في يوم المرأة العُمانية ...
الوطن لا يقوم على أكتاف طرف بعينه، وعظمة المجتمع بنسائه
المكرمة المنذرية: الإنتاجية معيار في الحكم على واقع عمل المرأة
الكندية: دور المرأة الحقيقي أصعب في الغربة
الإسماعيلية: المشاريع الخاصة تُعزَز بالممارسة والخبرات
الحارثية: المرأة العمانية رقم صعب
عظمة المجتمع من عظمة نسائه، فالمرأة هي الأم والأخت والابنة، اللواتي يسعين لإبداء سبل الإنتاجية للفرد وترسيخها، فكلما كانت المرأة صالحة بدى ذلك على المجتمع في شكل أخلاق وثروات عقلية لا يمكن التهاون بها. ومن هذا المنطلق رأت إشراقة ضرورة التعرف على المرأة داخل أسوار جامعة نزوى الشامخة عبر طرح مقابلات مع نخبة من نساء مجتمع الجامعة.
أهم المحاور التي يُناقشها هذا الطرح:
- المؤهلات التي سعت لها المرأة العمانية.
- تطور المرأة في المجتمع العماني وإنتاجيتها.
- سبل توفيق المرأة بين عملها ومشاريعها الخاصة.
استطلاع: كاذية بنت أحمد الوردية
للمرأة دورها
تقول الدكتورة المكرمة ريا بنت سالم المنذرية، عضو مجلس أمناء الجامعة، بشأن موازنة المرأة العمانية بين الأمانة الوظيفية والالتزامات المجتمعية، إن ذلك يتأتى باتباع سياسة ترتيب الأوليات من الأهم إلى المهم، وتفعيل الجدول الزمني اليومي؛ بما يضمن لها أداء الجانبين من أدوارها في الحياة الاجتماعية والعملية، ويضمن لها الحضور حسب إمكانياتها وقدراتها، ويتيح لها إشباع شغف ميولها واهتماماتها. وفي الوقت نفسه تثبت جدارتها بالفرص المتاحة أمامها. أما رؤية الدكتورة ريا في عمل المرأة العمانية في المناصب العليا؛ فقد وازنت بين الرجل والمرأة في الطاقات البشرية؛ تقول: "إن كليهما من الممكن أن يتولى المناصب العليا، كون أن المرأة أثبتت نفسها في المناصب القيادية العليا في كثير من المجالات، وعلينا أن نؤمن أن الوطن لا يقوم على أكتاف طرف بعينه؛ فللرجل دوره وللمرأة أيضا دورها المكمل له، وقيامها بمسؤولياتها الرسمية وغيرها أساس مهم من أسس التنمية الوطنية التي لا تستقيم بالرجل لوحده، وهنالك -كما أسلفت- كثير من المؤشرات الإيجابية التي تثبت أن المرأة لا تقل من الرجل في مستوى عطائها وإنتاجيتها طالما أنها وجدت الفرص المناسبة لقدراتها".
المعيار الأهم
فيما تساءلت إشراقة عن قراءة الدكتورة ريا في تباين العدد بين الموظفين الذكور (429) بالنسبة للإناث (238) داخل حرم جامعة نزوى؛ إذ وضحت الدكتورة "أنه لا يمكن قراءة الأرقام بصورة شكلية فقط وإنما يجب النظر إلى مسببات التباين، ففي ظاهرها لا تعد مؤشرا دقيقا على أمر يدعو للقلق مثلا؛ فطبيعة الوظائف المتاحة وطبيعة مهامها ومواقعها قد يكون له دور في استقطاب فئة على فئة بعينها، كما أن موقع المؤسسة الجغرافي قد يكون له دور أيضا في وجود هذا التباين، لكن -بشكل عام- التباين ليس بتلك الدرجة التي تجعلنا نقرؤه من زاوية سلبية، مع التأكيد بأن ثمة حاجة إلى دراسة تفاصيل أكثر عن هذا الجانب بما قد يرفع من نسبة الإناث العاملات في المؤسسة، كما أن إنتاجية طرف بعينه لا تعتمد على العدد أساسا؛ فقد يكون نتاج فئة قليلة أضعاف فئة أخرى بعدد أكبر، وباختصار: الإنتاجية هنا هي المعيار الأهم في الحكم على الواقع".
رغبة وهوية
وأضافت الأستاذة جيهان بنت أحمد الكندية -معيدة في كلية العلوم والآداب في قسم التربية والعلوم الإنسانية بجامعة نزوى، حاصلة على درجة البكالوريوس في علم النفس من جامعة كوفنتري البريطانية، وتكمل الآن دراساتها العليا، قائلة: "إنه في أثناء دراستها في المملكة المتحدة، أتيحت لها الفرصة في الجامعة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها؛ وفي نفس الوقت تعلم لغة أجنبية جديدة". كما أنها تعجبت من فضول الغرب في تعلم اللغة والأكثر في رغبتهم للتعرف على الثقافة العمانية، وصرحت إن بعضهم كان يعرف القليل عن عمان؛ بالمقابل هناك من لا يعرف شيئًا عنها، حيال معرفتها بذلك خصصت يوما لتعريفهم بسلطنتنا الحبيبة، وكانت ترى الدهشة على وجوههم آنذاك، الانبهار بالثقافة، الطبيعة، العادات والتقاليد وغيرها الكثير؛ ولأن تخصصها له علاقة بالمجتمع فقد شاركت في أعمال تطوعية عدة، منها: مشاركتها الفاعلة في يوم الصحة العالمي. وكونها اغتربت لفترة ليست بقصيرة فقد حدثتنا عن كيفية إبراز المرأة العمانية لنفسها في الغربة موضحة في قولها: "حققت المرأة العمانية مكانة عالية في كل زمان ومكان -داخل الوطن وخارجه- كما أن دورها يكون أصعب عندما تكون في الغربة، إذ إنها تواجه الكثير من العقبات وتجد نفسها أمام مجتمع آخر وعادات وتقاليد مختلفة، وهنا يبرز دور المرأة الحقيقي، ودائما يجب على المرأة إبراز هويتها الوطنية في كل مكان تذهب إليه داخل الوطن العربي أم خارجه، أيضا يجب عليها تعريف الآخرين بذلك، فهي قناة لنقل الثقافة العمانية، وبما أن الغرب لديهم حب التعرف على ثقافة الغير، وربما نلاحظ ذلك عند إقامة فعاليات تتعلق باليوم الوطني؛ فيجب استثمار هذه الأوقات والفرص، أما من الناحية العلمية فمن المهم أن تنمي قدراتها وإمكانيتها وحصيلتها العلمية، والاستفادة من وجودها هناك في تطوير نفسها والمشاركة مع الآخرين في البحوث والندوات والورش، بحيث تثبت للجميع بأن المرأة العمانية لها بصمة علمية في كل مكان تذهب إليه، وكذلك بصمة اجتماعية".
خطوات مشرفة
وبالمناسبة إن تطلعات الدكتورة جيهان فيما يتعلق بفاعلية المرأة العمانية، تجد أن المرأة العمانية قد خطت خطوات مشرفة وتفخر بها في بناء المجتمع، فهي مساندة للرجل في دفع عجلة التقدم، فلابد من كل امرأة أن تستغل إمكانيتها وأن تحقق كل ما تستطيع من إنجازات لهذا الوطن، كما تطمح للكثير في الفترة القادمة؛ من طريق تثقيف المجتمع في مجال الصحة النفسية التي تعد أمرا مهما كما أشارت سابقاً. كما تود اقتناص الفرص للإرشاد المجتمعي عبر مساعدة الأفراد على فهم ذواتهم وتنمية مهارتهم ومواجهة العقبات بكل شجاعة وإصرار للجانب الوظيفي، أيضا مكانتها الفاعلة؛ فلابد من تطويرها بزيادة المعرفة في هذا المجال، وحضور ورش خاصة، وكذلك التطوير أكاديميًا. أما للجانب البحثي فتراه دورا مهما أيضا، وتسعى إلى زيادة كفاءتها البحثية لما لها من أهمية وطنية وعالمية؛ وذلك بهدف التمكن من زيادة البحوث والأوراق العلمية في العلوم الإنسانية، والمشاركة في المؤتمرات والندوات سواء داخل السلطنة أم خارجها، بحيث تكون للمرأة العمانية مكانتها في كل مجال وكل مكان.
جهد ودعم
ولأن موظفات جامعة نزوى دائما يسعين للرقي والتقدم بذواتهن، لم ننسَ نصيبهن من الحوار، فقد أثبتت الأستاذة أمل الإسماعيلية، خريجة بكالوريوس تخصص نظم المعلومات من جامعة السلطان قابوس، وبدأت مشوارها العملي في جامعة نزوى منذ 2008 منسقةً لعميد كلية الاقتصاد والإدارة ونظم المعلومات، وحاليًا تشغل منصب المديرة الإدارية للكلية، إذ أوضحت لإشراقة أنها بدأت مشروعها المنزلي في صنع الحلويات منذ 2014م، وسبب اختيارها لهذا النوع من المشاريع شغفها الكبير في صنع الحلويات، وأيضا لإيجاد مصدر آخر للدخل يعود بالربح والفائدة. كما أنها قالت عن إمكانية أخذ دورات لتنمية مشروعها المنزلي مقابل الاهتمام بمهامها الوظيفية؛ إنها دخلت فقط دورات بسيطة في بداية المشروع، ولم تجد أي صعوبة في التوفيق بينها وبين العمل؛ لأن هذه الدورات كانت عبر تطبيق الواتس آب؛ وكان بإمكانها الرجوع إليها في وقت لاحق بعد انتهاء وقت العمل؛ والاستفادة منها بالتطبيق العملي، كما أنها تعتمد كثيرا على اليوتيوب في تعلم صنع بعض الحلويات وأيضاً بالممارسة حتى تتمكن من إتقانها. وتطمح أمل لإبراز مشروعها عبر افتتاح محل خاص بها؛ لتسويق الحلويات التي تعدها. ولأن كل مشروع يمر بتحديات وصعوبات، تقول الإسماعيلية: "واجهت تحديات مختلفة، منها: الصعوبة التي واجهتها في بادئ الأمر تكمن في التسويق للمشروع، ولكن استطعت التغلب عليه بفضل الله ومساعدة الأهل، ثم واجهتني صعوبة أخرى نظراً لضغط الطلبات التي اضطررت منه أحيانا إلى عدم استقبالها جميعًا بسبب ظروف العمل، هذا بالإضافة إلى رفض الكثير من العروض التي تأتي من المؤسسات المنظمة للحفلات أو المحلات التي ترغب في التعامل معي لإعداد حلويات لهم". ولعدم وجود وقت كافٍ؛ تلجأ أمل لرفض طلبات عدة، كما أنها واجهت صعوبة كبيرة أثناء فترة كوفيد-19؛ الذي أثر بشكل كبير في مشروعها، فقد قلت نسبة المبيعات عما كانت عليه سابقا وبشكل كبير وملحوظ. ولأن المرأة العمانية دائما تسعى لإثبات قدراتها الفذة، رأت الأستاذة أن المرأة قادرة على إثبات نفسها؛ سواء في ميدان العمل أم ريادة الأعمال؛ وذلك بفضل العزيمة والإصرار والصبر وتحدي الصعاب بكل شجاعة وقوة، والاجتهاد والمثابرة والتقدم بخطوات واثقة وتطوير نفسها وقدراتها واكتساب الخبرات اللازمة، كما أن تكوين كيان مستقل لنفسها يمكنها من إدارة أعمالها مهما كان حجمها، هذا بالإضافة إلى دعم المجتمع لها.
إلهام متجدد!
وكون أن الشباب سواعد الأمم بأفكارهم وإنجازاتهم التي تكبر معهم، وتنهض بالمجتمعات وترقى بها، التفتت إشراقة للطالبة العمانية لتبحث معها إمكانية إبداع المرأة وعملها في أثناء فترة الدراسة. تقول إحدى مخرجات جامعة نزوى جهينة بنت سليمان الحارثية -خريجة بكالوريوس تخصص لغة إنجليزية والترجمة: "سعيت لاختيار مشروع الحقائب الصديقة للبيئة؛ كونها فريدة من نوعها في الفترة الزمنية التي بدأت فيها عام 2020م تحديدا شهر أغسطس؛ ولأن الحقائب الصديقة للبيئة تساعد الأرض للحفاظ على رونقها ونظافتها، كان المشروع فكرة مستجدة آنذاك؛ إلا أنني واجهت صعوبات أبرزها تمثلت في توفير الخامات لتمييز الحقائب وصنعها بشكل فريد لكل زبون، بالإضافة إلى فترة الاختبارات التي كانت بحُلة جديد -عن بعد بسبب جائحة كوفيد19- ولابد من أخذ دورات من أجل الارتقاء بالمشروع؛ هذه الدورات توجهني في كيفية استخدام الأجهزة والآلات المهمة من أجل إتمام صنع الحقائب، وأردفت: "إن المرأة العمانية قادرة على تخطي العقبات، ووضع بصمتها وترك أثرٍ عظيمٍ حتى وإن كانت تمر بظروف صعبة؛ لأنها رقم صعب". مشيرةً إلى أن روح المرأة المُثابرة والمكافحة قادرة على الوصول مهما صَعُبَ المشوار ومهما قست الظروف عليها.
مهما تعدد آراء المرأة العمانية ومساعيها في خدمة هذا الوطن، يجب أن نسعى دائما إلى دعمها؛ من أجل أن تظهر عماننا الحبيبة بأبهى صورها وحسن ذكر نسائها، فكل عام والمرأة العمانية صورة مبهرة للكفاح والفخر.