السنة 16 العدد 148
2021/10/01

الكون لديها مخبوءٌ في قراءة كتاب!

 

 


 

حوار إشراقة

 

ميثه بنت خميس الخنبشية، طالبة في كلية العلوم والآداب تخصص تربية في الرياضيات. نشأت في عائلة لطالما كانت -وما زالت- ظلًّا وارفًا للفنّ بداخلها، للإلهام والأمنيات والشغف. تقول: "أحبّ من الفنّ جميعه، ومن الأدب كلّه.. وأوجّه مسار طاقتي وإلهامي نحو الكتابة خاصّة؛ لأنني أحدث بها نفسي والكون". في الحوار الآتي :

 

  1. منذُ متى بدأ حبك للقراءة وكيف تطور هذا معك؟

على مشارف الدراسة في المدرسة.. وبعد أن ملأتُ فراغات الحروف المتقطعة، تعلمتُ تهجئة اسمي واسم والدي. منذ ذلك الحين أصبحت تشدني الكلمات على الهامش، المراجع المكتوبة في الصفحة الأخيرة.. وصولًا إلى الكتب التي أحتاج كلتيْ يديّ لحملها.

 

  1. هل للأسرة والمجتمع دور في تشجيعك على ممارسة القراءة؟ 

إن محيط العلاقات حول المرء هو ما يحافظ على إلهام وحفنة الأدب والفن بداخله مثلَ سورٍ متين، وهذا ما فعلته العائلة. كلما كثرت الضحكات والأحاديث، كلما أصبحت طمأنينة المنزل كثيفة جدا في أرواحنا.. فيزيد فضولي وإلهامي لاكتشاف المزيد من العالم، ولم أجد غير القراءة سبيلًا أمثل لذلك.

 

  1. أين تجدين نفسك في هذا المجال؟

أجد نفسي في الصفحات التي يكتبها صاحبها وهو متيقن أنه كتب حضارةً ومجدًا ليس كتابًا فقط. كنت قد حكرتُ استيعاب اللغة بداخلي على قراءة المقالات والكتابات الإبداعية؛ لكنني -اليوم- وبعد فترة طويلة، لا أمانع إن قرأتُ في الإدارة والاقتصاد. القراءة هي أن تكتشف ما تخبئه ذاتك عنك، والإنسان -في حقيقته الفطريّة- فضوليّ تجاه كينونته الروحيّة.

 

  1. هل لك مشاركات معينة في داخل الجامعة وخارجها؟ أمثلة على ذلك ...

كان للجامعة -وما زال- دور كبير في النقلة الأدبية التي حدثت للكتابة والقراءة لديّ. لم توسّع الجامعة دائرة العلاقات والمشاركات وأفق الإدراك والإنجاز فقط، إنما فتحت لي نوافذ وأفقًا جديدة ومحشوّة بعشرات الفرص. كانت لي مشاركات كتابية في نادي فحوى للقراءة. كما شاركت بثلاثة نصوص في "إشراقة".

وبالنسبة للمشاركات خارج الجامعة، يسرّني ويشرّفي حقًّا أن أخصّ بالذكر مبادرة " weread-نحن نقرأ"؛ كونها مساحةً هائلة بالفنّ والأدب والتوعية القرائية الممتعة، ووجهة ثقافية ومعرفية ممتازة لتوجيه طاقات الشباب العماني. لكلّ إنسان مكانًا يعده قد أتى على مقاس أفكاره وشغفه وطاقته وإلهامه، وهذا مكاني الصحيح.



  1. إلى أي مستوى تطمحين للوصول بموهبتك؟ وما خططك المستقبلية بهذا الشأن؟

يهمّني حقّا أن أصل لمرحلة أنّ من تقع النصوص في نواظره وروحه يشعر بها كما كُتبَت أول مرة، أن تمرّ الأعين والذوات على الكلمات وهي تتيقن أن لها فطرةً أدبية وكونية واضحةً ونقية. كما يهمني أن تصبح لكل نص عشرات الرسائل المختبئة في جوفه مثل كنز، وألا يجدها إلا من يقرأ بنواظر عقله وقلبه لا عينيه.

 

  1. كيف يمكنك التوفيق بين ممارسة القراءة والدراسة في آن واحد؟

القراءة ليست شيئا مؤقتًا مزامنًا للدراسة، إنما أسلوب حياة! وفي حين أن الدراسة تمثّل تعليمًا لنا، يمكنني أن أصف القراءة على أنها تعلُّم لحقيقة الإنسان والكون من حوله والكون المخبوء بداخله.

 

  1. هل لك مشاركات في جماعات طلابية أخرى وما تأثيرها عليكم؟

شاركت في نادي فحوى للقراءة، وكان له أثرٌ واضح في لُغتي وقدرات التواصل والمشاركات العامة. كما أنه كان فرصة عظيمة لتعرّفي على إلهامي الأعظم،  فقد علمني فحوى كيف أستفيد من الكتاب أكثر، كيف أقرأ بشكلٍ أعمق.. كيف أحتوي لغة الكتاب أكثر مما تحتويني. كما ساعدني النادي في تطوير مهاراتي في التواصل والعلاقات العامة.

 

  1. لاحظنا أنك تجيدين الكتابة، نرجو منك الحديث عن ارتباط القراءة بالكتابة وإبداع الكاتب وكيف تطور الأمر معك؟

في حوارٍ رهيب حدث بيني وبين أحد الشخصيات العظيمة.. قلتُ فيه: "خلق الله لكل إنسانٍ ضالّة تخصّه وحده؛ ليعيش عمره باحثًا عما يشعل ضوء الدهشة في روحه، وعن الفكر الذي يأتي على مقاس عقله تمامًا." والحالُ أنني وجدتُ ضالّتي ودهشتي وفكري برفقة الكتابة. ولم -ولن- أعتبر الكتابة يومًا جزءًا مني، إنما هي لغة الذات التي أتحدث بها مع الكون بما فيه، والذات كل الإنسان.

القراءة هي أكبر فرصة لِمَن يكتب، لأنها تعرّفه على عوالم هائلة وجديدة فيقدر على وصفها بالكتابة. أما بالنسبة لتطوّر الأمر لديّ، فقد تركت الحياة تعيش داخل عقلي وكياني ورأيت التغيرات التي تحدث بشكلٍ دائم ورائع. الكتابة ممتزجة بالقراءة، لا يمكنك أن تجد نفسك في أحدهما، إلا و ملأت نفسك بالأخرى.

 

  1. ما نصيحتك لزملائك الذين لديهم مواهب في المجالات المختلفة؟

لا يمكن لأحد أن يهبك بدايات جديدة إن كنت جالسًا في مكانك. لا يمكن أن يروك إن لم تقف وتلوّح بيديك وتثبت لهم أنك لست ضوءًا فقط، إنما شعلة عظيمة! خلق الله المرء ضاجًّا بالطاقات الهائلة، وحدك من تملك قدرة إعطائها الإشارة الخضراء؛ كي تثبت للكون أنك -بكل هذه الهوية الشاسعة- تشكّل فرقًا. لا تستهِن بالأفكار التي تقفز لعقلك في أثناء قراءة كتاب، في حل مسألة علمية معقدة، قبل النوم، وسط ضحكات الأصدقاء، في عزلتك أو ترحالك. ليس قانونًا مفروضًا أن العظماء هم من يملكون أفكارًا ضخمة جاءت لعقلهم حين أمسكوا الورقة والقلم وأمامهم كوب قهوة. كل منا عظيم وهائل بطريقته الخاصة، يكفي أن تختار الطريق الذي تشعر فيه أن الله خلقه لأجلك، لأجل أن يترك بصمة خضراء في روحك وذهنك، وتترك أنت آلاف البصمات في الكون. كل التوفيق والأمنيات أن يكون طريقكم عامرًا بالانتصارات التي تتذكرونها ولو بعد أعوام، وتشعرون بدهشة الفخر الأول.




إرسال تعليق عن هذه المقالة