كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج ودوره في توعية المجتمع للحفاظ على ثروة الأفلاج
أمجد الرواحي:
كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج هو الكرسي الأول من نوعه على مستوى العالم في تخصص الـ (أركيوهيدرولوجي) ودراسات الأفلاج والأول في جامعة خاصة بالسلطنة. ويهدف الكرسي إلى بناء شراكات تعاونية مثمرة على المستويين المحلي والدولي وذلك من خلال تبادل والأفكار والمعارف المتعلقة بأنظمة الأفلاج وفهم طبيعتها وطريقة عملها. كما يسعى الكرسي إلى إنشاء قاعدة بيانات تسمح للباحثين والأكاديميين من مختلف دول العالم بإجراء مناقشات تسهم في فهم أفضل لطبيعة الأفلاج والجوانب الاجتماعية ودورها في مختلف مجالات حياة المواطن العماني سواء كانت ثقافية أو تراثية. ويأمل الكرسي أن تساهم النتائج البحثية التي سوف يتم التوصل لها من خلال البحوث والمشاريع التي يقوم الباحثين بدراستها حاليا إلى تقديم حلول ابتكارية لاستدامة منظومة الأفلاج العمانية.
وللكرسي دور مهم في توعية المجتمع المحلي والدولي عن هذه الأنظمة الفريدة من نوعها وذلك من خلال العديد من الأنشطة التي يقوم بها الباحثين بالكرسي، منها النشر العلمي حيث يعمل الباحثين بالكرسي على العديد من المشاريع التي تقوم على دراسة منظومة الأفلاج العمانية وتوثيق كل ما يتعلق بها من تراث مادي أو غير مادي. ونشر نتائج الأبحاث التي من الممكن أن تساعد على ديمومة هذه الأفلاج التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من حياة الإنسان العماني. كما أن للمؤتمرات وورش العمل دور مهم في إثراء المعارف والتعريف بأهمية هذه الأنظمة في حياة الإنسان العماني على مر العصور، والدور الكبير الذي لعبته الأفلاج العمانية في تكوين المجتمع العماني من حولها.
أما المحاضرات العامة التي يقوم بها أستاذ الكرسي الدكتور عبدالله الغافري والفريق المعاون له وبالتعاون مع مختلف مؤسسات الدولة كالجامعات الحكومية والخاصة والمتاحف الوطنية والجمعيات الأهلية وغيرها من المؤسسات لدلالة على أهمية نقل المعرفة وتوعية المجتمع المحلي للحفاظ على هذه الثروة الوطنية العظيمة للأجيال القادمة، والعمل الجاد على ديمومتها، وتعزيز روح التكاتف والتطوع من أجل استمراريتها وذلك من خلال التعاون المجتمعي في صيانتها ورعايتها. وللزيارات الميدانية دور مهم أيضا في تشجيع المواطنين على بذل المزيد من الجهد من أجل خدمة الأفلاج وصيانتها. حيث قام فريق الكرسي بعدد من الزيارات الميدانية لدراسة وتوثيق العديد من القصص المرتبطة بالأفلاج منها قصة فلج الصعراني بولاية البريمي وأفلاج الرستاق وسمائل وإبراء ومنح وغيرها العديد من الزيارات التي مكنت الفريق من كتابة وتوثيق تلك المعارف.
في مجال التدريس بالجامعة يقوم أستاذ الكرسي بتدريس مادة الأفلاج العمانية وهي المادة الأولى على مستوى جامعات السلطنة وتدرس باللغة العربية، كما تمت الموافقة مؤخرا على إضافة مادة الأفلاج العمانية باللغة الانجليزية لطلاب تخصص الهندسة بالجامعة. وقدم الكرسي مقترحا لإضافة مادة متخصصة في الأفلاج لطلبة الماجستير في انتظار اعتمادها الرسمي. ويمثل تدريس هذه المواد دور مهم في الإحساس بالمكانة العظيمة لهذه الأفلاج بالنسبة للإنسان العماني ولما تحويه هذه المواد من معلومات قيمة وثمينة في كل ما يتعلق بالأفلاج من هندستها وتاريخها العتيق.
إلى جانب ذلك يستضيف الكرسي غالبا عددا من الباحثين الزائرين وطلبة الدكتوراة من مختلف دول العالم كـ فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية والجزائر والمغرب وغيرها من الدول كجزء من التوعية المجتمعية خارج عمان. كما تم تدريب عدد من الطلبة داخل السلطنة بالتعاون مع المركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة.
أما التعاون الدولي مع الجامعات والمراكز الدولية فللكرسي تعاون مستمر مع جامعة توبنجين الألمانية وجامعة تكساس تك الأمريكية وجامعة وليامز وماري الأمريكية ومع المركز الدولي للقنوات في إيران وغيرها. ويلعب هذا التعاون دورا في تبادل المعرفة والخبرات بين المجتمعات المحلية القائمة على أنظمة الأفلاج.
ومواكبة للتطور التقني كان للكرسي حضورا بارزا عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة كـ ( تويتر – الأنستجرام – يوتيوب – فيس بوك ) إذ تغطي حسابات الكرسي المختلفة أهم الأنشطة المتعلقة بأنظمة الأفلاج في السلطنة . كما تقوم بتغطية الزيارات الميدانية وتقديم عروض مرئية يمكن الاستفادة من محتواها المعرفي.
قام الكرسي بالتعاون مع العديد من القنوات المحلية والعالمية كـ قناة الجزيرة، BBC ، العربية، الألمانية سايتك، روسيا اليوم، وديسكفري الأمريكية وغيرها بإعداد برامج تلفزيونية متخصصة عن أنظمة الأفلاج وطرق شقها ودقة هندستها التي تبهر المشاهد.
كما تم إنتاج العديد من البرامج الإذاعية التوعوية عبر قنوات الإذاعية المحلية ومنها برنامج أثر الماء والأفلاج حياة ويهدف البرنامج إلى التعريف بأنظمة الأفلاج وأهميتها لعمان التاريخية والحضارية والاجتماعية والبيئية والثقافية والاقتصادية. كما تطرق البرنامج لشيء من التفصيل عن انتشار هذه الأنظمة في العالم وعن أنواعها وتركيبها الهندسي وطرق عمل أجزاءها المختلفة والتحديات التي تواجهها. ويسلط البرنامج الضوء على القيم المختلفة لنظام الفلج ليس كنظام للري ونظام زراعي فحسب، بل كنظام بيئي وإنساني وكأهم مرتكزات ودعائم الحضارة في عمان.
علاوة عن القيام بالعديد من اللقاءات التلفزيونية والإذاعية المختلفة عبر قناة تلفزيون سلطنة عمان والإذاعات الرسمية والخاصة كـإذاعة الصمود والشبيبة وإذاعة مسقط وهلا أف أم وغيرها من القنوات التي عملت على إيصال أهمية هذه الأفلاج في حياتنا اليومية ودعوة الجمهور إلى التعاون والتكاتف في المحافظة عليها من الاندثار.
إن للكرسي دور مهم في ايصال وتوثيق كل ما يتعلق بأنظمة الأفلاج في السلطنة والعمل المشترك مع مختلف الجهات على توعية المجتمع المحلي بأهمية هذه الثروة الوطنية.