السنة 17 العدد 157
2022/07/01

استطلاع : يرونها فرصة لاكتساب المعارف وتطوير المهارات …

"الصيف" في عيون طلبة جامعة نزوى بين خيار "التكنولوجيا" وتنظيم "القراءة"

 

تخصيص وقت القراءة وانتقاء المواضيع والكتب سيحقق مكاسب معرفية وثقافية

قضاء وقت كافٍ مع الكتب ومجالستها يقوي علاقة الطلبة بالكتاب

 

 


 

إشراقة 

 

العطلة الصيفية فرصة للطالب الجامعي للبحث عن ذاته ومواطن قوته، وممارسة ما يميل إليه من مهارات ومواهب في مختلف المجالات، التي ربما يكون التعليم الأكاديمي قد أشغله عنها، وقد يميل الطالب لمجالات جديدة من طريق خوض التجارب التي بدورها تصقل شخصيته وتنميها، لاسيما إن أحسَن اغتنام هذه الفرصة، وقضى ساعاتها في تغذية روحِه وتطويرها، ولا شك في أن القراءة هي أفضل ما قد يغذي الروح، وأسهل ما قد يمنح الشخص حياة أخرى، بتوسيعها لمداركِه وآفاق معرفته.

 "إشراقة" استطلعت عدداً من آراء طلبة الجامعة في مختلف التخصصات والكليات حول خططهم لقضاء وقت الصيف في تنمية مهاراتهم ومواهبهم وقدراتهم، مؤكدين على أهمية تخصيص وقت مناسب للقراءة، وانتقاء المواضيع والكتب من مؤلفين ومصادر صحيحة موثوقة، لضمان كسب حصيلة معرفية وثقافية، تُطَوِر بدورها شخصياتهم وتعززُ من قدراتهم، وتقودهم للمسير نحو ما فيه نماء لهم، وهذا ما سعت وتسعى جامعة نزوى لترسيخه في طلبتها.

 

الاستعداد لتجربة معرفية نافعة

استفتحنا الاستطلاع بسؤال عينة من طلبة جامعة نزوى عن كيفية انتفاع طالب العلم من كتابِ ما أو مؤلف معين، وخوضِه لتجربة علمية نافعة في العطلة الصيفية، فقالت شيماء الوحشية، طالبة في تخصص اللغة الإنجليزية والترجمة،: "اختر المؤلف الذي يركن له قلبك قبل العطلة حتى يصبح تلقي المعلومات وتحليلها سهلاً، ولا تمشِ وراء القطيع الذين يعظمون كل مَن يكتب حتى وإن لم يكن كاتباً".

أكد على ذلك سعيد الراشدي، طالب تمريض بجامعة نزوى، قائلاً: "ينتفع الطالب بالقراءة إذا أحسن اختيار الموضوع المناسب له، المكتوب من قِبل كاتب مختص في المجال؛ تجنبا لأخذ المعلومات الخاطئة، أو التأثر السلبي بمحتوى الكتاب. كذلك، يفضل قبل البدء في القراءة، أن يحدد القارئ ما يتوقعه من هذا الكتاب، هل يتأمل أن يقضي به الوقت فقط؟ أم ينوي الاستفادة وتطبيق ما ينص عليه الكتاب، أو التوسع في الموضوع والبحث، إذ إن تحديد الهدف له دور في الوصول للغاية المطلوبة".

 

علاقة وقراءة

 

وعن علاقة القراءة بالعطلة الصيفية في المجتمع العماني، يرى محمد العلوي، طالب محاسبة بجامعة نزوى، أن هناك صلة تربط إقبال الطلبة بالقراءة والعطلة الصيفية، فيقول: "الإجازة الصيفية فترة خالية من الدراسة والالتزامات الأخرى، وفرصة للقراءة في المجالات التي نميل إليها، والمواضيع التي نتطلع للاستفادة منها خارج المواضيع العلمية والأكاديمية. أيضاً تنتشر الكثير من الأنشطة والفعاليات المتعلقة بالقراءة في مجتمعنا في فترة العطل؛ تشجيعاً منهم على عدم إهمال القراءة في هذه الفترة الخالية من التعليم الأكاديمي".

 

ولفاطمة التوبي رأي مختلف قليلاً عن ما قاله العلوي، إذ قالت: "برأيي لا توجد علاقة بين العطلة الصيفية والقراءة، فكلنا نعلم أن القراءة وسيلة التّعلم والتعليم، والإنسان أو طالب العلم إذا كان يعرف قيمة القراءة لما تركها". 

ويرى العلوي أن  قضاء وقت كافٍ مع الكتب ومجالستها قد يقوي علاقة طلبة العلم بالكتب، ويضيف: "فقد قيل إن الكتاب خير جليسٍ في هذا الزمان، ولكن، إما أن تجالس كتاباً ذا محتوىً رصين، أو فلا تجالس، فقد يؤثر محتوى الكتاب على القارىء، وينهض به للمعرفة والصلاح، أو يشحن العقل بأفكار مغلوطة ويقود به للفساد".

 

من الموجِه الفكري والثقافي؟

 

وعند سؤالنا عمّن يساعد طالب العلم في تحديد اتجاهه الفكري والثقافي، أشارت شيماء لوجود العديد من المؤثرات التي بدورها توجه الطلبة نحو مجال ثقافي معين، فتقول: "كثرة المؤثرات هذه الأيام على الفكر، مثل: الأصدقاء والأشخاص الذين تتابعهم في مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن لا ضرر أن يكون تفكيرك حراً ناقداً بلا قيود" .

