خريج بامتياز أفقدته الدراسة شغف التعلّم … لتحفّزه رسالة وتنقذه منحة
إشراقة: ذكريات خريج
سلطان بن زايد بن سالم الهنائي من مواليد عام 1996م، خريج تخصص التقنية الحيوية في جامعة نزوى للعام الأكاديمي 2020/2021م. التحق بالجامعة في ربيع 2018م بعد أن خاض تجربة دراسية سابقة في جامعة السلطان قابوس، ولكن الظروف أجبرته للخروج منها بعد ثلاث سنوات ونصف. يقول: "أظلمت الدنيا في وجهي بعدها ولم أكن أعلم ما أفعل، فالتحقت بعمل مؤقت في أحد المحلات التجارية". يستضيفه عمود ذكريات خريج في صحيفة إشراقة للحديث عن مشواره الدراسي في جامعة نزوى، وذكرياته التي أحاطت بها المواقف والتجارب المختلفة.
يستهل الهنائي حديثه عن تلك الفترة بقوله: "أما عن بداية الدراسة في جامعة نزوى، فقد كانت بإصرار كبير من والدي، إذ لم أكن أرغب في إكمال دراستي الجامعية بعد تجربتي الأولى التي فقدت فيها شغف التعلم. ولكن … في جامعة نزوى كانت بداية حياة جديدة، كنت سعيدا لتلقي رسالة تحفيزية من أخي الأكبر في أول يوم دراسي لي في جامعة نزوى، فقد قال لي إن الحياة فرص، ونادرا ما تُتاح للإنسان فرصة أخرى، وأن علي استغلال هذه الفرصة الاستغلال الأمثل".
منحة المتفوقين
يصف سلطان بداية رحلته في جامعة نزوى بالمرحلة الصعبة التي لم يكن يمتلك فيها ذلك الشغف الكبير للدراسة، ولكن يقول: "رغم هذا حصلت على درجات امتياز في أول سنة دراسية لي؛ لأني كنت أشعر بالمسؤولية تجاه عائلتي؛ لرد الجميل لهم في أن أكون متميزا في الدراسة. ولكن بعد مرور العام الأول، أصبحت محبا للتعليم، وأحببت تخصصي كثيرا؛ خصوصا بعد بدء الجانب العملي في المختبرات والتجارب العلمية؛ مما زادني تحفيزا لمواصلة التميز فيه".
ويضيف: "تخرجت بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف من جامعة نزوى، غير أن طريق التميز هذا كان مليئا بالتحديات والعقبات. ولعل أصعب ما مررت به هو التفكير المتواصل -في أحد الفصول- بعدم قدرتي على إكمال دراستي الجامعية التي أحببتها جدا؛ بسبب عدم توفر الجانب المادي اللازم. لقد كان ذلك الوقت عصيبا لدرجة أنني كنت أخطط للانتقال من جامعة نزوى إلى جامعة أخرى كي أستطيع إكمال دراستي فيها بشكل مجاني. في ذلك الوقت أيضا، سمعت من أحد أصدقائي أنه يمكنني الحصول على منحة دراسية من الجامعة إذا كنت من الطلبة المتفوقين، فبادرت بالاستفسار عنها، وبفضل من الله استطعت إكمال دراستي في آخر ثلاثة فصول دراسية لحصولي على منحة المتفوقين من الجامعة رغم صعوبة الحصول عليها".
تجارب متفرقة
بدأ سلطان الهنائي المشاركة في الأنشطة الطلابية منذ عامه الأول في الحرم الجامعي، إذ كانت البداية مع جماعة التقنية الحيوية التي كان عضوا فيها، ثم تدرج ليصبح رئيسا لها. وقد استطاع من طريق مشاركته فيها -مع زملائه- لرفع جماعة التقنية الحيوية لتكون واحدة من أفضل الجماعات في الجامعة. يقول في سياق ذلك: "أنشأت لجنة خاصة في الجماعة باسم (لجنة المبادرات)، التي تعمل على مساعدة طلبة تخصص التقنية الحيوية في شرح بعض المواد الدراسية، وكنت أنا أول المبادرين فيها بشرح 5 مواد دراسية في الفصل الواحد. كما كانت لي مشاركات متفرقة بين الجماعات الطلابية الأخرى، مثل: جماعة المناظرات وجماعة البحث العلمي. وبعد تجربة الجماعات الطلابية، ترشحت لعضوية المجلس الاستشاري الطلابي للفترة الحادية عشر، وتشرفت لأكون نائبا للرئيس في تلك الفترة، نعم هي تجربة تعلمت منها أسلوب الحوار والنقاش مع الآخرين، وسعيت فيها لخدمة زملائي الطلبة".
