إعداد: د. عبدالله بن سيف الغافري
الزراعة المائية أو الزراعة بدون تربة هي زراعة النباتات مباشرة في الماء دون استخدام التربة. إذ يمكن أن تزرع النباتات في وسط مسامي لتثبيت جذور النباتات مثل البرلايت أو البيتموس أو الرمل أو الحصى؛ لكي تنمو النباتات تحتاج إلى الهواء الذي تأخذ منه الأكسجين وثاني أكسيد الكربون، أيضا تحتاج إلى الماء والمغذيات والضوء والحرارة والتثبيت الميكانيكي. في الزراعة التقليدية في التربة يحصل النبات على التثبيت الميكانيكي والمغذيات والماء من التربة. ويمكن تصنيف مغذيات النبات إلى نوعين: مغذيات كبرى، ومغذيات صغرى: المغذيات الكبرى هي التي يحتاج لها النبات بكثرة، مثل الأكسجين والهيدروجين والكربون الذي تحصل عليها النباتات من الماء والهواء، بالإضافة إلى المغذيات الأولية الكبرى، هي النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم، والمغذيات الثانوية الكبرى، هي الكالسيوم والكبريت والمنجنيز. أما المغذيات الصغرى فهي التي يحتاج إليها النبات بشكل أقل، مثل البورون والكلور والمنغنيز والحديد والزنك والنحاس والمولبيديوم والنيكل.
تتعدد طرق زراعة النباتات ، منها زراعة النباتات في التربة (Geoponic) أو في الماء (Hydrponic) أو حتى في الهواء (Aeroponics) ويمكن اعتبار الأخير نوعا من الزراعة المائية أيضا. وتحصل جذور النباتات في الزراعة المائية على المغذيات من الماء مباشرة؛ لأن الجذور تحتاج إلى أكسجين أيضا؛ لذا يجب أن يكون في هذا الماء أكسجين ذائب. تضاف المغذيات إلى الماء على هيئة أملاح ذائبة ومحاليل مائية. وفي الزراعة الهوائية يتم رش الجذور برذاذ يحتوي على المغذيات؛ لبداية إنبات البذور، تزرع البذور في وسط زراعي مثل ليف النخيل أو الرمل أو البيتموس أو البرلايت أو الحصى أو حتى صوف الأغنام.

وتوجد فوائد كثيرة للزراعة المائية مقارنة بالزراعة في التربة. إذ أن الزراعة المائية تحتاج إلى مساحات قليلة جدا؛ إذ يمكن زراعة مئات النباتات في مساحة لا تتجاوز عشرة أمتار مربع ؛ إذ أن الزراعة المائية مناسبة جدا لتطبيق شكل الزراعة الرأسية. على سبيل المثال يمكن زراعة النباتات في أنابيب توضع فوق بعضها. ومن فوائد الزراعة المائية توفير كميات كبيرة من المياه قد تصل إلى 90%، وتصل كفاءة استخدام المياه فيها لما يقارب 100%؛ لأن ما يفقد من المياه في هذه الطريقة هو فقط ما يتبخر من النباتات وما يتخزن فيها، والماء في أنظمة الزراعة المائية يتم تدويره، فتنمو النباتات المزروعة في الماء بسرعة أكبر عن نموها إذا زرعت في التربة، وتكون نظيفة وأقل عرضة للحشرات والآفات، ولا تنبعث منها روائح مزعجة.
تستدعي الزراعة المائية عناية أقل، فهي لا تحتاج إلى تسميد أو حراثة أو أي عمليات في التربة. ومن مميزات الزراعة المائية أنها تنجح في أي مكان تقريبا، فحتى إن لم تتوفر مساحات داخل حديقة البيت يمكن إقامتها في سطح المنزل. كما يمكن زراعتها داخل الغرف وقتما توفر لها الإضاءة المناسبة. وتتوفر أدوات الزراعة المائية الآن في الأسواق بأسعار رخيصة، كما لا تكلف المحاليل مبلغا كبيرا، فسعرها لا يتعدى ريالا واحدا للتر. ولتر واحد من هذه المحاليل يكفي لتغذية 100 نبتة مدة ثلاثة أشهر!