 

 

بينما يرى الراشدي أن الأهل والأصحاب هم الموجهين الأساسين، بقوله: "للأهل والأصحاب دور كبير في التوجيه للقراءة، والتشجيع على المواصلة فيها، وتحديد اتجاهاتهم الفكرية والثقافية واستنهاض اهتماماتهم، لا ننسَ الأشخاص المحيطين بنا، الذين قد يسهمون في توسيع مدارك الشخص من طريق شد انتباهه في أثناء طرح موضوع في مجال معين أو كتاب، أو حتى مؤلف معين، وإثارة الفضول في نفسه في مجالات ربما كان لا يهتم بها ولا يقرأ فيها".

 

الكتاب وتأثُّره بالتكنولوجيا

 

استرسل الراشدي قائلاً: "قد تكون التكنولوجيا عاملاً مشتتاً يحول بيننا وبين التركيز في القراءة والاهتمام بها، لكن حُسن استعمال هذه التكنولوجيات سيسهل علينا الوصول إلى الكتب وتصفّحها وقراءتها، ونشر ما استفدنا به من هذه الكتب، أو حتى تقييمها؛ كي يستفيد الآخرون من تجربتنا". 

يعبر محمد عن رأيه في هذا الموضوع قائلاً: "للأسف، مع دخول التكنولوجيا لحياتنا وتنوع المشتتات وبرامج التواصل الاجتماعي، أصبح الأغلب يميل لاكتساب المعلومات القصيرة، والمرئية غالباً، من طريق الفيديوهات والصور المنشورة، وأصبح الكتاب وسيلة مملة بالنسبة لهم، وتستغرق وقتا طويلا، وأصبح الغالب تصديق كل المعلومات أياً كان مصدرها، صحيحة كانت أم خاطئة، بمجرد كثرة (الإعجابات) التي حصلت عليها".

لم يختلف رأي التوبية عن آراء من سبقها، فتقول: "إنه لمن المؤسف أن التكنولوجيا قد بدأت تسيطر على الأشخاص، وتتحكم بأوقاتهم وعقولهم، حتى باتت تنشر الأمية؛ كونها سببا رئيسا في إبعاد الناس عن القراءة". 

وتضيف شيماء: "حتى بعد ظهور موضة القراءة، لا يزال القارئ النبيل موجودًا غير متقيد بالزمان أو المكان أو الظروف، ولا دخل للتكنولوجيا في التأثير به طالما كان شغوفًا بما يفعل"، هذا ما قالته شيماء في تأثير التكنولوجيا على علاقة الطالب بالكتاب.

 

ونلاحظ أن الغالب قد اتجه نحو القراءة الإلكترونية، مستغنياً بذلك عن الكتاب الورقي، ربما كونه يشغل مساحة أكبر على الرفوف، وصعوبة الوصول إليه في أغلب الأوقات مقارنة بالكتب الإلكترونية التي تتيح قراءتها في أي وقت، وبأي جهاز كان.

وأكدت نوار اليعربية في حديثها عن تأثير الكتاب بالتكنولوجيا على أن هذا التطور التكنولوجي لم يحلْ بين الطالب والكتاب، بل أصبح وسيلة تساعد الطلبة للوصول إلى الكتب، وتسهل عليهم القراءة، وتضيف في حديثها: "يحتاج كل منا إلى الاتزان في استعمال التكنولوجيا وبين القراءة سواء من الكتاب الورقي أم الإلكتروني"، وتؤكد على أهمية تنظيم الوقت وترتيب الأولويات للموازنة بين القراءة والتقنيات الحديثة، موضحة بعد ذلك في حديثها دور التقنيات الحديثة والتكنولوجيا في تطوير وتسهيل عملية القراءة، تقول: "فيجعل الطالب له وقتاً مخصصاً للقراءة، أقل تقدير ساعة يومياً، هنا لن تسرقه التقنيات الحديثة، خاصة شبكات التواصل الاجتماعي، إنما يسخر ما قرأه لإفادة الآخرين عبر التقنية الحديثة مثل خلق محتوى إلكتروني ينشر استفادته وتوصيته بكتاب، كذلك فتح مساحات صوتية أو مرئية لمناقشة أفكار الكتاب الذي قرأه … هذا كفيل أن يتعلق بالقراءة؛ لأن مناقشة الكتب عبر التقنيات الحديثة تفتح آفاقا للعقل والفكر".

وتضيف عائشة المياحية، طالبة فنون جميلة بجامعة نزوى: "لم تضع التكنولوجيا حائلا بيننا وبين الكتاب، بل نحن من نبني هذا الحائل، وكما هو معروف أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، لكن نحن من يمسك به ويتحكم به". 

 

 

العطلة الصيفية... مشروعات وأفكار

 

"الإجازة فرصة للمتعلم للإنجاز والخروج من كونه طالبا إلى عضو في المجتمع؛ وذلك من طريق مشاركته في مجالات ومعسكرات ومراكز صيفية تتيح له فرصة زيادة رصيده المعرفي؛ ليغدو بذلك جزءًا من مجتمع صاعد يسعى للقمة، والصعود للقمة يحتاج إلى معرفة وثقافة ليرتقي إليها". هذا ما أشارت إليه عائشة المياحية فيما يتعلق بكيفية اغتنام الإجازة الصيفية، وجعلها مأوىً للمشروعات والأفكار التي من شأنها أن تطور شخصية الطلبة الجامعيين، وتزيد مخزونهم الثقافي، وتوسّع مداركهم الفكرية".

ويوضح محمد رأيه في ذلك بقوله: "أعدُ القراءة -شخصياً- أحد أسهل الاستثمارات، فما تقرأه اليوم سيعود غداً لك، مفيداً أو ربما محفزاً، وباستثمارك الصحيح لوقتك، وتخصيص وقت للقراءة في جو هادئ ومناسب، سيكسبك معارف ومتعة في ذات الوقت".

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة