المعجم الأول عربيا الذي يتبنى نظام الأوزان العشرة
معجم نزوى للأفعال في مراحله النهائية
14 من خريجي ماجستير التربية في تدريس العربية يشاركون في إعداد المشروع
المشروع يقدم خطة بناء ما يزيد على 3000 من الأفعال العربية الشائعة في اللغة العربية المعاصرة
حوار: إشراقة
أكمل الفريق البحثي لمعجم نزوى للأفعال مراحل متقدمة من إعداد مشروع المعجم، الذي يعد من المشاريع المهمة التي تعمل عليه جامعة نزوى بالتعاون مع مؤسسات عربية وأوروبية، إذ يتوقع أن ينتهي الفريق مع أواخر العام الجاري 2022م من مرحلة الجمع قبل الانتقال للمرحلة الأخيرة من المشروع، المتمثلة في النشر الإلكتروني والورقي لهذا المعجم.
وقد أكد ذلك الدكتور خير الدين عبد الهادي، الأستاذ المساعد ورئيس شعبة اللغة الألمانية بكلية العلوم والآداب في جامعة نزوى، المشرف العام لمعجم نزوى للأفعال، الذي قال: "إن الفريق البحثي قد أنجز المرحلة الأولى كاملة، وتمثلت هذه المرحلة في جمع نصوص من مختلف الميادين المعرفية. وقد شكلت هذه النصوص عماد مدونة لغوية، اشتملت على ما يقرب من خمسة آلاف نص، تضم ما يزيد على ستة ملايين كلمة".
وعن الإضافة التي يمثلها هذا المعجم، قال: "هو أول معجم أحادي اللغة على الساحة العربية، يحاول تقديم حلول لكثير من المشكلات والصعوبات اللغوية التي تواجه متعلمي العربية لغةً ثانيةً. كما أنه أول معجم يوضع على أساس المفردات الشائعة في اللغة العربية المعاصرة. وبهذا الاعتبار فهو يحمل سمة الريادة نوعا ومنهجا" ... وهذا نص الحديث.
س1/ يعد مشروع "معجم نزوى للأفعال" أحد المشاريع المهمة الذي تبنته جامعة نزوى، وهو ضمن مجموعة من مشاريع البحوث والدراسات للجامعة التي دائما ما تعمل الجامعة على احتضانها، والسؤال أين وصلت مراحل تنفيذ مشروع معجم نزوى للأفعال؟
تقوم الصناعة المعجمية في الأساس على ثلاث مراحل أساسية، هي: الجمع والتحرير والنشر. وقد أنجز الفريق البحثي المرحلة الأولى كاملة، وتمثلت هذه المرحلة في جمع نصوص من مختلف الميادين المعرفية. وقد شكلت هذه النصوص عماد مدونة لغوية، اشتملت على ما يقرب من خمسة آلاف نص، تضم ما يزيد على ستة ملايين كلمة. وقد جمعت هذه المدونة من مصادر معرفية متعددة، أهمها: الصحف والمجلات العلمية والكتب المتخصصة وعدد من الأعمال الأدبية.
واستند الفريق البحثي على هذه المدونة في وضع قائمة بالأفعال الشائعة في اللغة العربية المعاصرة. وقد تم إشهار هذه القائمة، التي حملت اسم قائمة نزوى لأفعال اللغة العربية المعاصرة، في ورشة عقدت في فبراير الماضي بمشاركة جامعات ألمانية والجامعة الأردنية، وبرعاية كريمة من الدكتور أحمد بن خلفان الرواحي -رئيس الجامعة.
ويعكف الفريق البحثي في الوقت الراهن على المرحلة الثانية في هذا المشروع، مرحلة التحرير المعجمي الذي ينطلق من الأسس العملية لنظرية المكملات اللغوية. ومن المتوقع أن ينتهي الفريق البحثي من هذه المرحلة مع نهاية العام الحالي. لتبدأ بعدها المرحلة الأخيرة من المشروع المتمثلة في نشر المعجم إلكترونيا وورقيا.
س2/ كيف تنظرون إلى الأهمية العلمية والمعرفية لمشروع "معجم نزوى للأفعال" خاصة أن المشروع يأتي إعداده بعد سنوات طويلة من آخر معجم عربي تم الاشتغال عليه في هذا الجانب؟
تبدو الحاجة ملحة لهذا المعجم؛ وذلك لسد فجوة هائلة في المواد التعليمية المخصصة لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وحاجتهم الماسة إلى مصدر يركنون إليه عند اختبار تراكيبهم اللغوية التي يستعملونها كتابة وقراءة ومحادثة واستماعا.
وتأتي أهمية هذا المشروع كذلك كونه يعد المعجم الأول في العربية من حيث النوع، ومن حيث المنهج المتبع في إعداده، فالساحة العربية تخلو من أمثال هذه المعاجم. كما يعتمد هذا المعجم في ترتيب مواده ووحداته المعجمية على نظام صرفي (الأوزان العشرة)؛ محدثا تغييرا لما ألفناه في الدراسات الصرفية قديمها وحديثها. ومن شأن إدراج هذا النظام وتفعيله في الدراسات الصرفية العربية، أن يسهل عملية تدريس الصرف العربي للعرب أنفسهم. وأستطيع القول إن معجم نزوى هو أول معجم عربي يتبنى هذا النظام الصرفي، وهو بهذا يسهم في تعزيز الجوانب التطبيقية والعملية التي تتصدى لقضايا المعجم العربي وقضايا الصرف العربي.
3/ ما المعايير التي اعتمدتم عليها في وضع أسس ومرتكزات معجم نزوى للافعال، وما الإضافة التي سيمثلها المعجم للمكتبة العمانية والعربية؟
ينطلق معجم نزوى لأفعال اللغة العربية المعاصرة من واحدة من أهم النظريات في علم اللغة التطبيقي، وهي نظرية المكملات valence theory. وقد غيرت هذه النظرية قواعد الصناعة المعجمية الموجهة لمتعلمي اللغة الثانية، وأقامتها على أسس كمية ونوعية ودلالية، وأعادت جوهر العمل المعجمي بذلك إلى علاقات التكافؤ القائمة بين عناصر الجملة الواحدة التي ترتبط بعنصر مخصوص في الجملة، يطلبها ويوجهها تركيبيا ودلاليا. فالمادة المعجمية التي يعرضها العمل المعجمي ينبغي ألا تكون مقتصرة على عرض دلالة هذه المادة وتنوعاتها، بل يجب أن تشتمل على توصيف للعلاقات التركيبية التي تقيمها هذه المادة مع غيرها، من ناحية طلبها لعدد مخصوص من المكملات، ولنوع مخصوص منها كذلك، ولسمات دلالية مخصوصة، تتحد وفقها دلالة هذه المادة المعجمية، ولا تتجاوزها إلى غيرها، فدلالة المادة المعجمية وفق هذا الاعتبار تتحد وفق عدد مكملاتها ونوعها وسماتها الدلالية التي تعد جزءا أساسا من دلالة هذه المادة.
ولم يعد السياق هو الموجه الوحيد لدلالة اللفظة، فالسياق قد يكون خافيا غير جلي على متعلم اللغة الثانية. كما أن إيحاءات اللفظة الواحدة وعلاقاتها التركيبية مع غيرها من الألفاظ، وما تطلبه من عناصر لغوية مخصوصة في اللغة الأم لمتعلم اللغة الثانية، قد تختلف اختلافا كبيرا عما هو شائع ومقبول تركيبيا ودلاليا في اللغة الثانية، وهو ما يوقع متعلم اللغة الثانية في أخطاء النقل السلبي من لغته الأم إلى اللغة الثانية التي يتعلمها، وهي أخطاء ناتجة عن التداخل في الأنظمة اللغوية، واختلاف العلاقات التركيبية والدلالية التي تقيمها ألفاظ هذه اللغات فيما بينها.
