السنة 17 العدد 159
2022/09/01

إدمان وهوس السلفي (Selfie Obsession) 

 

 


 

 

أحمد "محمد جلال" الفواعير

أستاذ مشارك

قسم التربية والدراسات الإنسانية

 

أصبح استعمال شبكة المعلومات العالمية "الإنترنت" منتشرًا بشكل واسع؛ بسبب الزيادة الهائلة في عدد مستخدمي مواقع الشبكات الاجتماعية، إذ بدأت شبكات التواصل الاجتماعي في عام 1994 بواسطة خدمة استضافة مجانية للويب تدعى جوسيتيز، وقد أنشأت هذه الخدمة للسماح للمستخدمين بتصميم وإنشاء مواقع ويب خاصة بهم حتى يتمكنوا مباشرة من إرسال الرسائل والمعلومات الشخصية Hingerton, 2016)).

وقد تغيرت مواقع الشبكات الاجتماعية الأكثر شعبية على مر السنين، وسوف تستمر في التغير مع تقدم الزمن. ومن الأمثلة على هذه المواقع، الفيسبوك (Facebook) وهو يأتي في مقدمة شبكات التواصل الاجتماعي، وتويتر (Twitter) وهو عبارة عن مدونات صغيرة عامة، إذ إن بعض المستخدمين يفضلونها لمحدودية محتوى الرسالة، ولينكدإن (LinkedIn) وهو من الشبكات المهنية التي تضم أساتذة ومفكرين وباحثين، والانستجرام (Instagram) وهو من أكثر الشبكات الاجتماعية المفضلة لمشاركة الصور القصيرة والفيديو، وسناب شات (Snapchat) وهو البرنامج الذي يعتمد على المراسلات الفورية، إذ يمكن إرسال صورة أو فيديو قصير إلى الأشخاص ثم يختفي تلقائيًا بعد ثوانٍ قليلة من مشاهدته. ويعد اليوتيوب (YouTube) ثاني أكبر محرك بحث، إذ يمكن مشاهدة مقاطع الفيديو في أي موضوع، وبرنامج فليكر (Flickr) الذي يستخدم لمشاركة الصور، وهو من أفضل البرامج لتحميل الصور وإنشاء الألبومات وإظهار المهارات في التصوير الفوتوغرافي Moreau, 2018) ).

وقد أدى هذا النمو السريع في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية إلى ظهور إدمان جديد يسمى إدمان السلفي (Priya, Sparsh, & Dubey, 2017)، فقد أصبحت الهواتف الذكية في حياتنا اليومية شيئا لا يمكن العيش دونه. وجرى في الوقت الراهن تجهيز الجيل الجديد من الهواتف الذكية بكاميرا عالية الجودة تسمى كاميرا السلفي. 

وأشار كريشنا Sai Krishna & Komal Krishna, 2016)) إلى أن التطور السريع أدى إلى ظهور اضطراب يسمى بـ "إدمان السلفي، أو هوس السلفي". كما أشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تجعل البشر دائما يسعون إلى أن يكونوا في دائرة الاهتمام وتحت الأضواء. فيتم استغلال مشاكلهم أو نجاحهم وجميع الأحداث الشخصية الخاصة بهم لجذب انتباه الأشخاص الآخرين.

وبحسب الجمعية الأمريكية للطب النفسي فقد صنفت إدمان السلفي إحدى الإضطرابات النفسية، وهي رغبة قهرية في التقاط صور ذاتية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي؛ طريقةً لتعويض نقص في تقدير الذات وسد فجوة نقص الألفة في العلاقات، إذ حددت الجمعية الأمريكية للطب النفسي معيارًا لإدمان السلفي يتمثل في التقاط ثلاث صور أو أكثر يوميًا ونشر إحداها على مواقع التواصل الاجتماعي (Varma, Sarada & Rani, 2020).

وعادة يجري الأشخاص تعديلات كثيرة على صور السلفي التي يلتقطها، وخاصة تلك التي ينشرها في مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام الفلاتر، أو يقوم بتغيير خلفية المشهد الفوتوغرافي الأصلي؛ مما يحول صور السلفي من شكل من أشكال التمييز الاجتماعي إلى مصدر للسخرية من قبل المجتمع؛ لذا نرى في مجال علم النفس أن تنسيق الصور وتعديلها قد يحمل دلالات نفسية تأخذ في الاعتبار سمات الأفراد الذين يلتقطون صور السلفي، فعلى سبيل المثال أكدت بعض الدراسات أن هناك بعض السمات السائدة المتعلقة بالأسلوب في صور السلفي؛ مثل ميل الإناث إلى التقاط ونشر صور السلفي التي لا تظهر الوجه بالكامل ولكن جزء منه، أما الذكور فيعتمدون على الميزات الأخرى مثل: العمر، والصحة الجسدية، والمنزلة، والوضع الاجتماعي الذي يتم إبرازه في صور السلفي.

وفي دراسة أجرتها التوبية (2022) في درجة إدمان وهوس السلفي لدى الشباب، أظهرت النتائج أن (64%) من أفراد الدراسة يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من ست مرات يوميًا. أما عدد صور السلفي التي يلتقطونها، فقد أظهرت النتائج أن ما يزيد على 78% من أفراد الدراسة يلتقطون خمس صور سلفي أو أقل يوميًا، وأن نسبة من ينشرون صورهم في مواقع التواصل الاجتماعي كانت تصل إلى 97%. وأظهرت الدراسة أيضًا أن (71%) من أفراد الدراسة يعيدون التقاط نفس الصورة أكثر من مرة ولغاية خمس مرات للحصول على صورة سلفي جيدة.

المرجع:

التوبية، منيرة. (2022). إدمان السلفي وعلاقته بالنرجسية وتقدير الذات لدى طلبة جامعة نزوى [رسالة ماجستير غير منشورة]. جامعة نزوى، سلطنة عمان.

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة