كلمة العدد : بين لهيب الصيف وانتعاش المراكز الصيفية
سيف بن محمد الرمضاني
مدير معهد التعلم مدى الحياة
ترتفع درجات الحرارة في صيف سلطنة عمان لتلامس أواخر الأربعينيات، ويرتفع معها شغف أولياء الأمور لتسكين فلذات أكبادهم في مراكز صيفية تضمن استمرار تدفق العلم والعلوم واكتساب المهارات. وها هي وسائل التواصل الاجتماعي تعلن وصول الفرج وتدفق الإعلانات، لينتقي بعدها الآباء والأمهات ما يتناسب وطاقات الأحباب من الأولاد والبنات. فتجد هنا اهتماما بتدريس مواد، وآخر يفتح الأبواب لتعلم الأنشطة ودراسة علوم المختبرات، وبعضهم يحتضن الكوادر من الشباب ويقيم المعسكرات.
جرس المراكز التعليمية الذي يطلق في فترة الصيف بمثابة تحذير لطيف لكل ولي أمر بأن الإجازة طويلة، واستغلالها مطلوب في كل إضافة مفيدة؛ فيهرع المربون لانتقاء المعروض في سلال المعرفة، ويبدأ المستفيدون منها للنهل حسب الطاقات. وفي حقيقة القول، إن هذه المراكز تشكل ملاذا آمنا لصقل المواهب وتنمية القدرات، وتمتزج فيها العقول لتخلق تنوعا فريدا من التميز والإبداعات. وحيثما تولي وجهك في أنحاء المعمورة تجد الأبواب مفتوحة لكل قاصد وراغب في التطوير والتمكين.
وبعيدا عما تحققه هذه المراكز من أرباح متواضعة، فإن الناظر لها وما تقدمه من برامج تعليمية وتوعوية وتثقيفية يعي تماما أن هناك جنودًا تعمل في الكواليس، تواصل نهارها بليلها لتخمد اللهيب المستعر بحِزم من البرامج والأنشطة المختلفة النافعة التي تثلج الصدور وتأتي بالغبطة والسرور لكل من أدرك أن للوقت قيمة، وأن الفراغ مفسدة، وملؤه بالمفيد مصلحة. يقول شاعر الزهد الشاعر العباسي أبو العتاهية:
إن الشباب والفراغ والجدة
مفسدة للمرء أي مفسدة
إن الناظر لهذه المراكز وما تقدمه من خدمات في هذه الفترة من السنة، يدرك تماما الحاجة الملحة لاستخراج تلك الطاقات الكامنة لدى أبنائنا الطلبة والطالبات، التي ربما ما كانت لتظهر للعلن إلا بوجود بيئة تحتضن مواهبهم وتساعد في تطويرها وتنميتها، وتعمل على تعريف المجتمع بما تملكه من تميز في جوانب معينة من حياتنا اليومية.
هنا في جامعة نزوى، وبالتحديد في معهد التعلم مدى الحياة يُطرح سنويا برنامج صيفي خاص بتطوير مهارات اللغة الإنجليزية لطلبة وطالبات المدارس للأعمار من ١٢ سنة فما فوق ذلك. يتميز البرنامج عن غيره من البرامج المماثلة بوجود نخبة مميزة من المحاضرين الأجانب الذين هم في الأساس محاضرين جامعيين في معهد التأسيس بجامعة نزوى، الذين لهم خبرات طويلة في التدريس، ناهيك عن التعامل مع مختلف الأعمار من طلبة المدارس والجامعات. في هذا البرنامج، تصنف مستويات الدارسين حسب نتيجة امتحان تحديد المستوى؛ ليخضع بعدها المتعلم إلى دورة مكثفة تقارب الشهر ينهى فيها مستوىً من مستويات اللغة الإنجليزية مع التركيز على مهارتي التحدث والكتابة. ويشهد هذا البرنامج إقبالا متناميا من قبل أولياء الأمور الذين يطمحون في تحسين مستويات أبنائهم في اللغة الإنجليزية؛ خصوصا أنه يقدم من قبل خبرات عريقة في مجال تدريس المادة، وأيضا لوجود بيئة محفزة تختلط فيها أعمار المشاركين وقدراتهم. كما يعكف معهد التعلم مدى الحياة حاليا على دراسة تقديم حزم من البرامج التثقيفية والتعليمية تضاف إلى برنامج اللغة الإنجليزية وتطرح في شكل باقات ينتقي منها المشارك ما يلائمه في أثناء فترة حضوره في البرنامج.
فيا أيها الآباء والأمهات شمروا السواعد والهمم، وسارعوا وبادروا في إلحاق أبنائكم بإحدى دور المراكز الصيفية، وانتقوا لهم ما يتناسب وقدراتهم العلمية والعقلية، وانتهزوا طول الإجازة في تحفيز مهاراتهم الثانوية، التي -بلا شك- ستسهم في تكوين ملامح حياتهم الشخصية والمستقبلية. سدوا فراغهم بانتقاء المفيد، ولا تدعوهم ضحايا لكل راصد متربص عنيد، فهم أمانة المولى في عنق كل ولي أمر يعي الأمر الرشيد.