السنة 16 العدد 140
2021/02/01

 

 

د. عبدالله بن سيف الغافري

مدير وحدة بحوث الأفلاج بجامعة نزوى

 

تقنية الزراعة الهوائية

 


 

تعرف الزراعة الهوائية على أنها زراعة من دون تربة، إذ تزرع النباتات في وسط غير التربة وليس مباشرة في الماء مثل الزراعة المائية. وتكون جذور النباتات في هذا النوع من الزراعة معلقة في الهواء، ويتم رشها بشكل دوري بمحلول مائي مغذي يحتوي على العناصر الغذائية للنبات.

 

وقد تطورت تقنية الزراعة الهوائية نتيجة أبحاث وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"؛ لأنها التقنية الأفضل للزراعة خارج النظام الأرضي، فالزراعة الهوائية لا تعتمد على الجاذبية للكوكب لتحريك المحلول المغذي حال الزراعة في التربة أو الزراعة المائية، بل إن المحلول يجري بفعل مضخة ضغط؛ لذا يمكن الزراعة في الفضاء الذي تنعدم فيه الجاذبية. 

 

 

 

 

احتياجات نمو النبات

 

لكي تنمو النباتات تحتاج إلى الهواء الذي تأخذ منه الأكسجين وثاني أكسيد الكربون، وأيضا تحتاج إلى الماء والمغذيات والضوء والحرارة والتثبيت الميكانيكي. ويحصل النبات في الزراعة التقليدية في التربة على التثبيت الميكانيكي والمغذيات والماء من التربة. ويمكن تصنيف مغذيات النبات إلى نوعين: مغذيات كبرى ومغذيات صغرى؛ المغذيات الكبرى هي التي يحتاج لها النبات بكثرة، مثل: الأكسجين والهيدروجين والكربون الذي تحصل عليها النباتات من الماء والهواء، والمغذيات الأولية الكبرى هي النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم، والمغذيات الثانوية الكبرى هي الكالسيوم والكبريت والمنجنيز. أما المغذيات الصغرى فهي التي يحتاج إليها النبات بشكل أقل، وهي: البورون والكلور والمنغنيز والحديد والزنك والنحاس والمولبيديوم والنيكل.

 

 

 

أنواع زراعة النبات

 

يمكن زراعة النباتات في التربة (geoponics) أو في الماء (hydroponics) أو في الهواء (aeroponics)، ويمكن اعتبار الزراعة الهوائية نوعا من الزراعة المائية أيضا. نجد في الزراعة في التربة (geoponics) أن النبات يحصل على العناصر الغذائية التي تكون ذائبة في الماء من التربة، إذ تمتص جذور النبات المحلول المغذي من بين مسامات التربة التي يجب ريّها باستمرار. وفي الزراعة المائية تحصل جذور النباتات على المغذيات من الماء مباشرة؛ لأن الجذور تحتاج إلى أكسجين أيضا، ويجب أن يكون في هذا الماء أكسجين ذائب. فيما تضاف المغذيات إلى الماء على هيئة أملاح ذائبة ومحاليل مائية. أما في الزراعة الهوائية فيتم رش الجذور برذاذ يحتوي على المغذيات؛ ولبداية إنبات البذور تُزرع البذور في وسط زراعي، مثل: ليف النخيل أو الرمل أو البيتموس أو البرلايت أو الحصى أو حتى صوف الأغنام. 

 

 

 

فوائد الزراعة الهوائية

 

توجد فوائد كثيرة للزراعة الهوائية مقارنة بالزراعة في التربة والزراعة المائية، إذ إن الزراعة الهوائية تحتاج إلى مساحات قليلة جدا؛ ويمكن زراعة مئات النباتات في مساحة لا تتجاوز 10 متر مربع، فالزراعة الهوائية مناسبة جدا للزراعة الرأسية. وتباع الآن أبراج جاهزة للزراعة الهوائية يمكن وضعها في حديقة المنزل، بل توجد أنواع يمكن وضعها في غرفة مغلقة، فهذه الأبراج تحتوي على ثنائيات ضوئية عالية القدرة تمد النباتات بالضوء الكافي لعملية التمثيل الضوئي.

وتوفر الزراعة الهوائية كميات كبيرة من المياه والأسمدة تتجاوز نسبتها 95% مقارنة بالزراعة في التربة، وتصل كفاءة استعمال المياه فيها إلى ما يقرب 100%، إذ إن ما يفقد من المياه في هذه الطريقة هو فقط ما يتبخر من النباتات وما يختزن فيها؛ لأن الماء في أنظمة الزراعة الهوائية يتم تدويره. وتنمو النباتات المزروعة في الهواء بسرعة أكبر عن نموها إذا زرعت في التربة أو حتى في الماء، وتكون نظيفة وأقل عرضة للحشرات والآفات، ولا تنبعث منها روائح مزعجة.

