ماهية التنمية الاجتماعية وأبعادها
بقلم الطالبة: حياة بنت عبد الله السعيدية
آداب اللغة الإنجليزية والترجمة
إن رفعة الأوطان وتقدمها لا يتحقق إلا باتساع الآفاق الفكرية والعلمية والتقنية؛ لبناء قواعِدها التي تنتشلها من براثن الرجعية والركود. ولا يتأتى ذلك دون تغير البناء الاجتماعي؛ لتدارك واقع التنمية الاجتماعية، إذ يعرف الكاتب إسماعيل حسن التنمية الاجتماعية في كتابه أبعاد التنمية: "التنمية الاجتماعية هي عمليات تغير اجتماعي تلحق بالبناء الاجتماعي ووظائفه بغرض إشباع الحاجات الاجتماعية للفرد والجماعة؛ بمعنى أنها عملية تغير اجتماعي لكافة الأوضاع التقليدية من أجل إقامة بناء اجتماعي جديد تنبثق عنه علاقات جديدة وقيم مستحدثة تشبع رغبات وحاجات الأفراد وتطلعاتهم، ولا يتم ذلك إلا من طريق دفعة قوية لإحداث تغيرات كيفية ولإحداث التقدم المنشود، فالتنمية الشاملة هي: تلك العمليات المستهدفة لخلق التقدم الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع". وحتى نعزز القدرة على تكوين استقلال سياسي واقتصادي واجتماعي وتكنولوجي لِبناء كيان مستقل يعادل كفة الميزان لدى الدول المتقدمة. ناهيك عن التمكن من إحراز التقدم المحلي والإقليمي. ولكِّي نوازن بين دفتي السفينة، يجب خلق نوع من التوازن بين ركائز التنمية الاجتماعية التي تبدأ بالفرد ثم المجتمع؛ وصولا إلى المجتمع الخارجي؛ وعليه يجب تأصيل مبدأ القدرة على تغيير بوصلة التقدم والتطور والمعرفة؛ عبر تطويع الخبرات المهنية والبشرية في كافة المجالات التنموية، وبناء منظومة فكرية قابلة للتجديد والتوسع لإنشاء تطلعات مستقبلية هادفة وقابلة للتنفيذ وغير مستهلكة. بجانب صهر الفوارق الطبقية وإتاحة الفرصة واستقطاب الخبرات البشرية من طريق إنشاء المعارض والمؤتمرات وغيرها التي تضمن حق المشاركة للجميع. وحتى تستقيم عجلة التنمية الاجتماعية، يجب إتاحة الفرصة لعرض الخبرات والمعارف الضمنية والمؤهلات المهنية بتسهيل إجراءات التقدم لسد فجوات المجتمع أو لملئ شاغر مهني معين؛ وذلك لما فيه من إخماد فتيل الطاقات البشرية المكمونة في المجتمع، مما يؤدي إلى إبطاء عملية الحراك الاجتماعي وانعدام الرغبة في إضفاء منظومة فكرية إبداعية في سلك التنمية الاجتماعية. إضافة إلى تنويع الوسائل والاستراتيجيات التخطيطية؛ وصولا للمسؤولين القائمين على العمل لتفادي النمطية والرتابة. وجُل ذلك يتطلب إدراكاً ووعياً بمستوى التنمية الاجتماعية الممتَلكة مع تحديد مكامن القوة والضعف. إضافة إلى تدارك مستوى الوعي التخطيطي كما ذكره محمد شفيق في كتابه دراسات في قضايا التنمية ومشكلات المجتمع: "عدم توافق أجهزة التخطيط والتنفيذ وقصور المعرفة العلمية والفنية، والجهل بثقافة المجتمع وقلة إشراكه في اتخاذ القرار".
فعملية التنمية الاجتماعية في جوهرها إعمار للأرض أيضا كما يُستدل عليه في الآية الكريمة: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) سورة المؤمنون (115).
وعليه فإن اتباع المنهج القرآني للسير على هدي الرسالة الربانية يضمن لك تكافئ الزوايا والدعائم الأساسية كالبنيان المرصوص، وعليك إكمال ما تبقى لاستقامتها؛ ولكي لا تأسن المنظومة المجتمعية كالماء الراكد.
وبما أن التنمية الاجتماعية تعد محطة العبور لمجابهة التطورات السريعة يوما بعد يوم، التي تضمن الاستقلالية الاقتصادية والاجتماعية والتقنية للهروب من الركود المجحف الذي يهدد العديد من الدول بسبب اعتمادها على مصدر دخل محدود؛ لذلك تُعد تنمية شاملة لجميع المجالات والجوانب التي تقوم عليها أعمدة الدولة لتفادي السير خلف سياسة القطيع والتقليد الأعمى لخطط تنموية مجتذبة من بيئات مختلفة دون النظر لجوهر الاحتياجات لذات المنظومة على حد قول الإمام محمد الشافعي رحمه الله: (المغلوب دوماً مولع بتقليد الغالٍب).
ومما لا شك فيه بأن للتنمية الاجتماعية أبعاد تتمثل في قطاعات مختلفة مثل الجانب الاقتصادي في القطاع الخاص والعمل التطوعي. وهي تسهم في التثقيف المجتمعي وتعزيز الخدمة الاجتماعية، وحقيقة تؤثر في شتى المجالات غير السالف ذكرها؛ وذلك لما لها من أهمية ودور في التقدم الوطني. وكُلكم مسهمون في ذلك وإن كان بنسبة بسيطة فالعملية تراكمية وكُل حجر يضعه الفرد أو الحكومة تسد فجوة وتقلص المسافة في درب البناء والتطوير والتنمية الشاملة.