ونؤكد على أن معجم نزوى انطلق من هذه الأسس العملية لهذه النظرية. كما أفاد من تقنيات اللسانيات الحاسوبية والإحصاء اللغوي ولسانيات المدونة. وغاية هذا القاموس وضع خطة لبناء الجملة العربية، انطلاقا من العنصر المركزي فيها، وهو الفعل. فمن طريق تحديد البيئة التركيبية والدلالية للعنصر المركزي في الجملة، يمكن تحديد بناء تركيبي محكم للجملة العربية مقترنا بالانسجام الدلالي بين عناصر التركيب الواحد، مما يقلل من الأخطاء التركيبية والدلالية التي يقع فيها متعلمو اللغة العربية من غير الناطقين بالعربية؛ بناءً على تحديد مكملات الفعل العربي كمًا ونوعًا ومن ناحية سماتها الدلالية، ومراعاة علاقات التكافؤ التركيبي والدلالي للفعل العربي، وسيكون متعلم العربية من الناطقين بغيرها قادرا على تكوين جمل أو تعبيرات مقبولة تركيبيا ودلاليا.
وكما أسلفت، سيكون عماد القاموس مادة معجمية حية، تولى أعضاء الفريق البحثي جمعها وتبويبها وتحليلها انطلاقا من لسانيات المدونة. وقد تم تحديد ما يزيد على خمسة وعشرين موضوعا من مختلف الميادين المعرفية، شملت الميادين الدينية والاجتماعية والعلمية والسياسية والطبية والرياضية والفنية وغيرها من الميادين. ولإعطاء المادة المعجمية المجموعة سمة الشمولية، ومحاولة لمراعاة التنوع الدلالي المرتبط بالاستعمالات المناطقية للأفعال، جمع الفريق البحثي المواد المعجمية من مصادر تغطي الأقطار العربية كافة.
أما عن الإضافة التي يمثلها هذا المعجم، فهو يعد أول معجم أحادي اللغة على الساحة العربية، يحاول تقديم حلول لكثير من المشكلات والصعوبات اللغوية التي تواجه متعلمي العربية لغةً ثانيةً. كما أنه أول معجم يوضع على أساس المفردات الشائعة في اللغة العربية المعاصرة. وبهذا الاعتبار فهو يحمل سمة الريادة نوعا ومنهجا.
س4/ مشروع بهذا الحجم قد تعترضه بعد الصعوبات والتحديات، ما طبيعة تلك الصعوبات، وكيف تمكنتم من التغلب عليها؟
التحدي الأبرز الذي واجه أعضاء الفريق تمثل في القيود التي وضعتها جائحة كرونا، التي فرضت التباعد الاجتماعي، وأدخلتنا في عوالم افتراضية، لا تتلاءم وطبيعة هذا المشروع، الذي يفترض عقد لقاءات دورية بين أعضاء الفريق البحثي للتشاور والالتقاء والاتفاق على كثير من الجوانب الخلافية التي تمليها أمثال هذه المشاريع البحثية. ولاعتماد هذا المشروع على الإحصاء اللغوي وما يرتبط به من استخدامات الحاسوب في التحليل اللغوي، ظهرت بعض الصعوبات في استخدام بعض أدوات تحليل المدونات اللغوية، وتم التغلب على هذه الصعوبات بدعم من الزملاء في مركز تقنية الحاسوب في الجامعة. وفيما يخص الصعوبات المتعلقة بمنهج إيراد المواد المعجمية في المعجم، فقد واجهتنا صعوبات ذات صلة بطبيعة اللغة العربية الاشتقاقية، وما تمليه هذه الطبيعة من استخدام نسق معجمي مخصوص في التعامل مع الوحدات المعجمية العربية على نحو قد يكون مخالفا لما اعتاد عليه مستخدمو هذا المعجم في لغاتهم الأم. وقد حلت هذه الإشكالية باستخدام نظام الأوزان العشرة، وهو نظام صرفي محكم، طوره المستشرقون الغربيون انطلاقا من مقولات الصرف العربي التقليدي وتحديداته، وعليه تم ترتيب الوحدات المعجمية انطلاقا من الوزن الصرفي الذي تحمله، وليس من الجذر الذي تنتمي إليه الوحدة المعجمية. كما واجهتنا صعوبات مرتبطة بأدوات تحليل المدونات اللغوية، وهذه الصعوبة ذات صلة بالنظام الكتابي للغة العربية، الذي يسمح بنطق أصوات دون أن يرى ضرورة لكتابتها. وينعكس هذا سلبا على أدوات تحليل المدونات اللغوية، التي تعجز عن تمييز أنواع الكلام العربي، وقد دفعتنا هذه الإشكالية إلى التعامل اليدوي مع ملايين المفردات التي لم تستطع الأداة تمييزها بعضها عن بعض.
س5/ هل لكم أن تطلعونا على مراحل إعداد مشروع معجم نزوى للأفعال وعدد المشاركين فيه؟
كما أسلفت ذكره، يجري إعداد هذا المشروع على ثلاث مراحل تتوافق مع ما تمليه الصناعة المعجمية، وهي: الجمع والتحرير والنشر. والفريق البحثي يعمل حاليا في المرحلة الثانية، وهي مرحلة التحرير المعجمي. أما عن عدد المشاركين في هذا المشروع، فيبلغ أربعة عشر مشاركا، جلهم من خريجي ماجستير التربية في تدريس العربية للناطقين بغيرها في جامعة نزوى، إضافة إلى زملاء من ألمانيا ومن الأردن.
س6/ هل هناك خطة تسويقية سيتم العمل عليها بعد اكتمال مشروع المعجم، ما طبيعة هذه الخطة؟
ثمة خطة تسويقية طموحة لهذا المعجم، تسعى لنشره والتعريف به في أوساط المشتغلين والمهتمين بقضايا اللغة العربية وطرائق تدريسها، والوصول إلى الشريحة المستهدفة من هذا المعجم. وللوصول إلى هذا الهدف، سيتم نشر هذا المعجم بداية إلكترونيا، وتوجيهه إلى دارسي العربية من غير العرب في الجامعات الألمانية؛ وذلك من طريق شركائنا هناك. كما سيتم نشر هذا المعجم ورقيا في ألمانيا، وذلك من طريق دار حمودة للنشر والتوزيع، وهي دار نشر في مدينة لايبزغ الألمانية، تعنى بالمنشورات الثقافية العربية والألمانية. وقد شارك مديرها التنفيذي الأستاذ فيصل حموده في الورشة الأخيرة التي عقدت في رحاب جامعة نزوى، وتم التوافق على أن تتولى هذه الدار نشر المعجم ورقيا في ألمانيا؛ لتمتد منها إلى الدول الأوروبية الأخرى التي تقدم جامعاتها الدراسات العربية ضمن برامجها الأكاديمية.
س7/ كم عدد المفردات والأبواب اللغوية المتوقع أن يشتمل عليها المعجم؟
يقدم هذا المعجم خطة بناء ما يزيد على 3000 من الأفعال العربية الشائعة في اللغة العربية المعاصرة، وتوصيف البيئة التركيبية والدلالية لها، وهي بيئة ناشئة عن قدرة الفعل العربي وحاجته للارتباط بمكملات مخصوصة والتعلق بها؛ ليكون قادرا على التعبير عن تنوعات دلالية عديدة. ويقوم المعجم بتبويب مواده المعجمية صرفيا انطلاقا من مبدأ الأوزان العشرة، وهو مبدأ تقوم على أساسه جل المعاجم الأوروبية عند وضع معاجم ثنائية اللغة تكون العربية اللغة المصدر فيها.
ويجنب استعمال هذا المبدأ مستعملي القاموس الكثير من الصعوبات الصرفية التي يمليها استعمال النظام الصرفي التقليدي للغة العربية القائم على أساس الجذر الثلاثي، وتقسيم الفعل إلى ثلاثي مجرد أو رباعي مجرد، وما يتفرع عنهما من أفعال مزيدة. ويسهم هذا المبدأ إسهاما فاعلا في تقديم أفعال العربية واشتقاقاتها بطريقة رياضية قياسية مطردة مبسطة؛ مما يساعد غير العربي على ضبط الأفعال وحسن بنائها.
وفيما يخص المواد المعجمية التي سترد في هذا القاموس، فسيتم اعتماد مبدأ الشيوع في إيراد المواد المعجمية، لتجنيب القاموس الغريب والنادر أو ما قل استعماله من الأفعال العربية.