بيئة حاضنة للمهتمين: الطلبة المنسوبون إلى معهد الضاد يعبرون عن تجربتهم في تعلّم العربية
استطلاع: روان الذهلية
إنَّ الوصول إلى الريادة والاحترافية رؤيةٌ راسخة يمضي إليها معهد الضاد لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في جامعة نزوى، إذ يهدف إلى الترويج للغة العربية وثقافتها، وإخراج متعلمي اللغة العربية بصفتها لغة ثانية بمهارة جيدة. وقد احتفل المعهد بتخريج أربعة عشر طالبًا من طلبة جامعة فرجينيا تك المُتعاونة مع معهد الضاد في ٣ يوليو ٢٠٢٤م تحت رعاية الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن يحيى الكندي، نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية.
وعلى هامش الحفل قمنا باستطلاع آراء الطلبة الخريجين في تجربة الدراسة في معهد الضاد بجامعة نزوى؛ سعيًا إلى توطيد تجاربهم المثرية، ومعرفة مدى استفادتهم من الدراسة في المعهد.
اللغة العربيَّة كالبحر
يقول ميثن "نادر" أحد الطلبة المنتسبين إلى معهد الضاد إنه بدأ في دراسة اللغة العربية منذ ثلاث سنوات، وهو مهتم بدراسة اللغة العربية نظرًا لاهتمامه بالشرق الأوسط، ويرغب في اكتساب المزيد عن الثقافة العربية التي دفعته إلى اكتشاف أفكار ووعي جديد، ويصف اللغة العربية بالبحر، فهي واسعة جدًا. ويشير إلى تجربته في معهد الضاد بقوله: "كانت تجربة جيدة، فقد وجدتُ الكثير من الفرص للتحدث باللغة العربية الفصحى، وأحببتُ الأساتذة كثيرًا، فهُم يشجعونني دائمًا للحديث بالفصحى، ومقارنةً بالدراسة في الدول الأخرى كانت الدراسة في معهد الضاد تساعدني أكثر على الكلام بشكل صحيح". ويشير إلى أُولى الصعوبات التي واجهته في الدراسة بقوله: "اعتدتُ الحديث باللهجات، خاصة اللهجة الشامية؛ لأنني درست اللغة العربية في الأردن أولا ثم على يد أستاذتي الفلسطينية في الولايات المتحدة الأمريكية؛ لذا لم أجد الفرصة لتعلم الحديث باللغة العربية الفصحى، ولكن تجربتي في عُمان مختلفة، فقد ساعدني الأساتذة على الحديث بالفصحى، وقد فتحت عيوني لذلك".
حماسٌ يواجه التحديات
ويؤكد طالب آخر من طلبة جامعة فرجينيا تك الأمريكية أن تجربته في معهد الضاد لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها كانت تجربة جميلة جدًا، فمع دراسة اللغة العربية تعرَّف إلى الثقافة العُمانيَّة، وقد أُعجب بالرحلات التي نظمها المعهد، ويقول: "لقد زرت الجبل الأخضر ومسقط وغيرها".
وعند سؤاله حول الصعوبات التي واجهته أجاب: "إن الصعوبات موجودة دائمًا عند الذهاب إلى بلد آخر، ولكن أكبر صعوبة واجهتني هي الحديث باللغة العربية بطلاقة؛ لأنني لا أتحدث جيدًا، ولم تكن هناك فرص للحديث بها سابقًا، ولكن بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع تحسن كلامي باللغة العربية، وأصبحتُ متحمسًا لمعرفة المزيد".
أحب جامعة نزوى
هكذا عبَّرت الطالبة رُوان، إحدى طالبات المعهد، فقد أحبَّت التعلم في جامعة نزوى، وكذلك الأساتذة في معهد الضاد، وتقول: "أعجبني أن عدد الطلبة في الصفوف قليل، وهذا مساعد للتعلم". وتُضيف آنا حول ذلك: "عددنا في الصف ستة طلبة والصف ممتع، وهذا جميل جدًا لأن الأساتذة يستطيعون التركيز على كل طالب، ويمكننا التحدث مدة أطول". إن وجود بيئة تعليمية مناسبة من الجوانب الإيجابية التي أشار إليها الطلبة، فقد ساعدت هذه البيئة على اكتساب اللغة العربية بسلاسة، فيما أسهمت الطرق والوسائل التعليمية التفاعلية في تعزيز التعلم، ومنحت الطلبة فرصة أكبر للتفاعل مع اللغة والثقافة العربيَّة.
سعادةُ الإنجاز وحزنُ الفِراق
في أجواء حفل التخريج امتزجت مشاعر السعادة بالحزن، فرغم بلوغ الطلبة مُرادهم في اكتساب اللغة العربية إلا أن مُفارقة المكان والأساتذة وزملائهم ولَّد لديهم شيئا من الحزن، إذ تعبِّر الطالبة عائشة عن ذلك بقولها: "أنا لا أحب أن أُفارق عُمان، وكذلك أساتذتي فقد كانوا لطيفين جدًا، ولكنني متحمسة لمقابلة أهلي والحديث باللغة العربية"، وحدثتنا أيضًا عن الصعوبات التي واجهتها قائلة: "كانت لدي صعوبة في فهم الكلام باللغة العربية؛ لأنني لا أتحدث بها بل أدرسها الآن، ولكن الجميع في المعهد كان مساعدًا لي وجعل البرنامج سهلًا، فأنا أفهم الآن أفضل بكثير من قبل".
ويشير تشارلي، من طلبة جامعة فرجينيا تك، إلى أن الأساتذة ساعدوه كثيرًا لأجل التعلم، وقد كان الاختبار جيدًا، وسيسعى إلى تعلم المزيد، والحديث مع الآخرين باللغة العربية.
أهدافنا تتحقق
وفي حوارنا مع الأستاذة هاجر الغفيلية، أستاذة اللغة العربية في معهد الضاد، تؤكد وجود تطور ملحوظ في مستوى الطلبة، فقد بدأت البرنامج بالتعرف إليهم وتحديد مستوياتهم، ثم تقسيمهم إلى مجموعات، وسعت إلى تطوير مهاراتهم الأساسية في اللغة العربية بواسطة الصفوف الدراسية والرحلات الطلابية والانخراط في أجواء المجتمع العماني، إضافةً إلى التعامل مع الشريك اللغوي، وتنفيذ مجموعة من الأنشطة والواجبات المساعدة، وحاولنا بذلك معرفة نقاط القوة والضعف لدى الطلبة في سبيل تعزيز لغتهم ومواجهة التحديات المُعيقة لتعلمهم. وتُشير إلى أن النتائج كانت فوق التوقعات، فقد لاحظت تطورًا كبيرًا في محصولهم الثقافي، واستفادة واضحة.
مستقبلٌ يحمل آمالًا واعدة
يؤكد المهندس سالم بن علي الهنائي، المشرف العام للمعهد، أن المعهد مستمر في التطوير في شتى الجوانب، فهو يتوجه إلى التوسع في استقطاب الطلبة الدوليين، ويسعى إلى استحداث مناهج دراسية تنافسية للطلبة غير الناطقين بالعربية، ومتابعة كل جديد يتعلق بالطرق التدريسية الفاعلة والوسائل المناسبة، وتدريب المعلمين لضمان جودة التعليم.
جنودٌ خلف الستار
حاول المعهد جاهدًا تعزيز تجربة التعلم لدى طلبته، وتوفير بيئة حاضنة تُنمي مهاراتهم اللغوية وتكسبهم ثقافة عربية وعمانية متينة يحققون بها التواصل الفاعل مع العرب، ويستندون إليها للوصول إلى أهدافهم المنشودة. فقد عمل الطاقم الإداري على تنظيم البرنامج ومتابعة مستجداته، إضافةً إلى استقبال الطلبة والاستماع إليهم. وشاركت هيئة التدريس بخبراتها التربوية والتخصصية لنجاح هذا البرنامج وتحقيق أهدافه. كما عملت أيادٍ أخرى بجد لتنسيق الرحلات والمناشط الخارجية، كل ذلك تحت إدارة حكيمة تسعى إلى التطوير الدائم وصوًلا إلى الرؤية التي ابتدأنا بها استطلاعنا.