"لا تبقى الأشياء كما نُحب"
تأخذنا الأفكار بعيداً، وترسم الأحلام أمامنا لوحات فنية لا نستطيع أن نستفيق من جمالها، وتبهرج لنا الدنيا بعض الأمور التي كنا نرى بأنها باتت بعيدة.
فكلما اقتربت الأفكار بعثرتها الدنيا مع مرور الأيام، وكلما حاولت النهوض أقعدها اليأس، وكلما حاولت المواجهة لاقت الإحباط؛ فأصبحت تخشى ما لم يكن لها وتتجنب الخوض فيه.
وعندما تحين الفرصة ويأتي ذلك العرض المغري ليحقق ذلك الحلم المنشود، تتخبط الحياة أمام العينين لتحكي بنظرات الهروب من المكان وكأنها تقول هذه الفرصة لم تكتب لك!
فيأتي ذلك الشعور المرعب ليحرك في الوجدان سرعة التحرك ومغادرة المكان.
ويحدث أن تبدأ تلك الأحلام بالتلاشي؛ فيبدأ بريق الأمل يبثُّ بعض النور، ولكن الوقت قد تأخر، وغص الصدر بما لا يحب فلم يجد مكانا للتحمل أكثر، فيصرخ غاضبا كفى توقف لن أسمح لك بالتمرد.
فتنساب الدموع وتأتي الذكريات لتبرد لوعة الموقف، ولكنها تتحطم عندما تتذكر تلك الأوقات العصبية التي كانت فيها تحترق ببرود.
لم يكن الأمر سهلاً أبداً، فقد كانت تدوس على كل لحظة أحست فيها بالنشوة والبهجة.
وعندما قابلتها ذكرياتها المرة كانت تبكي بكاء مرا، بكاء من فقد عزيز.
وتمضي الأيام ويتشبث الحلم الجديد بحلم صاعد، ولا يلبث حتى يصير الحلم حادث مأساوياً لم يجلب في النفس سوى لوعة الفراق.
هنا فقط استجمعت قواها متجاهلة شدة الألم، لم تكن ضعيفة مثل السابق، فشدت من عزم الآخرين وواستهم؛ لتنسى كسرها. كانت تتظاهر بالقوة رغم الجراح الدامية بصدرها.
لم يتوقف الأمر هنا، بل ظلت تكافح من أجل بناء حلم جديد تنسى معه خيبات الأمل السابقة ولوعة الفراق؛ فتراها تهرب بروحها النقية وتخفي دموع عينيها حتى لا تسمح للخدوش بالتوسع لتزيد المأساة، وحتى لا يشعر الآخرون بعمق ما تشعر به.
لقد كانت التحديات أمامها جسيمة، والصعوبات عديدة، فكنت تقف كجبل شامخ لتلك المصاعب، وفي داخلها قوة عظيمة من رب عظيم وكأنها تقول: "أنا لها بإذن الله".
فهي لا تزال تناضل وتحارب من أجل أن تشعر بالهناء والسعادة.
إنها معركتنا مع الحياة...
بقلم: سعاد بنت خميس بن مسلم الراشدية.
التخصص: تربية في الرياضيات.