التعليم الرقمي ... جامعة نزوى أنموذجا
مصطفى المعمري
التعليم الرقمي أحد المرتكزات الرئيسة لأي مؤسسة تعليمية طموحة، خاصة في هذه المرحلة التي يجب أن يكون التعليم الرقمي وإدخال البرامج والأنظمة وخدمات التعليم الإلكتروني في مقدمة أولويات أي مؤسسة تعليمية ناجحة.
مع اتساع نطاق تقديم الخدمات التعليمية الإلكترونية، وتطور المفاهيم والأساليب التعليمية المختلفة، كان لزاماً على الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة أن تتكيف مع الواقع الجديد لنظم التعليم الحديث؛ عبر مجموعة من الخيارات، في مقدمتها تعزيز منظومة العمل الإلكتروني، الذي باستطاعته أن يسهم في تسريع أداء العمل المؤسسي من جهة، ويوفر الجهد والوقت والمال من جهة أخرى.
وتسابق الكثير من المؤسسات التعليمية الجامعية الوطنية الزمن للانخراط بشكل كامل في خدمات إلكترونية تعليمية فاعلة ومتطورة وسريعة؛ عبر امتلاك منظومة لديها القدرة على ربط الطالب بالخدمات الجامعية المختلفة؛ بدءاً من التسجيل والتقييم والدراسة والتوجيه، بالإضافة إلى مواكبة المستجدات التي يشهدها قطاع التعليم الإلكتروني، إذ يكون بحاجة إلى تخصيص موارد مادية قادرة على تلبية احتياجات ذلك التحول الحاصل في مستوى البرامج والأنظمة التعليمية، واستثمارها بالشكل الذي يحقق الأهداف والتوجيهات العامة للدولة بالتحول الإلكتروني والمعرفي الكامل في تقديم الخدمة أيّاً كان نوعها وطبيعتها.
لقد أدركت جامعة نزوى أهمية تلك التوجهات منذ وقت مبكر، وحرصت بعناية للاستفادة من التجارب والنجاحات التي تحققت في هذا القطاع، كما عملت على استثمار مشروع التحول الرقمي بتوفير منظومة إلكترونية تربط الطالب بكليات الجامعة ومراكزها وخدماتها ومدرسيها، وسخّرت طاقاتها البشرية والمادية التي أسهمت في التأسيس لمنظومة عمل إلكترونية متكاملة ومرنة؛ من حيث قدرتها على التعاطي مع مختلف التحولات التي يشهدها العالم في هذا المجال، والنهوض بمستوى الوعي لدى الطالب والمجتمع بأهمية استخدام التقنيات الحديثة في إنجاز المتطلبات التعليمية المختلفة.
هذا يقودنا للإشارة لحديث الدكتورة بدرية بنت حمد الرقيشية، المسجل العام بعمادة القبول والتسجيل بجامعة نزوى، عندما تطرقت في حديث لـ "إشراقة" إلى رؤية الجامعة فيما يتعلق بالاستثمار في المجال الرقمي، إذ قالت: "سعت الجامعة لإيجاد منظومة تعليمية متكاملة كانت تكلفتها تفوق المليون ريال عماني، كما قامت الجامعة بتصميم حرم جامعي ذكي يقوم في أساسه على توظيف التقنيات الحديثة لتسجيل المحاضرات، وتسجيل الحضور والغياب وغيرها من الخدمات التي ستحول حرم الجامعة إلى حرم ذكي؛ يهدف إلى تحسين جودة الحياة الأكاديمية في الحرم الجامعي". كل ذلك وغيره من المشاريع والتوجهات التي تبذلها الجامعة بمختلف إداراتها وكلياتها ومراكزها، يقودنا إلى حقيقة الجهد الذي بذلته وما زالت تبذله الجامعة في سبيل النهوض بالعمل الإلكتروني بمختلف مساراته التعليمية والإدارية والمالية.
هناك خطة عمل طويلة ركزت عليها الجامعة منذ بدايتها في 2004م، كان العنصر البشري محورها وأساس مهم في مشروع التحول الرقمي الذي حققته الجامعة، والبرنامج الذي قام على العديد من الأهداف والتوجهات وفق رؤية تستشرف المستقبل، وتقدم حلولا وخيارات تعليمية تستند على رؤية واضحة تقوم على إتاحة فرص التعليم بمختلف الوسائل التقنية الحديثة.
قبل سنوات ليست ببعيدة كان الحديث عن خدمات تعليم الكترونية، والتعليم عن بعد وغيرها المفاهيم والمشاريع الحديثة في مجال التعليم الرقمي، ربما يكون ضربا من الخيال عند بعضهم؛ لكنه اليوم، خاصة بعد أزمة كوفيد 19، أوجد واقعا آخر مختلفا فرض نفسه وبقوة على مختلف المستويات والمجالات الحكومية والخاصة، وهو ما يتطلب رعاية وعناية أكبر في المرحلة القادمة في ضوء تلك الجهود التي تبذلها الحكومة للتحول الإلكتروني الكامل في الخدمات، وهو ما يتطلب العمل وفق خطط مدروسة تمكن هذه المؤسسات من مواكبة التحولات الرقمية المتوقعة في المرحلة القادمة، التي تشهد تسارعا كبيرا من حيث طبيعة الأنظمة والأجهزة والخدمات التي تتطور بشكل كبير.