ويعد سبب سرعة نمو النباتات هو أن الأخيرة تحصل على ما تحتاجه من مغذيات بكل سهولة؛ وكون أن الجذور تكون معلقة في الهواء تحصل على أكسجين بكميات أكبر من بقية أنواع الزراعة، وتكون الجذور أقل عرضة للتعفن والأمراض. وتحتاج الزراعة الهوائية إلى عناية أقل، ويمكن أن تبرمج بحيث تكون آلية بالكامل، فهي لا تحتاج إلى تسميد ولا حراثة أو أي عمليات في التربة. ومن مميزات الزراعة الهوائية أنها تنجح في أي مكان تقريبا، فحتى إن لم تتوفر مساحات داخل حديقة البيت يمكن إقامتها في سطح المنزل. كما يمكن زراعتها داخل الغرف حالما توفر لها الإضاءة المناسبة. وتتوفر أدوات الزراعة الهوائية الآن في الأسواق بأسعار رخيصة نسبيا، فعلى سبيل المثال لا تكلف المحاليل مبلغا كبيرا، إذا إن سعرها لا يتعدى ريالا واحدا للتر. ولتر واحد من هذه المحاليل يكفي لتغذية 100 نبتة مدة ثلاثة أشهر! 

 

 

 

تركيب نظام الزراعة الهوائية

يتكون نظام الزراعة الهوائية من خزان للمحاليل المغذية وغرفة نمو معتمة لتثبيت النباتات عليها؛ بحيث تكون الجذور متدلية بداخلها، ومضخة عالية الضغط ورشاشات لرش رذاذ المحاليل وأنابيب للتوصيل ومؤقت كهربائي ينظم عمل المضخة. وتوضع النباتات في أكواب مثقبة وتثبت النباتات ميكانيكيا في هذه الأكواب بدعائم؛ بحيث تكون الجذور معلقة في غرفة الإنبات المعتمة والنبات في الأعلى معرض للهواء والضوء.

 

طريقة عمل نظام الزراعة الهوائية

يضاف ماء نقي لخزان المحاليل؛ بيحث لا تزيد ملوحة الماء الأصلية على 400ppm، ثم يضاف للماء المحلولين (ِA و B) بتركيز منخفض ويعتمد التركيز على نوع وعمر النباتات المزروعة. ويقاس التركيز بجهاز قياس تركيز المواد المذابة الذي يعطي قراءة بجزء من المليون ppm. وعادة يكفي تركيز 500-1000 ppm لنمو معظم محاصيل الخضار. ويقاس التركيز بشكل دوري، ويتم تصحيح التركيز إما بتخفيفه من طريق إضافة ماء للخزان أو زيادته من طريق إضافة المحاليل A  و B.

فيما يشغل المؤقت المضخة ثلاثين ثانية؛ إذ تأخذ المحلول المغذي من خزانه وتضغطه في الرشاشات على هيئة رذاذ ناعم حول جذور النبات. ويقطع المؤقت عمل المضخة بعد ثلاثين ثانية، ثم يعيد تشغيلها بعد نصف ساعة، وهكذا دواليك، يشغل المضخة ثلاثين ثانية كل نصف ساعة؛ أي تعمل المضخة 48 مرة في اليوم الكامل كل مرة نصف دقيقة. ويمكن تشغيل نظام الزراعة المائية على التيار الكهربائي العام أو على الطاقة الشمسية.

 

 

ماذا يمكن أن يزرع في نظام الزراعة الهوائية؟

 

 

يمكن زراعة محاصيل كثيرة في مثل هذا النظام خصوصا الورقيات، مثل: النعناع والريحان والبقدونس والفجل والجرجير والخس والملوخية والسبانخ والملفوف، وخضارا أخرى مثل: الخيار والطماطم والفلفل الحار والفلفل الحلو والزهرة وغيرها من الخضار، وأيضا يمكن زراعة البقوليات، مثل: الفاصوليا والباميا والفول واللوبيا وغيرها. ويمكن زراعة بعض الفواكه مثل: الفراولة والشمام، بل نباتات أكبر مثل: الموز والتفاح والليمون إن توفر لها الدعم الميكانيكي؛ كما أن نظاما واحدا مثل هذا يمكن أن يوفر اكتفاء ذاتيا من السلطة يوميا للمنزل.

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة