هل نحن كارزميين؟
د. محمد الجرايدة
أستاذ مشارك في الإدارة التعليمية
لقد أسدل الستار على نظرية السمات لفترة طويلة من الزمن؛ كونها تمثل إحدى نظريات القيادة الفاعلة، وظهر الاهتمام بشكل ملحوظ بالنظرية الكارزيمية التي تعبر عن قوة شخصية القائد وسحر شخصيته، التي أسهمت في تحقيق إنجازات هائلة في بيئة العمل التنظيمي؛ نظراً لما يتمتع به القائد الكارزماتي من ثقة بالنفس ورؤية مستقبلية ملهمة وقدرة على العمل ورغبة فيه.
لقد نال مفهوم القيادة الكاريزمية اهتماما كبيرا في الوقت الحاضر، لما لها من تأثير على الأفراد وتوجيهم جماعيا نحو المستقبل بشكل يحقق الأهداف المتوخاة بأقل وقت وجهد وكلفة، وعليه تلعب دورا حاسما في عمليات التجديد والتغيير التنظيمي، ومع ذلك فإن هذه المهمة ليست بالسهلة؛ لوجود آليات دفاعية لدى بعض الأفراد العاملين في المنظمة لتوجيه بعض الرغبات وتحويلها لصالحه، وتجد لديهم نوعا من التقوقع في أدوارهم ومهارتهم؛ من أجل تحقيق مكاسب شخصية ضيقة -وإن كانت على حساب المنظمة أو العاملين فيها. وترتبط الشخصية الكاريزمية بقدرة القادة في المنظمة على التأثير في الآخرين ودفعهم إلى تبني هدف مشترك وإعطاء معنى للمسعى الجماعي وبث روح الأمل والثقة والإيمان والحماس.
ويتطابق هذا النوع من القيادة مع الصور المألوفة للقائد الذي يمتلك إشعاعا وقوة في إقناع الأفراد، والتأثير عليهم وجذبهم وإقناعهم، كذلك التأثير الإيجابي في الثقافة التنظيمية وانفعالات الأفراد ورغباتهم وميولهم، وتحقيق أهدافهم الفردية والجماعية. وهذا النمط من القيادة يهدف بالضرورة إلى إقامة تعاون والحفاظ عليه عبر إقرار دينامية علائقية رمزية بين الأفراد العاملين في المنظمة، وهكذا تمثل هذه القيادة تدخلا في الثقافة التنظيمية برمتها، ويمكن وصف القادة الكارزميون أنهم أصحاب رؤى، منخرطين بشكل صريح في عملية التغيير التنظيمي؛ ببناء تمثيلات مشتركة يتم تقاسمها بين الأفراد العاملين. ومن المنطقي، وفي ضوء هذا المنظور، أن يُتوقع من القائد الكارزمي وضع آليات دفاعية لتوجيه بعض الرغبات وتحويلها لصالحه، والتوجه نحو علاقات عمل أكثر فعالية ومساواة ومهنية وإشراك الأفراد الفاعلين، والاعتراف بحقهم في ممارسة تأثيره؛ لتصبح بيئة العمل معقولة وأكثر عدلا، مع الابتعاد عن العلاقات الشخصية الضيقةـ
لقد أكدت نتائج الدراسات العلمية في موضوع القيادة ضرورة أن يتمتع القائد الكارزمي بالقدرة على العمل والرغبة في العمل، وفي حال غياب إحداهما سيحدث خللا في البنية التنظيمية للمنظمة، وقد يلجأ بعد ذلك إلى تقديم عروض علاجية شخصية لبعض الأفراد من أجل سير العمل.
المرجع:
غريب، عبدالكريم والخطاري، عز الدين(2012)، القيادة وممارسة السلطة. مجلة عالم التربية، عدد(21)، 509-537.