برامج أكاديمية حديثة تستشرف علوم التأهيل الطبي في المجتمع

الدكتور أحمد بن إبراهيم الخروصي

كلية الصيدلة والتمريض

فكرة تبلورت لسنوات عديدة وجهد متواصل وتخطيط استراتيجي وشراكة مع مختلف القطاعات، فكانت النتيجة استحداث برامج حديثة في مختلف مجالات التأهيل الطبي، هي: العلاج الفيزيائي و العلاج الوظيفي و أمراض النطق و اللغة؛ وذلك تماشيا مع رؤية جامعة نزوى في بناء الإنسان العماني، ورؤية عمان 2040 في النهوض بالخدمات الصحية.

بدأت الفكرة عام 2017 بدراسة مستفيضة لما يتطلبه سوق العمل العماني في مجال خدمات التأهيل الطبي؛ من طريق مؤشرات إحصائيات الحالات المرضية ونمو العدد السكاني والتوزيع الجغرافي لخدمات التأهيل. كذلك تطرقت الدراسة لتحليل عدد العاملين في مختلف تخصصات التأهيل الطبي من عمانيين ومقيمين مستندة على إحصائيات دقيقة من مختلف القطاعات الصحية في السلطنة. كما تمت الاستعانة بخبرات في مختلف مجال التأهيل محليين ودوليين؛ للـتأكد من إعداد برامج تواكب متطلبات الخدمات الصحية الحديثة. وتعد التخصصات  المستحدثة من البرامج التي لها احتياج كبير حاليا ومستقبلا لتغطية التوسع في الخدمات الصحية والزيادة المطردة في عدد السكان وزيادة الطلب المحلي و الدولي على هذه التخصصات، بالأخص خدمات الـتأهيل الطبي.

ويعد الـتأهيل الطبي من التخصصات المهمة التي تساعد الإنسان على استعادة القدرة للاعتماد على الذات لأداء المهام اليومية. كما تعد هذه التخصصات من المهن الإنسانية الاجتماعية الصحية التي يكون المريض فيها المحور الرئيس للبرنامج التأهيلي، إذ يعمل على تلبية متطلبات خطة التأهيل فريق متكامل كل حسب تخصصه؛ ليتسنى للمريض العودة بصحة أفضل إلى أسرته ومجتمعه وعمله في وقت قصير. ويتنوع سوق العمل لخريجي هذه البرامج ليغطي احتياجات القطاع المدني العام في وزارة الصحة ووزارة التنمية والقطاع الخاص بمختلف مستوياته والقطاعات الأمنية والعسكرية. 

إنّ لهذه البرامج خصوصية من حيث قدرة الخريج على التعامل مع مختلف أنواع المشاكل الصحية بصورة حديثة مختلفة عن المنظور السابق، بحيث يتم تحليل كل مشكلة صحية على ثلاثة عوامل أساسية، هي: العامل البيولوجي والعامل النفسي والعامل الاجتماعي. وتعد هذه المكونات من أساسيات مهارات التشخيص والعلاج لهذه التخصصات، إذ توجد اختلافات في مكونات كل برنامج، وتختلف نوعية الخدمة التي يقدمها كل واحد من هذه التخصصات ... وسوف أتطرق لبعض هذه النقاط المهمة.  

بكالوريوس العلوم في العلاج الفيزيائي (142 ساعة معتمدة) ودبلوم العلاج الفيزيائي (98 ساعة معتمدة)، هذا التخصص يهتم بتشخيص وعلاج وتأهيل المرضى المصابين بمشاكل حركية بسبب إصابات في المفاصل أو العضلات أو الأعصاب المركزية الدماغ والحبل الشوكي أو الأعصاب الطرفية. ويقوم أخصائي العلاج الفيزيائي باستخدام العلاجات اليدوية والتمارين الحركية والعلاجات الكهربائية الفيزيائية لاستعادة الحركة المفقودة من طريق برنامج خاص لكل حالة. كذلك يقوم بتقديم طرق متنوعة لعلاج مختلف الآلام بطرق فيزيائية بما تتناسب مع طبيعة المشكلة و حدتها. 

أما بكالوريوس العلوم في العلاج الوظيفي (148 ساعة معتمدة) ودبلوم العلاج الوظيفي (98 ساعة معتمدة) فيعد من التخصصات النادرة على مستوى السلطنة، ويعني بتشخيص وعلاج القصور الوظيفي والحركي، بالإضافة إلى الجانبين الذهني والعقلي، إذ يعمل على تحسين واستعادة الوظيفة الحركية والذهنية من طريق تنمية المهارات الوظيفية والمهنية والقيام بها باستقلالية والوصول بالأشخاص المصابين إلى أعلى مستويات الاعتماد على الذات. بالإضافة إلى أن أخصائي العلاج الوظيفي يهتم بتنمية المجال الحسي والنفسي والاجتماعي للشخص المصاب، ويستخدم طرقا دقيقة ومتخصصة لدمج المهارات الحسية والحركية وتطوير القدرات الوظيفية والعمل على دمج الأشخاص المصابين في المجتمع كلٌ وفق قدراته.

أخيرا بكالوريوس العلوم في أمراض النطق واللغة (146 ساعة معتمدة) ودبلوم أمراض النطق واللغة (98 ساعة معتمدة) هو أحد التخصصات المهمة التي تعني بتشخيص وعلاج إصابات النطق واللغة والبلع الناجم من أمراض عضلية أو نفسية أو عصبية، التي تصيب الدماغ أو الجهاز التنفسي أو الحنجرة أو المريء أو البلعوم. ويقوم أخصائي أمراض النطق واللغة بتشخيص مشاكل الكلام والصوت والاتصال والبلع باستخدام طرق واستراتيجيات متعددة، ويعد برنامجا متخصصا لتطوير هذه المهارات المفقودة. 

وفي الختام، إن كل هذه البرامج لها تخصصات فرعية تتيح لخريجيها استكمال الدراسات الفرعية الدقيقة، كذلك الدراسات العليا كالماجستير والدكتوراة كل حسب رغبته المستقبلية وبناء على الاحتياجات المتاحة لهذه التخصصات في السوق المحلي.