بصوته وقلبه: لا يتوقف الحُلم عِند محطة مُعينة
إشراقة
أمجد بن سيف الرواحي من سُكّان شمالِ الشرقيّة في ولايةُ المُضيبي. في مُقتبلِ العشرينيات ربيعاً منَ العُمر، وعلى عتباتِ أسْمى سنواتِ الختامِ حصاداً. أمْتهِن ثلاث مِهن في الحياة. إنْسانٌ قبلَ كُل شيء في وقتٍ باتت المُجاهدة علىٰ التشبُّث بالإنسانية أمراً صعباً. لديه خمسُ سنواتٍ مِن الكفاحِ علىٰ عرْشِ التمريض؛ إذْ ها هي النهاية قد أوْشكت على البزُوغ. هو مُنشِد وصوته حبل السموّ الذي يرْجو أنْ لا ينقطِع أبدا.
يقول الرواحي: "اتجاهي للإنشاد كان بفضل الله ثم صديقي في الصف السابع المرحوم عبدالملك بن عبدالله الرواحي؛ الذي سمع صوتي وشجعني لاعتلاء المنصة في الإذاعة المدرسية للمرة الأولى لي، حيثُ الانطلاقة التي بدأتُ منها نُقطةَ التحولِ الفارِقة. أمّا عنْ البداية الفعلية القوية فكانت في جامعة نزوى. رحِم اللهُ عبدالملك الذِي غادر الدُنيا سريعاً وما زالَ فْضلهُ باقٍ يُذكر".
أضواء الحلم
أؤمِن أنّ المرء ينمو شَغفاً كُلما وجد ثَناءً و تزْكيةً منَ الآخرين، فيُواصل مُضْيهُ قُدماً تماماً، كالذِي لامستهُ في الأحبةِ منَ الأهلِ والأصدقاء ويتعدىٰ ذلك حتىٰ الغُرباء. وأنا علىٰ رضا تام بكلِ الأشياءِ، بسيطةً كانت أم كبيرة، لكّن السعي مُستمر والأملَ قائِم ولنْ تنطفئ أضواءَ حُلمِي أبداً. ولا زلتُ حريصاً على تطوير الذاتِ وتنميتها بما هوَ أفضل.
كانَ صوتِي حاضراً في الحرم الجامعي مُنذ عام ٢٠١٧م؛ إذ كانت تلك البِداية التِي صنعت ما أنا عليهِ الآن، فكُنت سبّاقاً حريصاً على أن تكونَ بصمتِي لامِعة في جميع المُناسبات. وقد مثّلت الجامعة وجعلتُها في أبهىٰ حُلّة من طريق مِشاركاتِي في مؤسسات خارجية، من ضمنها: جامعة السلطان قابوس، ومعهد العلوم الصحية فرع الداخلية، ومعهد العلوم الصحية فرع إبراء، وجامعة الشرقية، وغيرها من المشاركات. وتوالت عليّ طلباتُ الأعمالِ الخاصة وشاطرتُ الناس في أحزانهم و أفراحهِم و نجاحاتِهم و حُلوَ بِشاراتِهم.
موهبة وتخصص
لا يجب أن يتوقف الحُلم عِند محطة مُعينة؛ فالإنسان شغوفٌ بالمزيد، وكُل المستويات الائِقة التي وصلت لها ما هِي إلا حافِز للاستمرار على المسير والمُضي قُدماً. ولا ننسَ أنّ الدراسة والمواظبة عليها والاهتمام بها أهّم من كُل شيء، إلا أن المرء لا يستطيع أن يُكرّس نفسه في طلب العلم فقط، وإنما يحتاج إلى فاصل منْ الاستجمام وتَرويحِ النفس، فكنتُ أقوم بذلك بتدريب صوتِي على بعض الألحان والمقامات الموسيقية المختلفة. ولا تُعد الدراسة عائقاً لاستثمار المواهِب وتنميتها؛ إذ المسألة تكمن في تنظيم الوقت.
بحمد من الله كنتُ أهلا لترأُس جماعة الإنشاد في الجامعة علىٰ مدى خمس سنوات، كما أنني كنت عضواً في جماعة التمريض وجماعة الإرشاد الطلابي وجماعة المسرح والموسيقى وعضواً في المجلس الاستشاري الطلابي طوال فترتين. وقد كانَ للتمريض دور عملاق في تطوير موهبتي، فقد قدّمت أول عمل في هذا المجال بعنوان (إنّي الممرض)، الذي لاقىٰ إعجاباً واسعاً مِن قِبل المُستمعين، وأصبح لهُ صدىٰ على مستوى الوطن العربي حتى، كما أنّ هناك عملا آخر يُعنى بالتمريض ذو لون مُختلف يتم العمل عليه ليتصدر قائمة أعمالي قريبا.
إصرار أم ثقة
أعتقد أنّ التحبيط هو السبب في التمسّك بهذهِ الموهبة، فمن الصعب إرضاء الجميع؛ فقد واجهت كثيرا من النقد السلبي، إلا أنّ صوتِي كان أكبر بكثير من السقوط تحتَ أفواهِ الآخرين. وأسْمىٰ ما علىٰ الفرد أنْ لا يقتُل طاقاتهُ الإبداعية لأيّ سبب كان، وعليهِ أن يبذُل جُلّ سعيهِ في تنميتها وتحسينها، وأنْ يضع نُصْب عينيهِ شعار: "لا يُمكنك صعود القِمم قبل أن تَنْحدِر وتنْكسِر وتصنع جبيرةً منَ الشغف".