السنة 17 العدد 152
2022/02/01

الطاقة الحرة مستقبل الطاقات الجديدة

 

 


 

 

د. كريم صابر مصطفى

(أستاذ مساعد بكلية العلوم والآداب - قسم التربية والدراسات الإنسانية)

 

تُمثل الطاقة أهمية كبيرة للمجتمعات، إذ تُعد المحرك الأساس الذي يُمكن منه إدارة وتشغيل كافة أوجه الحياة، خصوصاً بعد التقدم التكنولوجي الذي بدأ يسيطر على كافة الأنشطة اليومية داخل المجتمعات، التي تعتمد بصورة أساسية ورئيسة على الطاقة مصدرا أساسا للتشغيل؛ مما يجعل الطاقة العنصر الأكثر تأثيراً على المجتمع.

 

ومع تنامي الاستهلاك العالمي والمتسارع للطاقة نتيجة زيادة وتنوع المنتجات اليومية والخدمات الرقمية المقدمة للمستهلكين، الذي أدى إلى استهلاك جائر في مصادر الطاقة المتاحة وصعود على الساحة ما يسمى بمشكلة الطاقة المتمثلة في صعوبة الحصول على الطاقة من مصادرها التقليدية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة بصورة متسارعة ومتزايدة. وقد أصبحت عملية استخلاص الطاقة وتوفيرها من أكبر المشكلات التي تواجه المجتمعات والدول؛ مما أدى إلى سرعة الحراك من قبل الحكومات والدول لتوجيه كل الجهود والإمكانيات لإيجاد حلول جديدة ومبتكرة لتوفير مصادر طاقة جديدة وغير مكلفة لإعادة الاتزان المجتمعي، إذ أصبحت الموارد المتجددة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية وغيرها من صور الطاقة الجديدة، تمثل طوق نجاة للمجتمعات نحو توفير مصادر قادرة على تلبية الاستهلاك المتزايد من الطاقة.

 

ورغم التوسع في استخدام تلك المصادر الجديدة من الطاقة؛ إلا أن تلك الطاقة لديها العديد من السلبيات التي تحول دون التوسع في استخدامها بشكل رئيس داخل الدول، منها على سبيل المثال، توفرها في مناطق دون الأخرى بجانب تفاوت توفر تلك الطاقة على مدار اليوم. فلو نظرنا إلى الطاقة الشمسية، على سبيل المثال، يلاحظ أنها تختلف في مدى استفادة الدول منها، فالدول الأفريقية يُمكنها الاستفادة من الطاقة الشمسية بصورة مثالية بسبب سطوع الشمس معظم أوقات السنة، وارتفاع درجة حرارتها؛ مما يزيد من كفاءة الخلايا الشمسية، بينما الدول الأوربية لا يمكنها الاستفادة من الطاقة الشمسية بصورة مثالية بسبب انخفاض عدد أيام سطوع الشمس، وكذلك انخفاض درجة حرارتها، مما يقل من كفاءة تلك الخلايا وانخفاض مقدار الطاقة التي يُمكن الحصول عليها؛ لذلك بدأت تلك الحكومات في البحث عن مصادر أخرى لديها نفس المميزات، ولكن دون عقبات، فظهر على الساحة مصطلح يسمى: الطاقة الحرة (Free Energy)، الذي يشير إلى مصدر من الطاقة متوفر بصورة كبيرة قادر على تلبية الاستهلاك المتنامي من الطاقة بالمجتمعات، بجانب انخفاض تكلفة الحصول عليه، كما أنه متوفر بصورة دائمة على مدار العام، وقد ظهر ذلك المصطلح بصورته الحالية في ثمانينيات القرن الماضي، وبدأت مراكز الأبحاث توجه الدراسات وجهود الباحثين في كيفية الاستفادة من ذلك المصدر، الذي يعد طوق النجاة للخروج من أزمة الطاقة وكذلك من ظاهرة الاحتباس الحراري التي تسببت بها عمليات توليد الطاقة من المصادر التقليدية، إذ أن عملية استخلاص تلك الطاقة غير ملوثة للبيئة تماماً.

 

ومصطلح الطاقة الحرة يشير ببساطة إلى تلك الطاقة الكونية التي توجد بالكون لتوفير الطاقة اللازمة لحركة الكواكب والمجرات والنجوم، ووصولاً إلى الإلكترونات داخل الذرات، إذ تشير الأبحاث إلى أن كوكب الأرض يغمره حقل كثيف من الطاقة لا يتشتت ولا يتلاشى يتغلغل في جميع أنحاء الأرض، الذي يضمن بقاء واستمرارية الحياة، ويشير الشكل رقم (1) إلى المصادر المختلفة القادرة على توفير الطاقة بصورة وكميات كبيرة، الذي يمكن من طريقها توفير أكثر من 5000 تيرا وات من الطاقة، التي يمكن استخدامها في الأنشطة المختلفة، وهذا المقدار من الطاقة يساوي أكثر من 100 ضعف من حجم الطاقة التي يتم استخدامها في الأنشطة الصناعية التي تصل فقط إلى 50 تيرا وات.



شكل رقم (1) معدلات توليد الطاقة الحرة Free Energy على كوكب الأرض (Kleidon, 2012)

 

كما أن الطاقة الحرة مقارنة بالطاقات الجديدة يجعلها الاختيار الأفضل والأمثل لحل كل من مشكلة الطاقة وظاهرة الاحتباس الحراري على كوكب الأرض، إذ تتمتع بمجموعة من المميزات، منها: أنها مستقرة بيئياً وغير محدودة؛ كما أنها مناسبة للاستخدام في التطبيقات الصناعية المختلفة بصورة مباشرة، خصوصاً في مجال وسائل النقل، فقد بدأت كل من شركة نيسان وشركة فورد في استخدامها بالسيارات الكهربائية مرحلة تجريبية؛ كما أنها تستخدم لزيادة كفاءة توليد الطاقة بأنظمة استخلاص الطاقة من المصادر المتجددة، مثل: الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها، إذ يؤدى دمجها بتلك الأنظمة إلى زيادة حجم الطاقة المتولدة؛ مما يعزز من الجدوى الاقتصادية لتوليد الطاقة من المصادر المتجددة، فعلى سبيل المثال، أدى دمجها باستعمال توربينات الرياح بمحطة (Coral Bay) بأستراليا إلى رفع كمية الطاقة المتولدة من التوربين من 200 كيلو وات إلى 500 كيلو وات؛ مما سمح لتلك المحطة بتأمين احتياجات المدينة من الكهرباء بنسبة 95% في أوقات الذروة بجانب قدرتها على الحفاظ على جودة الطاقة من طريق ثبات شدة التيار. (Amiryar & Pullen, 2017)

كل تلك المميزات التي تتمتع بها الطاقة الحرة يجعلها الاختيار الأفضل لمشكلة الطاقة على كوكب الأرض، ويحفز المؤسسات والمراكز البحثية لتكثيف جهودها نحو كيفية استخلاص تلك الطاقة والاستفادة منها واستخدامها بصورة سهلة وسلسة لتأمين احتياجات الطاقة المتنامي، سواء في الوقت الحاضر أم المستقبل.




المراجع:



[1]Amiryar, M. E., & Pullen, K. R. (2017). A review of flywheel energy storage system technologies and their applications. Applied Sciences, 7(3), 286. 



[2] Anastasovski, P., Bearden, T., Ciubotariu, C., Coffey, W., Crowell, L., Evans, G., . . . Lehnert, B. (2001). Explanation of the motionless electromagnetic generator with O (3) electrodynamics. Foundations of Physics Letters, 14(1), 87-94

 

[3] Chen, H., Cong, T. N., Yang, W., Tan, C., Li, Y., & Ding, Y. (2009). Progress in electrical energy storage system: A critical review. Progress in natural science, 19(3), 291-312.

[4] Gieras, J. F. (2009). Permanent magnet motor technology: design and applications: CRC press.

 [5] Hebner, R., Beno, J., & Walls, A. (2002). Flywheel batteries come around again. IEEE spectrum, 39(4), 46-51. 

 [6] King, M. B. (2002). Tapping the Zero Point Energy: Adventures Unlimited Press.

 

[7] Kleidon, A. (2012). How does the Earth system generate and maintain thermodynamic disequilibrium and what does it imply for the future of the planet? Philosophical Transactions of the Royal Society A: Mathematical, Physical and Engineering Sciences, 370(1962), 1012-1040. 

 

[8] Manyika, J., Chui, M., Bughin, J., Dobbs, R., Bisson, P., & Marrs, A. (2013). Disruptive Technologies: Advances that will transform life, business and the global economy, McKinsey Global Institute, May 2013. Mode of access: www. mckinsey. com/insights/business_technology/disruptive_technologies. 

 

[9] MENEZES, S., & ALAPATI, S. PERMANENT MAGNET PULSE MOTOR-GENERATOR TO GENERATE ELECTRIC POWER AND CHARGE THE BATTERIES WITH FREE ENERGY CHARGING SYSTEMS. 

[10] Munson, R. (2018). Tesla: Inventor of the Modern: WW Norton & Company.

 

[11] Rajvanshi, A. K. (2007). Nikola Tesla—The creator of the electric age. Resonance, 12(3), 4-12

[12] Schroeder, M. P., Yu, J., & Teumim, D. (2010). Guiding the selection and application of wayside energy storage technologies for rail transit and electric utilities. 

إرسال تعليق عن هذه المقالة