السنة 17 العدد 153
2022/03/01

أنموذج مقترح لتطبيق الحوكمة المؤسسية بالكليات الجامعية 


 

 

د. محمد الجرايدة 

 

 يعد موضوع الحوكمة المؤسسية  من المواضيع التي نالت الاهتمام في الوقت الحاضر، واكتسبت أهمية عالمية؛ كونها وسيلة استراتيجية وقائية تعمل على تشخيص المشكلات في النسيج الأكاديمي للجامعات قبل حدوثها؛ عبر معرفة أسبابها ثم وضع البرامج والحلول الوقائية؛ ولهذا تعد الحوكمة المؤسسية نظاماً استراتيجياً رشيداً ومتماسكاً يسهم في نجاح كثير من الجامعات في بلوغ أهدافها بكفاءة وفاعلية، مما ينعكس إيجاباً على كافة العمل المؤسسي فيها بشقيه الإداري والأكاديمي.

 

ولاشك أن الحاجة مهمة لهذا الأنموذج من حيث حاجة الجامعات في الأقطار العربية لنماذج تفيدها في تطبيق الحوكمة المؤسسية بالكليات الجامعية، إذ الاعتماد عليه لاتخاذ قرارات رشيدة تعزز مبادئ الحوكمة المؤسسية في الكليات الجامعية لدى القائمين على هذه الكليات، ومن المتوقع أن يستفيد من هذا الأنموذج عمداء الكليات دليلا مقترحا لتفعيل تطبيق الحوكمة المؤسسية الإدارية؛ كونها مدخلا مهما للتطوير الإداري، وإمكانية توظيف هذا الأنموذج لتطبيق الحوكمة المؤسسية في مؤسسات التعليم العام، وهو عبارة عن  مجموعة من الإجراءات والآليات المرتكزة على معايير الشفافية والمساءلة والاستقلالية والعدالة المؤسسية التي يقوم بها المسؤولون في الجامعات بغية تحقيق جودة المخرجات وتميزها.

 

ويتكون من الأبعاد الآتية: أولاً بعد للوائح والأنظمة، ويتضمن: أن يطلع العاملون في الكليات الجامعية على اللوائح والأنظمة فور صدورها، وتطبيق اللوائح والأنظمة على الجميع دون استثناء، وتوضيح أي غموض يظهر في اللوائح والأنظمة، ومراجعة اللوائح والأنظمة بشكل دوري لمواكبة المستجدات في بيئة العمل، ومراعاة إمكانات العاملين وقدراتهم عند إصدار اللوائح والأنظمة، وتوضيح اللوائح والأنظمة لجميع العاملين في الكليات الجامعية، وتبني فكرة إصدار تعليمات تضمن للعاملين الحصول على حقوقهم، وأن تمتاز التعليمات المقدمة لجميع العاملين في الكليات الجامعية بالوضوح التام والبعد عن الغموض.

 

ثانيا بعد الإفصاح والشفافية، ويتضمن: أن تقوم الكليات بتطبيق نظام مكافآت وحوافز واضحة للجميع، وأن تضمن المواقع الإلكتروني للكليات معلومات باللغتين العربية والإنجليزية، والإفصاح عن جميع المعلومات والتقارير ونتائج الأداء والعمليات والإجراءات والقرارات بشفافية، مع وجود سياسة إعلامية تبرز الأنظمة والتعليمات للعملية الإدارية والتعليمية، وضرورة الإفصاح عن المعايير المتبعة لشغل المناصب القيادية والإدارية، ووضوح المهام والمسؤوليات داخل الكليات للأطراف ذات العلاقة، وتوفير قاعدة بيانات عن كافة العاملين في الكليات.

 

ثالثاً: بعد العدالة والموضوعية، ويتضمن: أن تكفل الأنظمة للأكاديمين والإداريين حق ممارسة الاعتراضات والتحفظات والرفض والانتقاد، وتوازن إدارات الكليات بين سلطات الوظيفة ومسؤولياتها في الهيكل التنظيمي، وتوفّر الكليات آليات مناسبة تجنب الأكاديمين والإداريين التحيز وتضارب المصالح، وتتسم معايير تقييم الأداء للأكاديمين والإداريين بالعدل والموضوعية، وضرورة السماح للأكاديمي والإداري أن يناقش تقرير الأداء السنوي الخاص به مع رئيسه المباشر، ومعاملة الجميع في الكليات على أسس قائمة على العدل والمساواة دون تمييز، وضرورة استخدام سياسة موثقة وواضحة وفعالة لمنع التجاوزات في الكليات، وضرورة وجود نظام لتلقي الاقتراحات والشكاوي، وأن تلتزم الكليات بتطبيق القوانين والأنظمة عند ممارسة أعمالها.

 

رابعاً: بعد المرافق والتجهيزات، ويتضمن: توفير جميع الموارد المتاحة لضمان استيفاء متطلبات المعايير المهنية، وتوفير قاعات كافية للمحاضرات والمختبرات، وتجهيز المحاضرات والمختبرات بكافة الوسائل التقنية، وتوفير نظام متكامل وجيد للأمن والسلامة في جميع مرافق الكليات، ووجود قنوات اتصال داخلية وخارجية تدار بمستوى عال من الكفاءة والجاهزية، ومكتبة حديثة تعتمد إدارتها على النظام الإلكتروني في الكليات، وضرورة الاستفادة من الثورة التكنولوجية في مجال الاتصال وتوظيفها في التعامل مع أطراف الاتصال المختلفة، وتوفير قنوات اتصال لتلقي اقتراحات العاملين.

 

خامساً: بعد المساءلة الإدارية ويتضمن: وجود آلية واضحة للمساءلة الإدارية في الكليات الجامعية، وتنفيذ نظام المساءلة الإدارية بفاعلية في الكليات الجامعية، وإعلان آليات المساءلة الإدارية لجميع العاملين في الكليات الجامعية، والسماح لآليات المساءلة الإدارية بالمراقبة في أي وقت، وسير إجراءات المساءلة الإدارية بنزاهة، وتنفيذ نظام العقوبات بحق العاملين المخالفين في الكليات الجامعية، والتدرج في تنفيذ العقوبات تبعا لتكرار المخالفة، والمساءلة الإدارية بناء على معلومات موثقة، وتركيز آليات المساءلة الإدارية على تعزيز المسؤولية في نفوس العاملين.

 

سادساً: بعد الكفاءة والفاعلية، ويتضمن: ضرورة التواصل مع جميع العاملين من طريق قنوات اتصال حديثة، مثل: البريد الإلكتروني والوسائل المتاحة، وإعداد البيانات المالية للكليات على أساس معايير معتمدة، وترجمة رؤية الكليات ورسالتها بخطة استراتيجية معلنة وفق برنامج زمني لتحقيقها، وضرورة استثمار الموارد المالية والبشرية والتقنية بشكل متوازن لتحقيق الأهداف، وضرورة مراعاة اتخاذ القرارات تجاه تحقيق الأهداف بأقل تكلفة ووقت وجهد، والسماح بطلب الاستشارة المهنية المتخصصة عند الحاجة، وتشجيع العاملين على استخدام المراقبة الذاتية، وضرورة وجود نظام فعال لإدارة الأزمات، وضرورة تزويد العاملين بالأدلة الإجرائية واطلاعهم عليها.

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة