المقال الفائز بمسابقة العدد ... هكذا رمضانُ مع عائلتي
عبير بنت عيسى العبرية
شهر رمضان منحة ربانية، ومكرمة إلهية، وفرصة متجددة للتزود بالصالحات وكسب الأجر العظيم ليوم الميعاد، الكل يسابق في مضمار القرب من الله -عز وجل-؛ لنيل الحسنات. قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ ...).
يعد شهر رمضان أكثر أشهر العام بركة؛ ففيه أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم، فصيام رمضان فريضة على كل مسلمٍ ومسلمة، فهو أحد أركان الإسلام حيث تتنزل فيه الملائكة على الأرض، وفيه تزداد حسنات الإنسان أضعافًا مضاعفةً، شهر رمضان شهرٌ روحاني جميل تستشعر فيه براحة وسعادة ورضا، شهرٌ تجتمع فيه العائلة. الجميع يتسابق لتلاوة القرآن الكريم وختمه، أجد كل فرد من أفراد عائلتي يتلو آيات الله بتدبر ويسبح له ... نشعر حقًا أنه شهرٌ جميل ومميز عن غيره من الأشهر، إذ نستمتع أنا وعائلتي في تزيين البيت بأشكالٍ رمضانية … تلك فرحة عظيمة تسعدنا عندما نشعلُ الأضواء الرمضانية، وتكتمل عندما تعلو أصوات مدفع رؤية هلال شهر رمضان.
تشعر في حينه بشيء جميل يريح القلب، في هذا الشهر الفضيل أوقاتٌ مميزة تشعرك بروحانية رمضان ألا هي (وقت السحور)، ففي الساعة الثالثة فجرًا يصحو أفراد عائلتي عند سماعِ صوت جميل من رجلٍ ينادي (لتوقيت السحور واقتراب موعد الأذان)، يقول: "الصلاة يا مسلمين الصلاة، الصلاةُ خيرٌ من النوم، الصلاةٌ خيرٌ من النوم"، وفيها يقرأ بعضاً من الآيات القرآنية؛ ففي هذا الوقت نتجمع أنا وعائلتي لتناول وجبة السحور، فيها بعضٌ من الأكلات الخفيفة وشرب الماء، وعند الانتهاء نذكر الله تعالى وندعوه قائلين: "اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا". بعد ذلك نقرأ القرآن الكريم إلى أن نسمع أذان المؤذن لصلاة الفجر فهنا يبدأ الإمساك إلى وقت الغروب. وفي وقت الظهر تبدع نساء البيت بطهي وجبات جميلة للإفطار، نستنشق من بيوت جيراننا روائح أكلاتٍ رمضانية جميلة تستشعر بجمال الشهر الفضيل وأنسه واختلافه من بين الشهور، هذا الوقت الجميل -أي الفطور- الذي يتشوق فيه أفراد العائلة لسماع صوت أذان المغرب؛ ندعو ثم نفطر باستمتاع وفرحةٍ ... هكذا هو رمضانٌ مع عائلتي ...
أما عن العشر الأواخر من رمضان، ففيها يدعو الإنسان ربه ويتقرب منه ليستجيب له، فضلها كبير عند الله، هذه الأيام حيث تحصل من الله عظيم الخيرات وواسع البركات والحسنات، وتضاعف الأجور ، فقد وصفت السيدة عائشة -رضي الله عنها- حال النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر قائلة: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره، و أحيا ليله، وأيقظ أهله"؛ لما في هذه الأيام من ليلة خصها الله تعالى؛ فهي ليلة خيرٌ من ألف شهر، نزل فيها القرآن الكريم على رسولنا الكريم؛ إنها ليلة القدر؛ نعم قدرها عظيم عند الله تعالى.