السنة 16 العدد 140
2021/02/01

قاسيةٌ هي..


 

أتلعبين معي أيتها الحياة؟ أم أن هذا طبعك؟! لا أدري حقا ما بك. أتستقوين على يتيم قتلت أمه أمام عينيه؟ أم على زوج قتلت زوجته الذي أحبها منذ الصغر ودفنت تحت رجليه؟ ماذا بك حقا إنك قاسية القلب سوداء المشاعر، ولكنك جميلة المظاهر خداعة لا تعرفين معنى الرحمة ولا حتى الشفقة.

 

أجلس مع نفسي قليلا وأندب على حظي الداكن.

هل هذه الدنيا حقا قاسية أم أنا التي كنت ساذجة؟ ظننت بأنني أقرب من شرايينها الجافية، ماذا أظن بعدما تركتني في الأحزان لاهية، وبكل سذاجة قالت إنه القدر، ويجب عليّ الذهاب، فراحت تتمخطر مسرعة لفتاة لا تعرف فصلها، ولا حتى أصلها، وهل هي من ناحيتها صافية؟

 

أنا التي كنت ساذجة، وبت في أحلامي غارقة إلى أن انتشلتني الصاعقة، فسرقت أحشائي وفرت، وهي مسرعة. آه أرددها على أيام كنت أتخيلها أنها أقرب من وريدي، بل ظننتها يدي التي بترت من أجلها، وقلبي الذي اُنتشل في حُبها الذي قد سحرني لسنوات عديدة، ولكنها تبقى مجرد سنوات. صغيرة السن أنا، وكبيرة العقل هي… رقيقة أنا، وجميلة هي... إنه التناقض الذي يملؤني؛ فبسببها كدت أن أفقد برجا من أبراج مخيلتي الذي كاد أن يصبح كالفراش المبثوث.

 

  ظننت في غفوتي أنني طفلة تجري في حقول الأرجوان، متمسكة بأنامل أمها البيضاء، وما إن جاءت هي طارت تلك الأحلام وتحول عالمي لسواد فمت أنا قبل أمي المنتحرة. أعلم أنها ليست أمي بل أحلامي المتطايرة في كافة الأرجاء. كم هي قاسيه عليّ تلك الحياة، ولكن سحرها بدأ في التلاشي إلى أن أصل إلى ذلك اليوم وأعلن عن حريتي كالحمامة البيضاء من جديد.

نعم ربما أصبح حمامة بيضاء، ولكن من الممكن أن يكون أحد جناحي ملطخ بالرمادية؛ بسبب ذكرياتها الأليمة العالقة في مخيلتي. لا عليكم فهذا اللون سيزول بسرعة.

قوية أنا أم أن قوتها باتت تضعف كالمسن الذي بات يحتضر؟ أم أنه مرض عقلي لا يوجد علاج له؟ ما هذه الدنيا؟ فأنا لا أعلم حقا ماهي.

 

بدأ عالمي بالتلون من جديد، بعدما أصبح ذا لون أسود قاتم، وباتت هي تتابعني. هل تريد أن أسامحها؟! أم هل تريد أن تقضي على أجزائي الباقية؟! أنا في حيرة الآن، ولكنني ما زلت أدندن تلك الكلمات التي أخبرتني بها ذات يوم. نعم إنه القدر، ولكن هل القدر يتدخل عندما نختار طريقا ما بكامل قوانا العقلية؟ فكيف تريد أن أسامحها وقد سرقت ذلك الفؤاد معها؟

أنا في حيرة حقا لا أدري هل أبكي أم أعود وألقنها درسا لن تنساه؟ ولكن هذا يتنافى مع أخلاقي السامية التي أرسمها في كل لحظة أمامها. سأدعها ولكنني قد تركتها بالفعل فماذا الآن؟ أرجو منك أن تعودي، لا بل أن تذهبي، لا أعلم، ولكن لا تتركيني هكذا في الهيجاء أجر خيباتي أمامي جرّا وهي تضحك يا لها من باردة. أيتها الحياة لطفا بقلب طفل صغير أضاع حلواه بل أمه، لطفا بقلب امرأة قتلوا أطفالها تحت قدميها … لطفا بي. 


نورهان هشام أحمد

  

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة