السنة 16 العدد 147
2021/09/01

الثقافة المالية للمستهلك 

 


 

 

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ومتغيرات الحياة وكثرة متطلباتها، يجد الواحد منا صعوبة في إدارة موارده المالية، إذ تنقسم بين أمرين: سداد التكاليف الاستهلاكية للحياة (التي عادة ما تستحوذ على النصيب الأكبر) والصرف في مجال الاستثمارات وشراء الأصول أو الادخار؛ لذا كان من الأهمية معرفة الثقافة المالية لإدارة الموارد والمصروفات الشخصية، ومعرفة كيف يستطيع المرء إدارة محفظة أمواله الشهرية.

 

وتعّرف الثقافة المالية على أنها فهم وتعلم الطرق التي تساعد الفرد للحصول على الموارد المالية التي تمكنه من إدارة موازنته الشهرية، وحسن إدارة مصاريفه الشهرية. ومن فوائد معرفة الثقافة المالية للاستهلاك القدرة على اتخاذ قرارات مالية تساعدك على التعامل مع المتطلبات الحيوية، ووضع الخطط المالية المتعلقة بالاستثمار والادخار والتوفير مستقبلا، خاصة في مرحلة التقاعد أو الاستثمار لأجل الأجيال القادمة؛ لذلك اعتنى الإسلام بأهمية إدارة الأموال واستثمارها، وجعل ذلك من الاستثمار في الآخرة، إذ قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "إذا مات ابنُ آدم انقطع عملُه إلا من ثلاث: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له"؛ لذلك من الأجدر أن يخطط الفرد لأمواله وهو على قيد الحياة، وعندما يكون بكامل قواه العقلية والبدنية بما يحقق مصالح الدارين.

إن وضع خطة شهرية محكمة لإجمالي الموارد المالية، والمصاريف الثابتة والمتوقعة من أساسيات الثقافة المالية. كما أن على الفرد معرفة المشتريات التي يمكن أن يصنفها في الشهر الواحد على أنها من ضمن الأساسيات أو من الكماليات. إن الاعتدال في الإنفاق وعدم الإسراف أو التبذير والحفاظ على النعمة وعدم تبذيرها لمن أنجع الوسائل للحفاظ على المال. كما أن على الفرد مراجعة ميزانيته الشهرية والنظر إلى مصروفاته؛ فلعله يجد نوعا من أنواع الصرف قد يستغنى عنه لأجل عدم الانزلاق في الديون أو الأرصدة السالبة في نهاية الشهر. وكم تطالعنا وسائل التواصل والأخبار بكثير من الأشخاص زجوا وراء القضبان بسبب سوء تخطيطهم المالي، وإذا سألت أصحاب المحلات أو الشركات التي تتعامل بالدين الآجل فستجد لديهم قصصا من أشخاص تراكمت عليهم الديون ولم يستطيعوا وفاءها، وبعضهم غادر الحياة ولم يستطع وفاء دينه. هذا وإن على الأسرة الجلوس سويا لمناقشة الخطة المالية الشهرية، وتقييم المصروفات والدخل وتحديد ما إذا بالإمكان تخفيض المصروفات في بند ما.

 

يقول روبرت تي. كياسكي في كتابه (لماذا يزداد الأثرياء ثراء): "إن الثقافة المالية التي يحصل عليها الفرد من التعليم المالي يجعله أكثر قدرة على حل مشاكله المالية، وأكثر ذكاء من الناحية المالية". فعلى سبيل المثال قبل أن يشترى المرء سيارة جديدة عليه أن يعرف كم تكلفة صيانتها، وهذا من الثقافة المالية للمستهلك، وعلى المستهلك أن يعرف حقوقه وواجباته فيما يتعلق مثلا بسداد الضرائب والخدمات والمنتجات التي تشملها الضريبة. وقس على ذلك فيما يتعلق أيضا بمراجعة فاتورة الشراء بعد السداد، وما يتعلق أيضا باستعمالات بطاقات الائتمان البنكية، واستثمار أوقات التخفيضات والعروض الموسمية للشراء، والبعد عن الفترات التي ترتفع فيها التكاليف، خاصة عند ازدياد الطلب على منتج ما. كما أن التسوق من المحلات الكبيرة يجب أن يكون وفقا لثقافة مالية ولمبادئ يؤمن بها المستهلك، مثل شراء المنتجات الوطنية دعما لها، أو التسوق من روّاد الأعمال ذوي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وينصح خبراء التسوق بعدم الدخول لمحلات التسوق خاصة الكبيرة منها إلا بعد كتابة الأغراض المراد شراؤها قبل التسوق.

 

 

 

يقول الكاتب ثامر عدنان شاكر في كتابه الرائع (القادة الجدد): "في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية نجد أن ثقافة الشراء في مجتمعاتنا الخليجية تغيّرت اليوم، وبدأ المستهلك أكثر حرصا وفطنة فيما مضى بعد أن ألقت الأوضاع الاقتصادية بظلالها على طريقة تفكيرنا وأسلوب حياتنا"؛ لذلك هل يا ترى تغيرّت طريقة استهلاكنا وأصبحنا أكثر ذكاء وفطنة لطريقة الاستهلاك وإدارة مواردنا المالي؟

 

 

بقلم د. عبدالله بن محمد الشكيلي

 أستاذ مساعد بقسم الإدارة والمدير التنفيذي لمركز ريادة الأعمال 

10 محرم 1443 / 19 أغسطس 2021 

 

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة