى الإبداع كلٌ في مجاله، وألّا يقلدوا الآخرين، خاصة إذا حوّل موهبته إلى عمل أو يخدم المجتمع.
س6/ كيف يمكن أن يكون لمواقع التواصل الاجتماعي دور في تنمية موهبتك؟
ج6/ لمواقع التواصل الاجتماعي دور كبير في تكوين شبكة معرفية تجمع الكثير من الأفراد والمؤسسات المهتمين بمجال التصميم والحلي، وتقرب المسافة بين الأشخاص الذين يبحثون عن التميز، ويهتمون باقتناء تصميم خاص بهم لا يرتديه سواهم. كما أنّ لدينا العديد من المؤسسات التي تهتم بالتفرد والتنويع في تصاميمها، وبالنسبة إلى المصممين، تُعد هذه البيئة خصبةً تُسهل علينا تبادل الخبرات وتطوير المواهب واستقبال الطلبات. كما أن مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بالمعارف والمعلومات التي أستفيد منها في تطوير موهبتي، وتعد منصة للإعلان عن الدورات والورش التدريبية التي تمكنني من تحقيق الاستفادة القصوى في تطوير مهاراتي.
س7/ كيف وجدت اهتمام جامعة نزوى بالمواهب في أثناء دراستك بها؟ وما نصيحتك لتنمية هذا المجال؟
ج7/ تبدي الجامعة اهتماما كبيرا بالمواهب والقدرات الطلابية، من طريق توفير بيئة مناسبة لإبراز المهارات والقدرات، إذ تتيح فعاليات متنوعة في مجالات مختلفة، وتشجّع الموهوبين المتميزين بتكريمهم أو استضافتهم في محافل مختلفة، على سبيل المثال لا الحصر صحيفتها المتألقة "إشراقة" التي تسمح في مساحتها لاستقبال إبداعات الطلبة في مختلف المجالات باستعمال أدوات صحفية وإعلامية مختلفة.
كما خصصت الجامعة مراكز لدعم المواهب الطلابية وتطويرها؛ ليتمكن الموهوبون من تحويل هذه الموهبة إلى مصدر دخل أو علامة تجارية، أهمها: مركز ريادة الأعمال، ومركز البحث العلمي، ومركز التميز الطلابي المُهتم بالأنشطة اللاصفية التي تتيح للطالب الإبداع في مجالات مختلفة عن مجال تخصصه، فتنوّع الأنشطة الطلابية والمحاضرات والورشات التي يتم تقديمها من قبل الجماعات الطلابية يساعد الطالب في تحديد ميوله وإبراز مواهبه وتطويرها وعرضها أمام الجميع، ليحظى بالنقد البناء والدعم والتشجيع.
في الختام، أقول للموهوبين: عليكم بالتخطيط الجيد لوقتكم، والموازنة بين الدراسة والمواهب، والانضمام إلى الجماعات والأنشطة الطلابية؛ فذلك يجعل الحياة الجامعية ممتعة، ويشجع على الاجتهاد في الدراسة وإبراز المواهب. كما آمل من الجامعة المواصلة في دعم المواهب والمهارات، وتوفير المزيد من الفرص والأنشطة التي تبرز هذه الشغف.