السنة 17 العدد 156
2022/06/01

 البصمة المائية‎ 


 

 

د.سلام كاظم الداوري

 

كلية الهندسة والعمارة

 

إن المياه مصدر الحياة بمختلف جوانبها على كوكب الأرض، وقيام الحضارات  اقترن على مر العصور بتوفر المياه. وكما هو معروف للجميع الماء جزء حيوي للحياة. وتشكل مياه المحيطات والبحار حوالي 71% من مساحة سطح الأرض، و 96% من مجموع مياه الأرض من جميع مياه الأرض و 4 ٪ المياه الأخرى و 2.5٪ المياه العذبة. بينما 0.3٪ فقط تلك المياه العذبة التي في شكل سائل على السطح وبشكل رئيس في البحيرات والأنهار والجداول.

 

منذ القرن الماضي ازداد الاهتمام بالتغيرات البيئية والمناخية التي تسبب في نقص متزايد في مصادر المياه، إضافة للزيادة الملحوظة في استهلاك المياه بسبب النمو السكاني المضطرد في العالم. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن حوالي أكثر من مليار شخص في العالم لديهم نقص في مياه الشرب، وشحة المياه ستنعكس سلبا على نصف سكان الأرض في غضون الثلاثة عقود المقبلة إذا لم يتم تدارك الأمر. كما أن شح المياه يتضمن عدم كفاية المياه الصالحة للشرب، وعدم كفاية خدمات الصرف الصحي، ونضوب المياه الجوفية وتوافر المياه للزراعة؛ مما يؤدي إلى تناقص كبير في المحاصيل والسلع الزراعية، إضافة إلى موجات الجفاف المتتابعة التي ستؤثر حتما على توافر الغذاء على سطح الكرة الأرضية. وحسب تقارير الأمم المتحدة، إن الزيادة المطردة للسكان في العالم التي قد تتجاوز 9.7 مليار نسمة بحلول عام 2050م، نصفهم في تسع دول من ضمنها الدول العربية، وعلى هذا الأساس من المتوقع أن ترتفع الحاجة العالمية للمياه بمعدل 30%، والغذاء بمعدل 50% والطاقة بمعدل 40%. ومن هذا تتضح  أهم التحديات التي تؤثر على البيئة في العلاقة الجوهرية التي تربط بين المياه والطاقة، وحاجة كل منهما لإنتاج الآخر وغالبا ما يطلق عليها: "ارتباط الغذاء والمياه والطاقة".

 

إن البصمة المائية تعد أداة تحليلية مستحدثة لبناء فهم شامل للأمن المائي والغذائي على الصعيدين المحلي والدولي، التي يمكن أن تساعد صناع القرار في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمواجهة التوقعات الحالية والمحتملة للطلب على المياه والغذاء لشعوبهم.

 

ما البصمة المائية‎؟

 

يُشار إلى أنّ البصمة المائية للفرد أو المجتمع أو الشركات على أنها الحجم الكلي للمياه العذبة المستخدمة لإنتاج السلع والخدمات التي يستهلكها الفرد أو المجتمع أو الشركة. ويقاس استخدام المياه بحجم المياه المستهلكة أو الملوثة لكل وحدة زمنية.

 

كيف تكون البصمة المائية إيجابية؟

 

تعد البصمة المائية من أهم الوسائل التي تدفع المستهلك لإعادة النظر والتدقيق في مفهوم الترشيد وفكرته من طريق معرفة المحتوى المائي الافتراضي لمختلف السلع والخدمات، وحجم المياه اللازمة لإنتاج السلع.

 

ويمكن لهذه الطريقة توفير كميات مياه هائلة؛ وذلك بطرق عدة، فمثلا يتم الاستغناء عن زراعة بعض المحاصيل ذات كميات المياه الافتراضية المرتفعة، ويمكن استغلال هذه العملية في تغيير طرق الري والزراعة التقليدية، واستعمال وسائل حديثة وأكثر كفاءة، أو يمكن استيرادها من دول أخرى، بينما يتم زراعة محاصيل بـاستغلال المياه الافتراضية بشكل أقل.

 

 

 

 

في عام 2002 قام أستاذ إدارة المياه بجامعة توينتي بهولن أرين هوكسترا بإنشاء مفهوم البصمة وسيلة لقياس كميات المياه المستهلكة والملوثة في أثناء إنتاج السلع والخدمات. وتندرج البصمة المائية إلى جانب البصمة الكربونية والبصمة البيئية. 

 

طرق قياس البصمة المائية

 

إن البصمة المائية للسلعة هي حجم المياه العذبة المستخدمة في إنتاج هذه السلعة، الذي يقاس على جميع مراحل التجهيز والإعداد والإنتاج، وهو مقياس متعدد الأبعاد، إذ يشمل حجم استهلاك المياه، وحجم ونوع التلوث الناتج عن عمليات الإنتاج، ويتم تحديد جميع مكونات البصمة المائية جغرافيا وزمنيا، والبصمة المائية تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسة: البصمة المائية الزرقاء والبصمة المائية الخضراء والبصمة المائية الرمادية. وفيما يأتي وصف مختصر لكل نوع:

 

  • البصمة المائية الزرقاء: حجم المياه التي تم الحصول عليها من مصادر المياه السطحية أو الجوفية، مثل: البحيرات والأنهار المستهلكة فعليا في كامل خطوط ومراحل وعمليات الإنتاج لأي منتج أو سلعة. ويمكن إدراج بصمة المياه الزرقاء في الزراعة المروية والمياه المنزلية والاستخدام التجاري للمياه.
  • البصمة المائية الخضراء: تشير إلى حجم الموارد المائية الخضراء، وهي في الأغلب مياه الأمطار، التي تستخدم مباشرة لإنتاج محاصيل أو تنمية الثروة الحيوانية من طريق المراعي الطبيعية أو أي استعمالات أخرى. وكذلك يتم الحصول عليها من الترسيب وتخزينها في منطقة جذر التربة.
  • البصمة المائية الرمادية: تعرف بأنها حجم المياه العذبة المطلوبة اللازمة لتخفيف حمولة الملوثات الناتجة عن المياه مثل النفايات الصناعية والجريان السطحي في المناطق الحضرية من أجل تلبية معايير الجودة المطلوبة.

 

 

البصمة الداخلية والبصمة المائية الخارجية

 

البصمة المائية الداخلية هي حجم المياه المستخدمة من موارد المياه المحلية، بينما البصمة المائية الخارجية هي حجم المياه المستخدمة في بلد آخر لإنتاج كل السلع والخدمات التي تم استيرادها واستخدامها من قبل أشخاص من بلد مختلف.

 

بصمة المياه الفردية

 

البصمة المائية للفرد كمية المياه العذبة المستخدمة بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل الفرد. كما أنّ الاستخدام المباشر للمياه هو حجم المياه المستخدمة في المنزل، بينما المياه غير المباشرة هي كمية المياه المستخدمة في إنتاج السلع والخدمات التي يستهلكها الفرد. ويبلغ متوسط البصمة المائية في منطقة الشرق الأوسط 8600 لتر من المياه يومياً، مقارنة مع متوسط المعدل العالمي للاستهلاك، وهو 3794 لتراً في اليوم.

 

حماية موارد المياه

 

لم تعد فكرة الترشيد التقليدية لاستخدام المياه من الحلول التي يجب الاكتفاء باتباعها، إذ إن الأبحاث العلمية المتقدمة والتقدم التكنولوجي يتوجب علينا نحن المستهلكين للمياه التعاطي مع المؤشرات الحالية بكثير من الحكمة، وإعادة النظر لسلوكنا اليومي في المنازل وتبنّي المسؤولية تجاه حماية مواردنا الطبيعية، خصوصا موارد المياه باعتبارها أساسَ الحياة. كماأن تنمية الموارد المائية أصبحت مطلباً حيوياً لضمان التنمية المستدامة في كافة المجالات الصناعية والسياحية والزراعية؛ وبذلك يتوجب علينا تغيير الأنماط والعادات الاستهلاكية اليومية وعدم الإسراف في الاستفادة من نعمة من نعم الله عز وجل.