إنّ المشاركة في الأنشطة الطلابية المختلفة تعزز شغف خوض التجارب الجديدة وعشق التحديات، ذلك الذي دفع سلطان الهنائي للانخراط في العديد من المراكز بالجامعة، مثل: مركز تعزيز المسالك الذي مكنه من شرح بعض المواد الدراسية للطلبة. وقد شاركنا الهنائي في هذا السياق تجربة انضمامه إلى معهد الضاد لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، إذ كان شريكا لغويا مع الطلبة الأجانب الذين يأتون لتعلم اللغة العربية. من طريق هذه التجربة، تعلّم الكثير عن ثقافات الدول الأخرى، وكوّن صداقات من مختلف دول العالم. كما كانت له مشاركات متميزة في جانب النشاط الرياضي، وحصل على العديد من الجوائز والمراكز الأولى في مختلف الرياضات، وقد تشرف بتمثيل منتخب الجامعة لكرة الطاولة في البطولة التي أقيمت في المجمع الرياضي بالبريمي عام 2019م.
ذكريات عطرة
طرحنا على سلطان الهنائي سؤالا فيما إذا كانت جامعة نزوى قد أضافت له إلى جانب الحقل الأكاديمي، أجاب عنه قائلا: "من التجارب التي خضتها في جامعة نزوى، اكتسبت العديد من المهارات المختلفة التي أسهمت في صنع شخصيتي، فقد أصبحت شخصا قياديا قادرا على إدارة الفعاليات والأنشطة المختلفة، وتعلمت فن التحدث مع الآخرين وحل المشكلات. كل هذا وذاك صنع مني شخصا آخر واثقا من نفسه ومعتمدا عليها؛ لتأثر بشكل إيجابي في حياتي الأكاديمية والاجتماعية".
ويكمل: "رغم أنه لم يمر وقت طويل على تخرجي، إلا أن الحنين إلى جامعة نزوى يزيد في كل يوم، لقد عشت أجمل ذكرياتي فيها، وتعرفت على الكثير من الأصدقاء والموظفين والأكاديميين، الذين لهم فضل كبير علي، فما كنت لأصل لما أنا عليه إلا بفضل الله، ثم من كان لي سندا وعونا في مشواري الأكاديمي، أخص بالذكر هنا الأستاذ سعود الصقري، مدير دائرة الإعلام والتسويق، الذي تعرفت عليه بداية في مركز التميز الطلابي، فقد كنت ألجأ إليه وأستشيره في كل ما يعترضني من عقبات وعثرات، فهو بمثابة الأب المُحب لأبنائه كل الخير، وأوجه عظيم الامتنان لكل من ساعدني من موظفين وأكاديميين وطلبة في مسيرتي بجامعة نزوى".
ارتباط عميق
يعد الهنائي جامعة نزوى أسرة ثانية له، فعلاقتُه بها مستمرة بين الزيارة والمشاركة في الفعاليات المختلفة، إذ يقول: "أزور الجامعة بين الفينة والأخرى، ولا زالت مرتبطا بجماعة التقنية الحيوية، وأطمح في المستقبل القريب للحصول على وظيفة في جامعة نزوى لأرد شيئا من الإحسان الذي امتن به هذا الكيان العلمي عليّ؛ لذا أنصح جميع الطلبة بالاستفادة من مرحلة الدراسة الجامعية في بناء شخصياتهم والتعرف على مهاراتهم وصقلها؛ وذلك بالمشاركة في الأنشطة والخدمات المختلفة بالجامعة، فالجامعة بيئة خصبة وداعمة لتنمية المواهب والمهارات، ولا ريب أن الدراسة الأكاديمية الهدف الأول لكل طالب، ولن يكون الطريق ممهدا يسيرا؛ بل ستجده محاطا بالعقبات والتحديات، ولكن ضع دائما أهدافك وأحلامك أمام عينيك وقاتل من أجل تحقيقها".
ويضع سلطان في نهاية لقائنا معه بصمة أخيرة قال فيها: "تذكروا دائما أن الخيرة فيما اختاره الله، فلا تيأسوا مهما حدث وثقوا بأن الله معكم دائما وأبدا. كنت أرى نهاية لحياتي بعد خروجي من الجامعة في تجربتي الأولى، ولم أدرك أن الله قد كتب لي بداية لحياة جديدة ورائعة في جامعة نزوى إلا بعد سنوات طويلة، حينها أيقنت أن في كل أمر يكتبه الله لنا خيرا".