السنة 17 العدد 151
2022/01/01

بين الرسم ومآرب أخرى ...

موهبة احتضنتها البيئة لترى أفضل ما لديها

 


 

حوار: إشراقة

 

شهد بنت حمد الهنائية من مواليد ولاية عبري في محافظة الظاهرة، أنهت دراستها الثانوية قبل ٣ سنوات من الآن. نشأت في عائلة كبيرة في قرية صغيرة، تقول في ذلك: "كانت طفولتي بين هذه الزوايا ... بين الأطفال وتراب قريتي، لقد أحببت الرسم بشتى أنواعه، أحببت الفنون التشكيلية بجميع محتوياتها، ولكن أكثر ما تنساق إليه موهبتي هو الرسم، أجد نفسي عاشقةً لهذا الفن بمختلف تفرعاته؛ سواء أكان رسم الوجوه أم الشخصيات أم الطبيعة أم تراث الآباء والأجداد، إما التراث الحديث المعاصر أو القديم التليد".

إنّ المطالع لرسوم شهد سيجد أنها اعتمدت على أسلوب التظليل بقلم الرصاص، والتلوين بالألوان الخشبية، وأقلام الفحم والألوان المائية والزيتية ... وغيرها من أساليب الرسم الجميلة. بيد أن موهبتها لم تقتصر على هذا فحسب؛ بل أجادت ممارسة التصوير والإنشاد وترتيل تلاوة القرآن والتصميم باستعمال برامج عديدة وممارسة الرياضة. في السطور القادمة سنتعرف عليها عن قرب.

 

ثمرة الجد العمل

 

تقول الهنائية: "بدأت ممارسة الرسم منذ الصغر، إذ كانت موهبتي تتطور في كل مرحلة دراسية يوماً بعد يوم، وتلقيت التشجيع والدعم من والدي ووالدتي أولاً، ما شجعني للمشاركة برسوماتي في مسابقات عدة على مختلف المستويات". وتضيف: "لا أنسَ فضل والدي الذي وفّر ما يلزم لي وشجعني لصقل هذه الموهبة وتطويرها، كذلك معلماتي والمشرفات القائمات على هذا النشاط، وأيضاً أصحابي وأهلي، كما كان لمدرستي (مدرسة سودة أم المؤمنين) فضل في سبيل إبراز هذه الموهبة؛ من طريق معلماتي في مادة الرسم والجماعات التي اشتركت بها ... جميعهم كان لهم الفضل الكبير بعد الله سبحانه وتعالى".

لقد وجدت شهد الهنائية التوجيه الصحيح الذي كان حافزا لتنمية موهبة الرسم لديها، تشير لذلك في كلامها قائلة: "احتكاكي الفني في مسابقات ودورات عدة أكسبني طاقة وشغفا وثقة في مواصلة حصاد قطاف هذه الثمرة اليانعة التي منّ الله عليَ بها، ذلك لا يعني أن الطريق الذي مشيت فيه مفروشا بالورود؛ بل واجهت تحديات وصعوبات؛ تذللت بسند عائلتي وأصحابي، والمثابرة والإصرار والعزيمة للوصول إلى نتيجة أفضل، إذ إنّ موهبة الرسم تحتاج إلى عزم، ففنان الرسم محتاج إلى الاستمرارية في الأداء وتكرار الممارسة، والاطلاع على تجارب رسامين محترفين في هذا المجال، والتعرف على أدواتهم بين الكيفية والاستعمال، جميع ذلك يحتاج إلى وقت وجهد كافٍ نظير دراستي وحياتي الشخصية".

 

 

بيئة محفزة

 

وجدت نتاجات شهد الفنية عناية بين التقدير والتكريم، مكّنتها من كسب مكانة مميزة دفعتها للأفضل؛ إلا أن هذه المرحلة جاءت بعد اشتغالها على نفسها وتكريس الوقت لبذل الجهد، تقول: "في أثناء تعليمي في مدرسة سودة أم المؤمنين، التحقت ببعض المسابقات، منها: مسابقة أفضل مشروع أو رسمة لصورة جلالة سلطان قابوس بن سعيد المعظم -رحمه الله- وقد حصلت فيها على المركز الثاني ولله الحمد. وشاركت أيضاً بنادي عبري في مسابقة (الإبداعات شبابية)، وحصلت على المركز الأول بفضل الله وتشجيع والديَ وأسرتي، كما شاركت في مسابقة في جامعة نزوى وحصلت على مركز متقدم، إضافة إلى عدد من برامج الرسم التي حزت فيها على شهادة شكر وتقدير؛ خذ على سبيل المثال فعاليات جماعة الفنون التشكيلية التي اشتغلت فيها مع زميلاتي في المدرسة ومعلمات المجال بعمل معرض الأشغال الفنية، الذي اخترنا له اسم: (معرض أكاليل)؛ متضمنا مشغولات يدوية عديدة من النسيج والتشكيل بالطين والكولاج وغيرها. كما ضم قسم الرسم فيه مجالات فنية إبداعية، منها: (الرسم بالفحم وأقلام رصاص والأقلام الخشبية، بألوان خشبية وزيتية وأكريلك وغيرها؛ حائزة على إعجاب المعلمات والطالبات وإدارة المدرسة ومشرفي المدارس في هذا المجال بشكل عام".

 

 

لما هو قادم

 

"أنا أعمل ليومي ومستقبلي ... أنا ممن يشتغل في الحاضر ويبذل قصارى جهده ليطمح للأفضل في المستقبل القريب" شعار رفعته الهنائية لتعزيز موهبتها ورؤيتها لما هو قادم، تقول: "كلنا يطمح للأفضل وإلى مستقبل باهر وجميل، إلا أن الأجمل في ذلك كله التخطيط والمثابرة سعياً لتحقيق الهدف المرغوب فيه، فطموحي الحالي في بحر هذه الموهبة الوصول إلى الاحتراف؛ لأكون قادرة على المضيِّ قدماً في دراسة هذا التخصص، على الرغم أنني لم يحالفني الحظ إلى الآن للالتحاق بمقاعد الدراسة الأكاديمية في هذا التخصص؛ و لكن هذا لن يكون عائقاً تجاه شغفي الكبير الذي بداخلي". وتعزز حديثها بالقول: "إن الاستمرار في هذه الموهبة يعد بالنسبة لي غاية ودافعا للترفيه عن النفس من ضغوطات الحياة؛ لذلك لا أشعر بأن ذلك قد يؤثر على مستوى التحصيل الدراسي، بل ستساعد في إضفاء جانب ممتع؛ لكن يجب ترتيب الأوقات بانتظام، وإعطاء كل جانب حقه، فالفن تعبير عن روح طَموحة قد يعجز آخرون عن التعبير عما بداخلهم بمجرد الكلام، لكنني أعبر عن كل شيء بلغة سهلة مفهومة هي الرسم".

 

 

لا بُد من إبر النحل

 

نقرأ في سيرة شهد الهنائية الذاتية مشاركاتها في جماعات إبداعية عدة أخذت من وقتها وجهدها الكثير، منها: جماعة الإبداع الفني، وجماعة الفنون التشكيلية، وجماعة الفن والإبداع، وجماعة إبداع الشباب ... وغيرها. وعندما سألناها عن المكسب الذي حققته من ذلك، قالت: "جميعها ساعدتني للنظر في الحياة المهنية والتفتيش عن الموهبة بشكل أوسع ... ها أنا اليوم أتلقى طلبات الرسم بأسعار رمزية مناسبة؛ أتاحت لي توسيع دائرة الخبرة والعلاقات العامة ودفع روح القيادية بين الأفراد".

وتعد ضيفة حوارنا الفشل بداية النجاح الذي يأتي بعد إصرار وسعي دؤوب، موجهة نصيحتها لزملائها والجيل القادم بألا يترددوا في خوض التجارب حتى لو بدأت بخيبات وخسارة؛ فالمغامرة والعمل الجاد يدفع الموهبة للأفضل نحو الرقي والتقدم.

إرسال تعليق عن هذه المقالة