السنة 15 العدد 137
2020/11/01

أ.د حسين  ال عبدالقادر
عميد كلية الهندسة والعمارة

منذ بداية جائحة كورنا COVID19 التي اجتاحت العالم بأسره، تغيير نمط التعامل مع مفردات الحياة في كافة جوانبها، ومنها الجانب الأكاديمي؛ فأصبحت المؤسسات التعليمية وبنيتها التحتية إضافة إلى الطلبة والمدرسيين أمام تحدٍ كبير للتغلب على آثار هذه الجائحة، والاستمرار بعملية التعليم والتعلم دون انقطاع؛ كي لا يؤثر على مخرجات التعليم الأكاديمي، ورفد المجتمع بالكوادر المطلوبة من خريجي التعليم العالي في كافة مستوياته.

وقد بادرت جامعة نزوى، بقيادة إدارتها العليا من رئيس الجامعة ومساعديه إضافة إلى عمداء الكليات- لوضع الخطط العلمية والتقنية البديلة عن التعلم الصفي إلى الانتقال إلى التعلم والتعليم عن بعد، فوضعت الجامعة العديد من الضوابط والإرشادات للأساتذة والطلبة للعمل عن بعد بكفاءة عالية، وتهيئة البنية التحتية من منصات التعليم عن بعد وتطويرها، ومتابعة الاستعمال الأمثل لها، وعقد الورش التقنية للأساتذة والطلبة بغرض الاستعمال الأمثل لهذه المنصات، وتذليل كافة المعوقات التي تقف أمام التطبيق العلمي والعملي لآلية التعلم عن بعد في جميع المراحل التدريسية؛ شاملة الدروس النظرية والتطبيقية. وقد أسهم أكثر من 95% من الطلبة في هذه العملية التعليمية عن بعد، فيما تم التعامل مع الطلبة 5% لاحقاّ لأجل تذليل صعوبات الاتصال والإنترنت التي كانوا يعانون منها؛ علما أن هذه الورش التعليمية الموجهة للأساتذة والطلبة ساعدت بشكل كبير على تحسين مشاركة وارتباط الطلبة بالبرامج التعليمية عن بعد والمدمجة؛ لتحقيق مخرجات التعلم المطلوبة.

ولتحقيق مخرجات التعليم الأكاديمي، تم استدعاء مجموعات الطالبة إلى موقع الجامعة لاستكمال الجانب التطبيقي لبعض الدروس النظرية، وكذلك دورس التصميم الهندسي التي تتطلب التعامل وجها لوجه في إيصال المادة العلمية للطلبة. وللاستمرار بالتعلم والتعليم عن بعد، وتحسين أدائه وكفاءته، تم اقتراح التعليم المدمج وتبنيه في عموم سلطنة عمان، الأمر الذي سيعين على الاستفادة من مميزات التعليم الصفي من تفاعل الطلبة مع المدرس  والسيطرة عليهم، وكذلك أداء الجزء التطبيقي بشكل متكامل، وتفعيل تقييم الطلبة ميدانيا مع مميزات التعليم عن بعد من حيث: المرونة، وكمية المادة التعليمية، وإمكانية الرجوع إليها في أي زمان ومكان، وكذلك الاطلاع على التقنيات الحديثة والمستجدات العلمية للوصول إلى آلية تعليم مدمج يحقق مخرجات تعليمية فاعلة. ومن أهداف التعليم المدمج جعل الطالب مشاركا فعالا داخل الصف؛ بالحضور إلى الجامعة وخارج الصف بالتعليم عن بعد، مع توفير جهاز حاسب آلي شخصي وإنترنت سريع؛ وبهذا تكون المؤسسات التعليمية قد حققت -شكل مقبول- مخرجات ذات كفاءة وفاعلية.

ومن طريق التعليم المدمج، الذي تم اقتراحه والعمل به في العديد من الموسسات التعليمية الوطنية والإقليمية والدولية، يمكن المضي بالتعلم والتعليم عن بعد في كافة الدروس النظرية، والإبقاء على الدروس العملية والتطبيقية وكذلك دروس التصميم؛ بحيث يكون أداؤها وتعليمها عبر الحضور إلى المختبرات وقاعات التعلم المخصصة؛ طبقا لجدول زمني معد لتنفيذ هذا البرنامج، مع الالتزام بكافة شروط السلامة الصحية والمهنية اللازمة للتعليم الآمن.