 

أهداف تقدير البصمة المائية

 

دراسات البصمة المائية لها أغراض كثيرة ومختلفة، يمكن تطبيقها في سياقات عديدة، وعليه لكل غرض يتطلب تحليل البصمة المائية على نطاق الغرض الخاص، على سبيل المثال البصمة المائية لسلعة أو مستهلك والبصمة المائية لبلدية أو مقاطعة أو دولة.

 

إن تحديد البصمة المائية يتطلب عددا من الأمور التي لا بد من تحديدها، مثل: مستوى التفاصيل التي يراد دراستها، فإذا كان الغرض زيادة الوعي العام لاستهلاك المياه، فإن متوسط التقديرات العامة للبصمة المائية سوف تكون وافية. ولكن عندما يكون الهدف تحديد النقاط الحرجة لمصادر المياه، يتوجب أن تكون هناك حاجة لمزيد من التفصيل في نطاق التقييم والحسابات، أما إذا كان الهدف من تقدير البصمة المائية لغرض صياغة السياسات الوطنية للبلد، فيجب أن تكون الدراسة على درجة أعلى من التفاصيل المكانية والزمانية.

 

البَصمة المائية للسلع والمحاصيل

 

الجدول في أدناه يوضح البَصمة المائية للسلع بمصر محسوبا بالمتر المكعب لكل طن، ويعد هذا الجداول مهما جدا عند حساب البصمات المائية للمستهلكين والسلع والصناعات.

 

من طريق ملاحظة هذا الجدول يتبين أن أعلى البصمات المائية هي محاصيل الزيوت ولحوم البقر، إذ تبلغ البَصمة المائية طنا من لحم البقر، أي حوالي 18419 متر مكعب من المياه. وتبلغ البَصمة المائية لزيت السمسم حوالي 15932 مترا مكعبا من المياه لكل طن من زيت السمسم.

 

بينما يتبين أن أقل بَصمة مائية هي في حال الخضروات والفواكه والحمضيات، إذ تبلغ البَصمة المائية للخضروات حوالي 359 مترا مكعبا من المياه لكل طن.

 

جدول البَصمة المائية لبعض السلع بمصر محسوبا بالمتر المكعب لكل طن:

 

السلعة

إجمالي

السلعة

إجمالي

السلعة

إجمالي

 القمح

1692

الفول السوداني

3359

 فول الصويا

2077

 الأرز

1948

 عباد الشمس

2922

التوابل وأخرى

11692

 الشعير

3118

 بصل

349

 اللحم البقري

18419

 الذرة

1390

 بذرة القطن

1453

 زيتون

2067

 زيت النخيل

4165

 لحم الضأن والماعز

8649

لحوم الدواجن

5839

 الشوفان

2301

 بذور السمسم

6850

ألياف القطن

10272

 طماطم

235

 زيت جوز الهند

12625

لحوم الخنزير

6706

 الذرة الرفيعة

1107

زيت بذور السمسم

15932

لحوم وأخرى

14378

 الحبوب وأخرى

3293

 زيت الزيتون

10095

 المحاصيل الزيتية

3537

 البطاطا

421

 تفاح

938

 الجلود

9887

 فاصوليا

3199

 البرتقال

756

 زيت دوار الشمس

58976

 بازلاء

1879

 الليمون

686

دهون الحيوانات

8308

 

 البقول، أخرى

2482

 الموز الإفريقي

1603

الزبدة والسمن

8308

 

 

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة