كوفيد-١٩ مدرسة مجانية
الطالبة ثريا الخنبشية :
كم منا يصرِفُ المئات، بل الآلاف ليتعلم مهارة جديدة وينهل من علوم الحياة، هل تفكرّنا يومًا أن الحياة نفسها كريمةٌ أيضا؛ إذ إن الله خلَقها منذ خلْق آدم وهي مُكبّلة بالابتلاءات والمِحن، تلكَ الدروس المجانية التي تُعلّمنا ما لا تستطيع الجامعات فعله!
ها نحن اليوم فعلا نعيش أصعب سنة ابتلاء ورحمة في آن واحد؛ لقد تغيرت خطط العالم وترتيباته، حتى تفاصيل أيامنا تغيرت، يا لَعِظم الابتلاء! إذ كيف لفيروس صغير لا يُرى بالعين المجردة أن يفعل كل هذا، ولكن أقدار الله مُبطنة دائما بالرحمات.
لنبدأ أولا بأنفسنا كيف كنا، وكيف أصبحنا، كيف صِرنا نشعر بنعمة العافية والحرية ووجود أحبائنا حولنا، وكل ما في ذلك من مشاعر الأمان والحب نحو العالم.
كيف أصبحنا نُصاحب قنّينة المعقّم وتلكَ الكمّامة التي تسرقُ بعضًا من أنفاسنا، فقط لنكون بخير!
كيف كنا لا نشعر بعظمة المعلومة التي نتلقاها ونحن بين أروقة الجامعات، أصبحنا اليوم نتعب ونناضل من أجل الحصول عليها، فاتسعت مداركنا وانفتحت لنا أبوابٌ من المعرفة وازدادت مهاراتنا في إدارة الوقت.
كيف لمخلوق صغير دقيق أن يقربنا إلى الله، أن نعبده طمعا في رحمته وأن يرفع عنا هذا الابتلاء، وأن تعود أركان الأرض للحياة.
لقد أدركنا فعلا ما معنى أن نكون مُنعّمين، مُترَفين، مُدلّلين، نرى النعمة ولا نشكر الله عليها.
اليوم، يُؤكد أن كوفيد ١٩ مدرسة مجانية تلقّينا -وما زلنا- بين أروقتها دروسًا عظيمة صنعت منا شخصا آخر.
نسأل الله أن يرفع عنا هذا البلاء، وأن يُعيد أركان الأرض للحياة، إنه سميع مجيب الدعاء .