السنة 17 العدد 153
2022/03/01

الأداء الإداري في مديريات التربية والتعليم وعلاقته ببعض المتغيرات 

(الاستقرار الوظيفي ودافعية الإنجاز والكفاءة الذاتية)


 

 

كتب: د. ربيع بن المر الذهلي

أستاذ مساعد، قسم التربية والدراسات الإنسانية

كلية العلوم والآداب، جامعة نزوى

 

تمثل إدارة الأداء مفهومًا إداريًا جديداً نسبياً، إذ تعود جذوره إلى الإدارة الأنجلوسكسونية، حتى ظهر في ثمانينيات القرن الماضي مفهوما مستقلا يفيد أن إدارة الأداء عبارة عن عملية تمكن الموظفين من أداء أدوارهم بأفضل ما لديهم من قدرات؛ بهدف تحقيق الأهداف والمعايير المحددة المرتبطة مباشرة بأهداف المنظمة، وتعد إدارة الأداء تقنية إدارة استراتيجية تدعم أهداف العمل العامة للمؤسسة من طريق ربط أهداف عمل كل فرد بالمهمة العامة للمؤسسة Alarcón, 2020)).

 

وقد تطورت إدارة الأداء من طريقة الإدارة بالأهداف التي تتضمن تحقيق النتائج التي يتم ربطها بالأهداف المحددة، مع  التركيز على الأهداف القابلة للتحقق؛ للوصول لأفضل النتائج الممكنة باستخدام الموارد المتاحة. وتميل طريقة الإدارة بالأهداف إلى تطبيقها فقط على الإدارة، بينما يتم تطبيق إدارة الأداء على جميع الموظفين، فهي تسعى إلى دمج جميع الجهات التنظيمية الفاعلة في السعي لتحقيق أداء أفضل. وتستخدم طريقة الإدارة بالأهداف مقاييس الأداء الكمي، في حين أن إدارة الأداء تشمل كلا من المقاييس الكمية والنوعية؛ بما يضمن عدم التركيز فقط على الأداء المالي. (Kapur, 2020)

 

ويشير بن صالح وسماحي (2021) إلى أن سمات إدارة الأداء الجيد يجب أن تتضمن الاستمرارية، والمرونة، والتشاركية، والسمات السلوكية الداعمة والملائمة، والتنفيذ، ومراجعة الأداء، والأفكار، والاقتراحات. كما تتكون عملية إدارة الأداء من ثلاثة أجزاء مهمة، تشمل: أداء مدير التخطيط والتطوير، ومراقبة أداء المدير، والتنمية المهنية والجرد السنوي. ويجب أن تتم هذه الأجزاء في تسلسل محدد؛ ولكنها لا تتم في وقت واحد، ولكن يجب على أعضاء مجلس الإدارة والمديرين والمشرفين وغيرهم من أعضاء المنظمة التركيز على ذلك بشكل مستمر.

 

ويشير مورفي  (Murphy 2021) إلى العوامل الرئيسة المكتسبة نتيجة الأداء الإداري الجيد، هي: توضيح مسؤوليات الوظيفة، والتوقعات، وتعزيز الإنتاجية الفردية والجماعية، وتطوير القدرات بين الموظفين إلى أقصى حد من طريق التغذية الراجعة العملية، والتدريب، وتحفيز سلوك الأفراد بما يتماشى مع الاستراتيجية، وأهداف وقيم المنظمة، وتوفير الأساس لاتخاذ قرارات رأس المال البشري التشغيلية؛ أي الدفع والتعويضات وإحداث تحسينات في التواصل بين الموظفين والمديرين.

 

ويمكن تعزيز إدارة الأداء عبر الأهداف التنظيمية، هي: مبادئ حيوية تؤثر على أداء الأفراد، وكذلك مبدأ الشفافية، فعندما يتعين اتخاذ القرارات داخل المنظمة، فإنها تحتاج إلى التأكد من أنها ذات مصداقية للأفراد، كما يعد مبدأ تطوير الموظفين وتمكينهم أحد أهم العوامل داخل المنظمة، ويشمل تشجيع الموظفين على المشاركة في عمليات صنع القرار، ومنحهم حقوقًا وفرصاً متساوية، وهناك مبادئ أخرى مثل القيم والمعايير، وظروف وبيئة العمل، والتدريب والتطوير، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، ونظام التغذية الراجعة. (Alarcón, 2020).

 

ويشير عبد الرؤوف (2018) إلى وجهة نظر أخرى تتمثل في المستوى المتزايد من الهشاشة في سوق العمل، الذي أدى إلى تزايد الاهتمام به كونه موضوعا سياسيا واجتماعيا كبيرا في معظم البلدان الصناعية، وأدى هذا إلى أن بعض المؤسسات تمر بحالة من الركود؛ مما قد يدفع بها إلى اختراع أنماط جديدة من الوظائف، التي تنتهي بانتهاء مدة المهمة الموكلة للموظف، مما قد يدفع الموظف إلى البحث باستمرار عن وظيفة جديدة تؤمن له سبل عيشه، للوصول إلى وظيفة تؤمن له الاستقرار الوظيفي.

 

إن الكفاءة الذاتية لها تأثير إيجابي على الأداء الوظيفي، فالشخص الذي يتمتع بكفاءة ذاتية عالية سوف يتطلع ليكون أفضل من الزملاء الآخرين، ونتيجة لذلك، فإن هذا يجعله يضع معايير مرتفعة في عمله؛ ليكون أفضل في أدائه الوظيفي من الآخرين، ومن جهة أخرى إن الكفاءة الذاتية تتطور بمرور الوقت، وبطبيعة الحال سوف يستطيع الموظف التعامل مع الصعوبات التي تحدث في مكان العمل (Alarcón, 2020).

 

ويرى بن صالح، سماحي (2021) أن الإنجاز الوظيفي له تأثير إيجابي أيضا في أداء الموظف، وبشكل مباشر في الاستقرار الوظيفي له، فالدافع يلعب دوراً حاسماً أكثر من العوامل الفردية الأخرى من حيث الأداء، فالدافع يولد الجهد، كما أن الجهود والخصائص الفردية والدعم المؤسسي يولد الأداء، فالشخص الذي يمتلك دافعاً مرتفعاً، هو الشخص الذي يبذل جهودًا كبيرة، من أجل دعم أهداف المؤسسة، أما الشخص غير المتحمس سوف يبذل فقط الحد الأدنى من الجهد للعمل.

 

ويرتبط الاستقرار الوظيفي ببعض المفاهيم، مثل: الشعور بالرضا والارتياح والأمان، إذ يرتبط بعمل الفرد، ومدى تناسبه مع نوع العمل الذي يؤديه وقدراته واستعداداته وطموحاته، كما يرتبط بمفهوم الشعور بالولاء والانتماء والروح المعنوية، التي تشير إلى نوع من القوة الداخلية التي تربط العامل بعمله وتجعله نشيطا فيه، قادراً على العمل الطويل دون ملل، وكذلك مفهوم المواظبة على العمل وعدم التغيب، إذ إن انخفاض نسبة الغيابات عند العمال، والالتزام بمواعيد العمل المحددة والمضبوطة، من المؤشرات التي تدل على استقرار العمال داخل المؤسسة. (عبدالرؤوف، 2018).

 

فالاستقرار الوظيفي هو مصطلح يصف المدة الزمنية التي يبقى فيها العامل في نفس الوظيفة. ويمكن التعرف على نوعين من الإحصائيات لتوفير معلومات عن الاستقرار الوظيفي: أولاً: معلومات عن متوسط ​​مدة الوظائف الحالية للموظف، ثانيا: معلومات عن نسبة العمال الذين توقفوا عن العمل (من جملة جميع العمال الذين يشغلون الوظيفة) في فترة زمنية معينة. (Alarcón, 2020)

 

والاستقرار الوظيفي يؤثر على دافعية الموظفين في إنجازهم للمهام، إذ يتميز كثيرو الإنجاز، بارتفاع  المثابرة والطموح، وأداء المهام على الوجه الأكمل، بحيث يستمر الفرد ذو الشخصية المنتجة لفترات طويلة في العمل، ومحاولة التغلب على الصعوبات التي تواجهه؛ بهدف السعي إلى تحقيق الأداء بدرجة عالية،فكلما شعر الفرد بالإشباع والارتياح في بيئة عمله وانتمائه لمؤسسته ارتفع مستوى دافعيته ورغبته في الاستمرار في العمل بها.

 

وباعتبار مديريات التربية والتعليم نماذج مصغرة لوزارة التربية والتعليم، فهي المؤسسة التي تشرف على تنفيذ السياسات التعليمية في المدارس التابعة لها، وتلعب دوراً بارزاً في تحقيق أهداف التربية، فإنه يقع على عاتقها تهيئة بيئة مريحة ومحببة للعاملين فيها (Murphy, 2021)؛ لذا ينبغي عليها أن تأمين الاستقرار الوظيفي لهم، وتوفير بيئة مناسبة لزيادة الإنتاجية، فإدراك الفرد لكفاءته الذاتية يؤثر بدوره على تقييمه لقدرته، وعلى تحقيق مستوى معين من الإنجاز (عبدالرؤوف، 2018).

 

وتعمل المديريات العامة للتربية والتعليم في سلطنة عمان في كافة المحافظات على تنفيذ خطط الوزارة، التي تعمل بالمقابل على منح مزيد من الصلاحيات الإدارية والمالية لهذه المديريات بشكل تدريجي. فالعاملون في هذه المديريات جزء مهم من الإدارة التربوية، واستلهاما للفكر السامي  للمغفور له صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله- فقد اعتمدت وزارة التربية والتعليم التقسيمات وتحديد اختصاصاتها؛ وذلك استناداً إلى القرار الوزاري رقم 2008م/79- فقد تم إنشاء دائرة رعاية الموظفين، التي من أهدافها تعزيز الرضا الوظيفي لدى جميع منتسبي الوزارة. 

 

 

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة