السنة 16 العدد 145
2021/07/01

ذكريات خريج الدفعة الأولى … عبق الأروقة لا يقاوم

 


 

 

حوار: إشراقة

 

ولدت في إحدى قرى ولاية بهلاء العتيقة بمحافظة الداخلية، نشأت وترعرعت بين سهولها وتحت سمائها تحلق بخيالات مراهقة نحو نبع النور على امتداد مساحاتها الشاسعة، تقول: "كانت أمي المعلم والمربي والموجه الأول لي في سن طفولتي المبكرة، إذ لم توجد بعد آنذاك مدارس رياض أطفال؛ مما دفع أمي لتحمل المسؤولية كاملة بعد أن فقدت والدي في العام الأول من حياتي؛ إلّا أنها لم تألوا جهدا ولم تضق ذرعا من تعليمنا وتربيتنا وتوجيهنا الذي رافقنا إلى سنوات دراستنا الأخيرة في المرحلة الثانوية". ضيف عمود "ذكريات خريج" لملحق إشراقة في هذا العدد سالمة بنت محمد بن حمدان الناصرية، خريجة كلية الاقتصاد والإدارة ونظم المعلومات - تخصص إدارة الأعمال.



أول دفعة

 

تقول سالمة: "في المدرسة وجدت بيئة إبداعية وفكرية محفزة لكل طاقاتي المختزنة، فقد حققت تفوقا علميا وشاركت في العديد من الأنشطة اللاصفية، وكانت لي بعض المشاركات على مستوى المحافظة التي مثلت فيها المدرسة؛ ما كان له الأثر في تنمية ميولاتي الإبداعية والفكرية في الكتابة الأدبية والفنون الجميلة والإعلام. ثم التحقت بجامعة نزوى في عام 2004م، بعد أن طرقت أبواب أكثر من مؤسسة تعليمية، حينها كانت موصدة بسبب محدودية المقاعد، إلّا أن الباب الوحيد الذي سطع لي النور منه -بعد أن فتح لي ذراعيه بكل حب واحتواء- بوابة جامعة نزوى، التي هيأت مقاعدها للجميع. دلفت الباب بكل ثقة وعزم في أول دفعة دراسية تفتتح بها الجامعة".



البدايات

 

وعن مشوارها الجامعي، تتحدث الناصرية: "درست في جامعة نزوى تخصص إدارة أعمال؛ كونه الخيار الأقرب لروحي وشغفي، لطالما كنت أحلم بريادة الأعمال والانخراط في بيئة الاقتصاد المحلي والعالمي، وتخرجت بدرجة الدبلوم في عام 2009م ضمن أول دفعة تخرج تحتفي بها الجامعة؛ ولكنني واصلت درجة البكالوريوس بعد انقطاع ثلاثة أعوام، وأخطط الآن لمواصلة الدراسات العليا بعد توفيق الله".



محافل ومشاركات

 

وتضيف: "في جامعة نزوى تشكلت هويتي الفكرية والعلمية والحيوية من طريق كثير من القدرات العلمية والمهارات الحياتية التي اكتسبتها في سنوات دراستي الجامعية، فقد أسست وترأست عددا من مجموعات النشاط الطلابي: (مجموعة الصحافة والإعلام، مجموعة الشهباء الأدبية، مجموعة خدمة المجتمع، ومجموعة الاقتصاد)، كما شاركت في جميع المواسم الثقافية التي كانت تقيمها الجامعة سنويا، وعدد من الحلقات النقاشية والبرامج الحوارية والمؤتمرات الطلابية داخل الجامعة وخارجها، وللجامعة الدور الأهم في رفع قدراتي المعرفية والعلمية؛ بتوفير بيئة مشجعة للمشاركة بكل فاعلية في البرامج التدريبية والدورات التطويرية وورش العمل والبرامج البحثية في مجالات مختلفة، فقد شاركت في برامج التصميم والتصوير والكتابة الإعلامية والأدبية، وعدد من دورات تطوير الذات والتنمية البشرية، وعدد من مشاريع البحث التي قامت بها الجامعة بالتعاون مع مؤسسات وشركات محلية، وعند مشاركتي في خدمة المجتمع قدمنا عددا من برامج التوعية والزيارات التعاونية لمؤسسات الاحتياجات الخاصة ومؤسسات المجتمع المحلي، وحصلت على عضوية أحد فرق النوادي الثقافية بالمحافظة". 

 

صعوبات ... 

 

وعند سؤالنا لها عن أبرز التحديات التي اعترضتها في أثناء الدراسة، ذكرت أن كثيرا منها يكمن في صعوبة التوفيق بين الدراسة والوظيفة والأسرة، بل والأمومة، فقد كانت فتاة حالمة تقتنص الفرص واللحظات لتملأ بها شغفها الذي لا يخبأ يوما، تقول: "كنت أقطع المسافات في صراع مع الوقت، إذ تتقاذفني فيه المسؤوليات لأبلغَ الغاية والهدف".

 

المهد الأول

 

رغم العقبات والجهد المبذول، تشير سالمة إلى جامعة نزوى باعتبارها المهد الأول لبناء جميع قدراتها العلمية ومهاراتها الحيوية، وطاقاتها الإبداعية والفكرية، لا سيما أنها أولت الطالب الأهمية الأكبر في جميع مرتكزاتها وأهدافها الثابتة، فقد تعلمت من الجامعة تحقيق الاعتماد الذاتي في جميع شؤوني الأكاديمية ومهاراتي الحياتية، كما وجدت نفسها خريجةً قادرة على الانخراط في سوق العمل بكل ثقة؛ وذلك بفضل ما اكتسبته من قيم ومهارات ومعارف في سنوات دراستي بالجامعة.



حنين الذكريات

 

تعبّر الناصرية عن اشتياقها للجامعة بقولها: "صورة جامعة نزوى وأيام الدراسة الجامعية ما زالت ترن كؤوسها في الذاكرة، إذ يباغتني الحنين كثيرا لتلك السنوات التي قضيتها بين قاعات التدريس وأروقة الجامعة، نستظل غصونها المورقة دفئاً ومحبة، فالجامعة هي أمي الثانية التي أبت على نفسها وعلينا الفطام. ولتلك الأيام رائحة تسري في مكامن عروقي تشبه رائحة السفر، ويبقى هذا اليوم بكل تفاصيله ومشاعره الجميلة، يرخي جذوره في أعماق ذاكرتي أغصانا مورقة بالبهجة، مفعمة بمشاعر التفوق والانتصار".



منزلة أبوية

 

تكمل سالمة حديثها: "في أثناء أعوام دراستي في جامعة نزوى تعرفت على كثير من الشخصيات التي رافقتني في هذه المحطة، وكان لها إضافة ثمينة في حياتي سواء على الجانب الشخصي أم الجانبين المعرفي والأكاديمي، منها زميلاتي في الدراسة، وأعضاء من الهيئة الأكاديمية الذين كانوا مثالا للتفاني والعطاء، وعدد من موظفي الجامعة الذين أظهروا معاني الأخوة والدعم للطلبة بكل محبة وإخلاص، وعلى رأس الهرم يأتي الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة، الذي لا تزال صورته الأبوية عالقة في مخيلتي ونحن في أول عام دراسيٍّ لنا، إذ كان يقف وقفة أب موجها وقائدا، بل كان يقف إلى جانب الموظف والمعلم يساعدهم في إتمام عملية التسجيل؛ فغرس فينا كثيرا من المبادئ والمرتكزات الأساسية، أهمها: التفكير الإيجابي والإسهام الفاعل والبحث والتعلم المستمر".



معينٌ لم ولن ينضب

 

تصف سالمة الناصرية علاقتها بجامعة نزوى أشبه بعلاقة الابن البار بوالديه، التي لم تنقطع يوما هذه العلاقة، تقول: "رجعت بعد التخرج مباشرة لتلقي التدريب الميداني واكتساب المهارات المهنية والعملية اللازمة للانخراط في بيئة العمل، فقد تدربت في أكثر من أربعة أقسام مختلفة بالجامعة، وعملت موظفة في الجامعة نفسها في أكثر من قسم، وها أنا الآن أعمل موظفة أشرف على تقديم خدمات دعم أكاديمي لطلبة الجامعة ضمن أحد مراكز منظومة النجاح الطلابي". تضيف: "وعلى الصعيد الوظيفي شاركت في عدد من البرامج التدريبية والدورات التطويرية في السلطنة وخارجها، وما زلت أنهل من معين جامعة نزوى، متمنية أن أسهم في تحقيق رسالتها السامية".

   

وتكمل الناصرية حديثها: "ما تعلمته من دراستي بجامعة نزوى كبير، إنها مرحلة انتقالية مهمة من مراحل حياتنا، ننتقل فيها من التعلم إلى الممارسة الحقيقية بفضل ما تم اكتسابه في سنوات دراستنا من معارف وقدرات ومهارات علمية وحيوية؛ لذا لا بد أن نستغل مرحلة الدراسة الجامعية بكل مميزاتها؛ وذلك بالاستفادة من الفرص واتخاذ القرارات المناسبة؛ لنكون فاعلين في خدمة بلدنا الطيبة".



مرحلة مفصلية

 

تنصح سالمة زملائها الطلبة، فتقول: "لأننا نعيش الحياة مرة واحدة، ولا وقت لتلك الأشياء التي تتأخر أكثر من اللازم، أرى أن المرحلة الجامعية هي من أهم مراحل حياتنا؛ لذلك أنصح جميع زملائي وإخوتي الطلبة بالاستفادة القصوى من هذه المرحلة بالممارسة والتعلم، وأن يستفيدوا من كل الإمكانات والفرص المتاحة أمامهم، سواء بالانضمام إلى مجموعات الأنشطة الطلابية أم الاستفادة من مراكز خدمات الدعم الأكاديمي التي تقدمها الجامعة لكل طلبتها، والتواصل الفاعل والبناء مع المدرس وكامل الكادر الإداري والفني الذي سخرته الجامعة لخدمتهم".

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة