السنة 17 العدد 159
2022/09/01

كيف تكيّفت حياتنا مع الإنترنت؟

 


 

 

بقلم: محمد بن علي الإسماعيلي

 

هل تجوز المقارنة في وقتنا هذا بين الإنسان الذي يستعمل شبكة المعلومات العالمية، وذلك الآخر الذي لا يستعملها بتاتاً؟ بالتأكيد ستكون الإجابة: لا ... هذا الامتداد الضخم الذي توسعت به هذه الشبكة بين الشعوب جعل منها محركاً أساساً للنظام العالمي الجديد، إذ استطاع الإنترنت تكييف حياتنا وفقًا لمنهجية تدخل بها في طريقة سير ممارساتنا المجتمعية على المستويين الفردي والجماعي.

 

لقد أصبح الإنترنت يعرفنا أكثر من نفسنا! هذه العبارة قد يستهجنها بعضهم ويهاجمها آخرون؛ بدافع عدم فهمهم لسلوكياتهم التي يمارسونها على الإنترنت في شتى مناحي الحياة؛ لذا دعونا نناقش بعضًا مما قد يقرب الأفهام إلى الأذهان. عزيزي القارئ لديك جهاز محمول (هاتف) تدوّن بها ملاحظاتك ومواعيدك، وتتصفح في سجل بحثه Google &  YouTubeما تتفاعل معه في إطار محيطك الدراسي والعاطفي والترفيهي والمهني والسلوكي وغير  ذلك؛ بل هذا الجهاز الذكي يسجل لك بنفسه تلقائياً أنشطتك الرياضية، ويحتفظ بمدونة تفاعلك في برامج التواصل الاجتماعي المرئي والمقروء والمسموع، ويتتبع سير تنقلك الجغرافي؛ لذا استطاع من حيث لا تدري تقنين تواصلك مع بيئتك واهتماماتك رقميًا بدرجات تتفاوت بين شخص وآخر.

 

في جانب آخر ليس ببعيد، أصبح الفضاء الرقمي مكانا لحل الخلافات وتنظيمها، ومرتعا لبناء علاقات اجتماعية مترامية الأطراف، وسبيلا إلى تحصيل العلوم ومعرفة أخبار العالم، وسوقا للإنتاج والعمل والتبادل التجاري؛ لذا استطاعت هذه التكنولوجيا الرقمية اختراق البنية الاجتماعية لحياتنا؛ بل وتدخلت في تشكيلها وتحديد أطرها، حتى وجد المتخصصون جيلا جديدا سيطرت عليه التقانة ذهنيا ونفسيا وسلوكيا؛ فهي استطاعت أينما توجهه في عالمها الافتراضي الممتد إلى واقعهم المادي والعاطفي، هذا الإنسان المعاصر بات مغايرًا عن الأجيال التي سبقته اجتماعيا ومعرفيا، فهو ينتمي إلى جيل استطاع الإنترنت تغيير مجرى تفاعلاته الاجتماعية، وطريقة تعبيره عن ذاته، وسبل تعليمه وتعلّمه، وبيئة عمله وإنتاجه ... حتى لقاءه مع الناس لم يعد كما كان.

 

 إنني لا أدّعي هنا أفضلية جيل على آخر، ولكن أشد الانتباه إلى تغيّر الوضع الاجتماعي بسبب قدرة الإنترنت وتحولاته الرقمية الفائقة والمتسارعة، فهل الـ 24 ساعة مع الفضاء الرقمي ومستلزماته هي ذاتها دونه؟ وهل قراءة كتاب ورقي مشابهة لقراءته رقميا؟ أم مطالعتك لأرحامك شخصيا ذاتها على مجموعات الواتساب؟ وضرب لنا التعليم في زمن كورونا خير مثال على الدراسة الحضورية نظير الدراسة عن بعد ... وقس على ذلك ما تشاء من أمثلة تجدها في حياتك اليومية لتعرف حجم الفرق الذي استطاع فيه الإنترنت تغيير مجرى حياتنا بين الممارسات والاستعمالات.

إرسال تعليق عن هذه المقالة