وقد لمسنا الاستعداد الكامل من الطلبة والكادر التدريسي لتنفيذ التعليم المدمج؛ لما له من آثار إيجابية على مخرجات التعليم الأكاديمي؛ علما أن الجامعة -في كافة مرافقها- على استعداد كامل لتنفيذ هذا البرنامج بعد موافقة الجهات العليا والمعنية من وزارة التعليم العالي، وكذلك اللجنة العليا المكلفة بمتابعة جائحة كورنا.

وكان للالتزام بنظام إدارة جودة التعليم والتعلم الأثر الجيد على المرحلة الأولى من التعليم عن بعد، فقد تم إدخال بعض التعديلات الضرورية عليه، وبذلك سوف يتم أخذه بعين الاعتبار في التعليم المدمج والالتزام به. واعتمادا على نجاح هذا النمط من التعليم المدمج، سوف توضع الخطط المستقبلية لتطويره وإمكانية استعماله للسنوات المقبلة.

 

وتتمثل مقومات نجاح التعليم المدمج وإمكانية تطبيقه في العوامل الآتية:

 الطالب، الأستاذ، التقنيات والمنصات التعليمية.

  • أولا: الطالب ومدى استعداده لتطوير إمكانياته التقنية بالمتابعة الجادة للمحاضرات عن بعد؛ وصولا إلى أعلى درجات التعلم الرقمي الآمن. إضافة إلى تفاعل المجتمع الذي يعيش فيه الطالب، وتوفير الظروف المناسبة للتعليم المدمج، وتشجيعه على المتابعة من طريق الحضور إلى الجامعة للدروس التطبيقية، وكذلك التعلم عن بعد وامتلاك وسائله من جهاز حاسب آلي شخصي ذي مواصفات معينة، وإنترنت بسعة وسرعة تؤهل الطالب للمتابعة المتواصلة ذات الجودة العالية .
  • ثانيا: الأستاذ ودوره الفاعل والإيجابي لإنجاح هذا النمط من التعليم المدمج؛ بحيث يعمل على متابعة أحدث التقنيات المستعملة في التعليم عن بعد، وامتلاك الوسائل التعليمية اللازمة، كذلك معرفة كيفية تعليم الطالب، ومتى يمكن استعمال التعليم المتزامن وغير المتزامن. إضافة إلى استعداده التام لاستقبال الطلبة لإكمال الجزء التطبيقي من المواد في الجامعة مع الالتزام بالشروط الصحية وتوفر بيئة آمنة في أثناء حضور الطلبة، والعمل على تقييم الطلبة بشكل مهني لتعزيز موثوقية التعليم المدمج.
  • ثالثا: التكنولوجيا الرقمية وما يشملها من منصات تعليمية وشبكة إنترنت عالية الجودة تتوافق والتفاعل بين الطلبة والأساتذة في أثناء المحاضرات المتزامنة وغير المتزامنة، وتحميلها على هذه المنصات التعليمية دون عوائق تقنية. ويكمن للمؤسسات التعليمية هنا دور فاعل وموثر؛ إذ تعمل جاهدة على توفير هذه التكنولوجيا الرقمية ذات الاستعمال السهل والرصين.
  • رابعا: يجب أن تكون البنية التحتية للمؤسسات التعليمية في أثناء حضور الطلبة لإكمال تعليمهم المدمج، جاهزة لاستيعاب أعداد الطلبة المتوقع حضورهم وأدائهم العملي والعلمي في المختبرات وقاعات التقييم، وإنجاز عملهم بالشكل المطلوب والآمن.

وأختم بالقول إن العديد من المؤسسات التعليمية -بسبب COVID 19- اتبعت مبدأ: انتظر وقرر؛ بدلا من طرح خطة كاملة للفصل الدراسي؛ وذلك لعدم معرفة ما يستجد في شأن انتشار الفيروس وتأثيره على المجتمع.

إرسال تعليق عن هذه المقالة