رئيس قسم اللغة العربية:
هناك حاجة لتوحيد الجهود لحماية لغتنا العربية تحت مظلة مجامع لغوية أو مؤسسات متخصصة
الجامعة تحرص باهتمام على تعزيز مكانة اللغة العربية بتنفيذها للعديد من البرامج الأكاديمية والبحثية والمجتمعية
حوار: إشراقة
دعا الدكتور مسعود بن سعيد الحديدي، رئيس قسم اللغة العربية بكلية العلوم والآداب بجامعة نزوى، الباحثين والمفكرين إلى توحيد الجهود البحثية من طريق الشراكات البحثية، والجهود المجتمعية لحماية لغتنا العربية؛ لمكانتهم ودورهم الكبير والمهم في هذه المرحلة التي تواجه فيه لغتنا العديد من التحديات الداخلية والخارجية.
وقال في حديث لصحيفة "إشراقة" بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، الذي احتفلت به الجامعة هذا العام تحت عنوان: (أحمد الفلاحي وإسهاماته في الأدب والثقافة) إن هناك مؤسسات عامّة وأخرى تعليمية بذلت وما زالت تبذل جهودا لتمكين اللغة بين أبنائها مطالبا بتوحيد الجهود تحت مظلة مجامع لغوية أو مؤسسات متخصصة، تحتضن كل تلك الجهود التي تبذلها الدول والمؤسسات والأفراد.
س1/ احتفال الجامعة باليوم العالمي للغة العربية لم يكن الأول، بل سبقته جهود متواصلة لتنظيم العديد من الفعاليات والبرامج التي أكدت على مكانة وقيمة لغتنا العربية. والسؤال الذي نود طرحه يتمثل بالدور الذي يضطلع به قسم اللغة العربية بكلية العلوم والآداب بالجامعة فيما يتعلق بالمحافظة على لغتنا العربية وتعزيز مكانتها وحضورها محليا ودوليا؟
يضطلع قسم اللغة العربية بكلية العلوم والآداب بالجامعة بدور مهم في تعزيز مكانة لغتنا العربية؛ وذلك عبر ثلاثة جوانب تتمثل في ما يقدّمه القسم من برامج أكاديمية في مراحل الدبلوم والبكالوريوس والماجستير؛ إذ يسعى القسم سعيًا حثيثًا؛ لتحديث هذه البرامج وتطويرها بما يناسب متطلبات مناهج تعليم اللغة العربية؛ لإخراج جيل قادر على حمل أمانة اللغة من جهة، ولديه القدرة أيضا على تأديتها في منابر العلم والعمل على الوجه المطلوب من جهة أخرى.
الجانب الآخر فيما يتعلق بدور القسم في تعزيز مكانة اللغة العربية هو الاهتمام بمجالات بحثية تحفظ للغة العربية كيانها، وتكون الحارس الأمين لها، والموجه الذي ينحو بها إلى الاستعمال الصحيح الفصيح؛ ويعمل القسم على شراكة البحث العلمي مع العملية التعليمية؛ ليكون مسهما في تطوير البرامج بما يواكب التطور الحديث في مجالات التعليم.
أما الجانب الثالث فهو خدمة للمجتمع؛ وذلك من طريق تنفيذ فعاليات ومشاركات طلابية للمجتمع، وهذه الفعاليات تقوم بدور تثقيف المجتمع وتوعيته بلغته، وغرس مبدأ التعصب لها، وغرس الهوّية العربية في نفوسهم، وفي الآن نفسه تقدّم اللغة العربية إلى الآخر بأسلوب جاذب إليها.
س2/ (أحمد الفلاحي وإسهاماته في الأدب والثقافة) كان اختيارا موفقا لاحتفال الجامعة بالأديب أحمد الفلاحي، كيف جاء اختيار الجامعة للاحتفاء بهذه الشخصية العمانية الفذة؟
ارتأى قسم اللغة العربية أن يجعل هذه المناسبة فرصة للاحتفاء بشخصية طبعتْ مسيرةَ الإبداعِ بسلطنة عُمان بطابعٍ متميّزٍ ومُتفرّدٍ: إنّها شخصية الأستاذ أحمد الفلاحي. وقد اختير عنوان: (أحمد الفلاحي وإسهاماته في الأدب والثقافة). ويأتي هذا الاختيار كون (أحمد الفلاحي) طبع الأدب العماني ببحوث ومقالات طرح فيها أفكارا ريادية بوطنية صادقة وجرأة فريدة، وبقي متابعا ومواكبا دون ملل أو سأم لتحقيق ما يرغب في أن يكون عليه هذا الوطن من الرقي المعرفي والحضاري من طريق اللغة الأدب والفكر والثقافة.
س3/ تبذل سلطنة عمان مثلها مثل باقي العديد من الدول العربية والإسلامية جهودا لاحتواء التحديات التي تتعرض لها لغتنا العربية خاصة في ظل الانفتاح على العديد من الثقافات، من وجه نظركم أين تكمن أبرز تلك التحديات، وما السبل الكفيلة لمواجهتها والحد من تأثيرها؟
تواجه اللغة العربية تحديات داخلية وخارجية: أمّا التحديات الداخلية فتتمثل في الأزمة الحضارية التي تعيشها الأمّة العربية، سواء ما هو حاصل من انسلاخ بني جلدتها عن العربية الفصحى من طريق دعواتهم إلى ترسيخ اللهجات والعاميّة، أو مما تواجه الحضارة العربية في إطار العولمة من فرض هيمنة بعض اللغات العالمية وفرضها لتكون لغة العلم والوظيفة، وهنا نحتاج إلى قرارات سياسية، وأخرى مجتمعية في مواجهة التحديات الداخلية؛ إذ هناك العديد من دول العالم فرضت لغاتها في مجالات التعليم والصناعة، والمؤسسات العامّة والخاصّة، وقد شهدت تقدمًا كبيرًا في هذه المجالات، ولنا في بعض دول شرق آسيا أسوة حسنة فيما تشهده من تقدّم حضاري.
وأمّا التحديات الخارجية فتتمثل في الصراع الأممي على تنافس اللغات، والتحديات الخارجية التي تعانيها الأمّة العربية من الأمم الأخرى في ظل وجود العولمة؛ التي تريد ابتلاع ثقافات الأمم والشعوب، والقضاء على هذا التنوع اللساني في العالم، والحل يقع على عاتق شعوب الأمّة العربية مؤسسات ومجتمعات وأفراد بالترويج للغة العربية، ونشرها بين الأمم والشعوب الأخرى عبر إنشاء مراكز ومعاهد لتعليمها في بلدان الأمم الأخرى على غرار ما تقوم به بعض الشعوب الأخرى من نشر مؤسسات تعنى بتعليم لغاتها في الدول العربية، ناهيكم عن الواجب المنوط بالشعوب العربية من طريق التمسك بمبادئنا وهويتنا العربية.
س4/ تولي الكثير من المؤسسات بشكل عام والمؤسسات التعليمية بشكل خاص اهتماما يقوم على رعاية اللغة العربية من طريق تبني العديد من البرامج التعليمية التي رفدت ومكنت اللغة العربية خاصة بين فئة الشباب والدارسين، كيف ترون طبيعة تلك الجهود؟
هناك مؤسسات عامّة وأخرى تعليمية بذلت وما زالت تبذل جهودا تشكر لها أثر بالغ في تمكين اللغة بين أبنائها، إلا أنّ هذه الجهود متفرّقة، وأنا -شخصيّا- أشجع على اجتماع هذه الجهود تحت مظلة مجامع لغوية أو مؤسسات متخصصة، تحتضن الجهود المتفرقة، وفي الآن نفسه نحن بحاجة إلى مزيد من البذل والجهد في ظل التحديات التي ذكرتها.
س5/ ما الدور المطلوب اليوم من الباحثين والكتاب والمثقفين للنهوض بلغتنا العربية وترسيخ مكانتها واحدة من أهم اللغات وأبرزها على مر التاريخ؟
هناك دور كبير يقع على عاتق الباحثين والكتاب والمثقفين للنهوض باللغة العربية، بل إنّ دورهم أكبر من غيرهم من الفئات الثقافية الأخرى، ويجب أن يحذروا أن يكونوا معول هدم من حيث لا يشعرون؛ وذلك باعتناق أفكار تبدو برّاقة، ثمّ يظهر زيفها بعد فوات الأوان؛ وكذلك أدعو الباحثين إلى توحيد الجهود البحثية من طريق الشراكات البحثية، والجهود المجتمعة.