السنة 16 العدد 149
2021/11/01

 

عيد الصحة النفسية

 

د. عبير فاروق البدري

 

أستاذ مساعد الصحة النفسية

 

مديرة مركز الإرشاد الطلابي

 

abeerfarouk@unizwa.edu.om

 

 

 

 

 

 


 

كل عام وأنتم في أتم الصحة النفسية

كل لحظة وأنتم تنعمون بالعافية

أهديكم باقة ورد بجمال قلوبكم وعقولكم المستنيرة

 

صورة تحتوي على زهرة, داخلي, أحمر, نبات

تم إنشاء الوصف تلقائياً

 

قد يتساءل بعض منكم بأي مناسبة أهديكم التهاني؟

 إنه عيد الصحة النفسية، هل سمعتم من قبل أن للصحة النفسية عيدا؟!

   وكما تتساءلون عن غرابة تهنئتي؛ أتساءل أنا الأخرى عن غرابة عدم معرفة كثير منكم بهذا العيد، عليه دعني أصحبك في أروقة الصحة النفسية؛ في رحلة معرفية سريعة، إذ لن تتسع لنا الصفحات ولن يسعنا الوقت لنتحدث عن كل ما يخص الصحة النفسية؛ فهي علم يشمل الحياة، أما الآن هيا بنا:

   ينتظرنا حفل كبير أقامته منظمة الصحة العالمية، كما عودتنا في 10 أكتوبر من كل عام أن تحتفل مع العالم أجمع بيوم الصحة النفسية العالمي، الاحتفال ليس يوما واحدا؛ بل أسبوع من الاحتفالات والندوات والمؤتمرات التي يقدمها متخصصون في الصحة النفسية للمجتمعات الإنسانية، احتفال رائع يحمل في طياته التوعية بأهمية الصحة النفسية في حياة الإنسان، في كل عام تتخذ منظمة الصحة العالمية World Health Organization، شعارا يحمل سمة الوضع الراهن، وفي هذا العام 2021؛ اتخذت منظمة الصحة العالمية في احتفالها باليوم العالمي عنوانا يعد مطلبا حتميا علينا التمعن فيه، والامتثال له قدر المستطاع، حتى تتحقق الرفاهية النفسية لكل شعوب الأرض، ويشعرون في كل لحظة بالامتنان، قد يكون حلمًا؛ ولكن ليس حلمًا صعب المنال؛ فتقدم الإنسانية يأتي من الداخل، قناعات الإنسان أنه يحمل طموحًا سيُنير له الدرب إن تحقق، فكلما تمتع الإنسان بالتوافق النفسي والأسري والاجتماعي والمهني؛ تحققت له أهدافه المنشودة، وكان شعار هذا العام:

 

 

"الرعاية الصحية النفسية للجميع: لنجعل هذا الشعار واقعا"

وكأنه مطلب مُلح تنشده منظمة الصحة العالمية من كافة الهيئات المعنية بتنفيذ هذا الاقتراح.

تقول الحكمة: 

Humility and knowledge breed wisdom

"التواضع والمعرفة يولدان الحكمة"

وعلى سبيل المعرفة كما وعدتك عزيزي القارئ في بداية رحلتنا المعرفية نستكمل رحلتنا، إذ إننا لا زلنا نحاول أن ننهض بأنفسنا من جراء كوفيد - 19، ما خلفه هذا الفيروس من آثار سلبية على المجتمعات الإنسانية كافة، فأصبح من المحتمل أن تودع نفسك بكل حفاوة عندما تنسى أن تتخذ الإجراءات الاحترازية للوقاية من الإصابة بالفيروس، أو تتناسى عمدا لكسر القيود، كما أنك حتما لن تسامح نفسك إن خلعت الكمامة دون قصد عند لقاء صديق، فما بالك بمقدمي خدمات الرعاية الصحية ومن هم في الصفوف الأمامية؟! 

 

صورة تحتوي على خريطة

تم إنشاء الوصف تلقائياً

  

 إنهم خط الدفاع الأمامي، في مواجهة عدوان الفيروس على أي مصاب، ولقد رحل الكثيرون منهم عن عالمنا؛ وقد يكون عددهم بالآلاف في كل يوم، ونحتسبهم عند الله من الشهداء. ومن جملة الآثار السلبية الناجمة عن فيروس كوفيد - 19؛ هناك فئات لديها اضطرابات نفسية أو شخصية، لم تستطع الحصول على الدواء أو العلاج النفسي منذ عامين تقريباً، بل وانعدمت خدمات الرعاية الصحية النفسية؛ وذلك بسبب الإغلاق التام أحيانًا، أو نقص في الموارد والخدمات المقدمة أحيانًا أخرى، وكان هذا من جملة الأسباب التي جعلت منظمة الصحة العالمية (WHO) تتخذ من هذا العنوان شعارًا للاحتفال لهذا العام، ما يستدعي أن نتحدث قليلا عن: أهمية الصحة النفسية، فعلى ما يبدو أننا أصبحنا في حاجة ملحة للحصول على القدر الكافي من خدمات الصحة النفسية في ظل فاجعة كوفيد – 19، ولم يكن بالجديد على منظمة الصحة العالمية أن تنادي بأهمية الصحة النفسية للمراهقين والكبار، حتى أنها نادت كثيرا بحق الإنسان في الحصول على الرعاية الصحية النفسية بكل حرية وكرامة، كما تعلم عزيزي القارئ، إن من أساسيات راحتك النفسية حصولك على الخدمات المقدمة إليك بكل كرامة.

 

الصحة النفسية: Mental Health

 إن مفهوم الصحة النفسية يتعدى مفهوم الخلو من الاضطرابات النفسية، إذ إنها تعد جزءًا أساسا من الصحة العامة للإنسان، وفي هذا السياق نص دستور منظمة الصحة العالمية، على أنّ "الصحة عموما هي حالة من اكتمال السلامة بدنيًا وعقليًا واجتماعيًا"، وإن الصحة النفسية هي عبارة عن "حالة من العافية يمكن فيها للفرد استثمار قدراته النفسية في بناء ذاته ومجتمعه"، ومن هذا المنطلق تحدث الكثيرون في هذا العام 2021 على أهمية المساواة والعدل في الحصول على خدمات الصحة النفسية بعد اجتماع "جمعية الصحة العالمية" المعقود في مايو 2021، فقد أقرت الحكومات من جميع أنحاء العالم بالحاجة الملحة للارتقاء بنوعية خدمات الصحة النفسية على كافة المستويات، وقد ابتكرت بعض البلدان بالفعل سبلاً جديدة لتقديم الرعاية الصحية النفسية لسكانها، بعد فاجعة كوفيد – 19، وعلى هذا الأثر أهديك عزيزي القارئ نموذجًا قد يساعدك في الحصول على القليل من الصحة النفسية، ومن بعد تحقيقه على النحو الذي يتناسب مع إمكاناتك النفسية، طوره بنفسك حتى تكن أفضل نسخة من نفسك، وفي كل مرة كن كما تحب أن ترى ذاتك عاليًا، وإليك نموذجي لعله يفيد:

 

صورة تحتوي على داخلي, تغليف الهدايا, يد

تم إنشاء الوصف تلقائياً

 

احلم:

(أنك ستصبح أي شيء تريده) ولكن لا تكن في الظل فهناك من يحلم فقط، ويظل مكتوف الأيدي ويرى أحلامه يحققها آخرون ويعيشون بها.

حدد هدفًا واضحًا:

عبر طموحاتك وأحلامك وفي حدود الإمكانات المتاحة لتحقيق هدفك (حلمك)، اعمل بجد واجتهاد وليكن هدفا واحدًا في كل مرة.

أطلق العنان:

 أطلق العنان لنفسك وروحك في التفكير والتصور والتخيل؛ حتى أن تمسك بحلمك وتحققه.

 تخيل:

 أنك أصبحت ما تتمنى أن تكون عليه، وهنا سيتسع ذهنك لأكثر مما تتصور وعندها:

 اكتب:

 اكتب كتابة حرة طليقة دون قيود، دون أن تلتزم بقواعد لغوية أو كلمات منسقة، اكتب بطريقتك الخاصة وعلى حسب حالتك التي أنت عليها دون توقف، حتى ترى نفسك في مكانك الصحيح.

 تجنب سارقي الطاقة والمحبطون:

لا تعش دور الضحية، فأنت لست إلا ضحية لنفسك، عندما تخالط المحبطون وسارقي الطاقة الذين يأخذوا بأحلامك إلى مقبرة المستحيل، ويدفنون مع طموحك شخصيتك وآرائك وأفكارك ... لا تكن سهل المنال إذ يتلاعب بعقلك كل صغير وكبير. 

تأمل:

إن التأمل والتدبر والتفكر درجة من درجات الإيمان؛ وذلك لأنها تجعلك تنظر بعمق في كل خلق الله تقع عينيك عليه، لذا عندما تنمي لديك مهارة التأمل؛ يبدأ تدبرك في نفسك، "وفي أنفسكم أفلا تبصرون"، "أفلا يتدبرون"؛ وهناك الكثير من الآيات الكريمة في القرآن التي تدعونا للتدبر والتأمل حتى نحصل على السلام النفسي.

نمي قدراتك الذهنية:

بالقراءة وتنظيم الوقت، واستغلال لحظات نشاطك الذهني تحديدًا عند الاستيقاظ في الصباح.

تمتع باللياقة العقلية:

كثير من الناس يتخيل أنه توجد لياقة بدنية للحفاظ على الصحة والجسم وشكل الجسم فقط، ولكن هل سمعتم من قبل عن اللياقة العقلية؟! 

 وهي تعني أن تدرب عقلك في كل مرة على التحصيل العلمي والعملي، وأن تثقل عقلك بكل ما هو جديد ويصلح لتحقيق أهدافك وبناء شخصيتك.

هذب عقلك ليليق بك:

بما تشاهده وما تقرأه، وما تفكر فيه وما تتبناه، احترم أذنيك فيما تسمعه، احترم آذان الآخرين وعندما تتحدث لا تتحدث بتفاهة أو إسفاف؛ بل اجعل من اللباقة سلوكا.

وأخيرا وليس بآخر عزيزي القارئ، المهم كل عام وأنت في أتم الصحة النفسية.

 

وللحديث بقية......

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة