(فريد )الحاضر الغائب...
بقلم: سعود الصقري
ما زلتُ حين أسيرُ في ممرات الجامعة أو أسافرُ في تفاصيلها المختلفة من أنشطة أو فعاليات (رغم ندرتها) حاليًا بسبب أوضاع كورونا، الذي غيّب كل الأنشطة والبرامج والفعاليات الطلابية عمومًا والفعاليات الرّسمية للجامعة على وجه الخصوص. ما زلتُ بين كل ذلك أبحثُ عن الأستاذ محمد فريد محروس. يقينًا أن غالبية منتسبي الجامعة حاليًا أو من توافدوا عليها منذ تأسيسها يعرفون عزّ المعرفة من هي هذه الشخصية التي تشربت حُب الجامعة والأنشطة الطلابية والفعاليات الرّسمية وغير الرّسمية جنبًا إلى جنب مع النشاط الرياضي والكشفي.
حين أتيتُ إلى جامعة نزوى في أغسطس 2015م، تحديداً بعد تعيني في مركز التميز الطلابي، لم يكن حينها من الصدف أن ألتقيه هُناك؛ كون أنه أحد مكونات الفريق الرائع الذي تشرفتُ بالعمل معه خمس سنوات تقريبًا؛ لأنني كنت قد تعاملتُ معه كثيراً قبل ذلك. وقد كانت الصورة التي رسمتها عنه قبل أن أكون زميله في العمل هي ذاتها التي وجدتها من إخلاصٍ وتفانٍ وصدق. وقد سهل عليّ هذا كثيراً في عملي ضمن الفريق الذي كان يعملُ بتناغمٍ جيدٍ، عدا بعض المنغصات الصحية حينها التي انتهت مع مرور الوقت.
كنتُ لا أستغربُ على الإطلاق من تلك العلاقة الحميمة الأبوية بين فريد - كما يحلو لي أن أناديه - وطلبته في مركز التميز الطلابي والجامعة عمومًا، وبين فريق الجوالة والجوالات خصوصًا. ولا يكاد مركز التميز الطلابي – مكتب فريد – تحديداً يخلو من الطلبة على الإطلاق؛ إما لتنسيق الفعاليات وتوزيع الأدوار، أو لدوره الأبوي في احتواء طلبته الذين يحتاجونه في أمورٍ أخرى أعاقتهم في جوانبهم الحيوية الأكاديمية منها أم الخاصة، وهذا نصف المعادلة الأخرى التي رجحت كفته عنا نحنُ مع أبنائه وبناته من الطلبة والطالبات.
كما لم أستغرب أبداً من حبه للنظام في العمل، واهتمامه التام بتوثيق جميع أعماله وإنجازات طلبته بشكلٍ كبيرٍ، كما كنتُ أدركُ يقينا أن المكان الذي يديره، مثل الصالة الرياضية والملاعب الأخرى، لن يكون أقل جمالاً وتنظيمًا، حتى أنني لم أشعر يومًا بحاجة على الإطلاق إلى متابعة دقيقة أو روتينية لأعماله أو مهامه؛ لأنه يعرف جيداً ماذا يفعل، وهذا بحد ذاته أعطاني مساحة لمتابعة الأمور الأخرى.
وفي جميع الفعاليات الرّسمية وغير الرّسمية التي يُشرفُ عليها المركز في القاعات المختلفة، كنتُ أثقُ تمامًا بنجاح الجانب التنظيمي بوجوده وشخصيته القوية والبهية في ذات الوقت، إلى جانب أبنائه من طلبة الجوالة والجوالات. وقد كنت أحسُ بثقة كبيرة جداً بأن الأمور تسيرُ في الإتجاه الصحيح؛ ولهذا لا يساورني أي قلق على الإطلاق، وغالبًا ما نجدُ الإشادة تتبع الأخرى من قبل المسؤولين بالجامعة أو الضيوف والمشاركين على حد سواء.
خمس سنوات استمتعتُ فيها بالعمل مع هذا الرجل السبعيني (الأربعيني همةً ونشاطًا وحرصًا وأمنةً). خمسُ سنوات مرّت سريعًا؛ لكنها ما زالت عالقةً في الأذهان؛ لأنني فيها اكتسبتُ الخبرة في جوانب شتى من طريق تعاملي المباشر معه؛ فكان بمثابة الأب والصديق وزميل العمل المخلص والقريب إلى القلب.
غادرنا الأستاذ محمد فريد محروس إلى المحروسة مصر العربية بنهاية العام الأكاديمي 2019/2020م؛ لانتهاء فترة عمله بالجامعة، إلى وطنه الأول الذي وجد له (عُمان) بديلاً أو رديفًا لأكثر من 36 عامًا أنغمسَ فيها حبًا وإخلاصًا في تراب هذا الوطن، الذي كان يقولُ عنه إنه ومِصر في قلبٍ واحدٍ. ذلكم القلب الذي سيبقى يقينًا يحملُ الحُب الكبير للجميع.