فكرة الزراعة المائية عبارة عن مزج محاليل مغذية مع الماء والاكسجين، بحيث تلامس الجذور الماء لتأخذ منها المغذيات. ويمكن تقسيم الزراعة المائية إلى ستة أنواع، هي: نظام التنقيط ، ونظام الفيضان والتصريف، ونظام الفتيل والغمر، و نظام الزراعة الهوائية، ونظام شريحة المغذيات NFT. جميع هذه الطرق أدواتها الأساسية هي : خزان للمياه، ومضخة صغيرة للمياه، ومضخة للهواء وأنابيب.
الزراعة السمكية ( (Aquaponicهو: نظام زراعي يتم فيه تربية أسماك أو كائنات مائية أخرى مع زراعة النباتات في نفس النظام ، إذ توفر الكائنات المائية والأسماك المغذيات للنباتات، وتقوم النباتات بتنقية الماء من الملوثات.
والزراعة المائية في أنابيب تناسب كثيرا الزراعة في فناء المنزل، فهي قليلة التكلفة، ويمكن لنظام كامل زراعة 120 شتلة لا تتجاوز تكلفته 150 ريالا عمانيا. مثلا يمكن زراعة 120 شتلة في 6 أنابيب مائية على مساحة لا تتعدى 6 أمتار مربعة. كل أنبوب طوله 3 أمتار وقطره تسعة سم. وتزرع النباتات في أكواب بلاستيكية مثقوبة من الأسفل؛ لتضع في فتحات مخصصة لها في الأنابيب. وتملأ الأكواب بمادة مسامية البيتموس أو الرمل لتنمو الجذور فيها وتخترقها مواصلة طريقها إلى الماء في الأنبوب. ويحفظ الماء في خزان سعته 50 لترا. يتم تدوير الماء في الأنابيب عن طريق مضخة غاطسة صغيرة قدرتها 20 واطاً ثم تضخ المياه في الأنابيب العلوية وتنزل بعدها إلى الأنابيب السفلية، ثم تعود مرة أخرى إلى الخزان بفعل الجاذبية الأرضية. تُوصل المضخة بمؤقت كهربائي يمكن برمجته ليشغل المضخة، ويفصل عنها التيار بشكل دوري طوال اليوم، ويمكن برمجة المؤقت لتعمل المضخة في النهار أكثر من الليل توفيراً للطاقة.
يضاف للماء محلولين (ِA و B) بتركيز منخفض، ويعتمد التركيز على نوع وعمر النباتات المزروعة. كما يقاس التركيز بجهاز قياس تركيز المواد المذابة الذي يعطي قراءة بجزء من المليون ppm. عادة يكفي تركيز 500-1000 ppm لنمو معظم محاصيل الخضار. هنا يقاس التركيز بشكل دوري ويتم تصحيحه إما بتخفيفه عن طريق إضافة ماء للخزان، أو زيادته عن طريق إضافة المحاليل A و B.
جدير بالذكر أنه يمكن زراعة محاصيل كثيرة في هذا النظام، خصوصا وريقيات النعناع والريحان والبقدونس والفجل والجرجير والخس والخردل والملوخية والسبانخ والملفوف، وخضار أخرى مثل: الخيار والطماطم والفلفل الحار والفلفل الحلو والزهرة وغيرها من الخضار. وأيضا يمكن زراعة البقوليات مثل: الفاصوليا والباميا والفول واللوبيا وغيرها، وكذلك زراعة بعض أنواع الفواكه، مثل: الفراولة والشمام. فنظاماً واحداً مثل هذا يمكن أن يوفر اكتفاءً ذاتيا من السلطة لاحتياجات المنازل.