مشاعرَ جيّاشة وآمال توّاقة ...
ذكريات جميلة في رحاب جامعة نزوى
أعدّه: سمية التوبية
إنّ الذكريات هي البصيصُ الذي يهتدي بهِ الإنسان، ليمضي قُدمًا ويبني أملًا نحو إنجازاتٍ أكبر ومساراتٍ أوسع، ولا شيء أجملَ من أن يحكي صاحب الذكرى ذكراه بنفسه؛ ليعيدَ إحياءها وإنعاشها، وينقلها لغيرهِ بكل ما تحويه من دروسٍ وعبرٍ ومشاعرَ وومضات.
أميمة بنت خميس بن محمد التوبية... تقفُ اليوم مع "إشراقة" لتعيد إحياءَ ذكرياتٍ جميلة عاشتها في رحاب جامعة نزوى، بما في ذلك من أهدافٍ حقّقتها، وتحديات خاضتها، صيّرتها لما هي عليه اليوم.
-
الرحلة الأجمل...
"دائما أؤمن أن النهاية هي بداية لشيء أجمل!"
هذا هو أوّل ما قالته أميمة وهي تشير إلى بداية رحلتها طالبة ماجستير في جامعة نزوى بعد إكمالها البكالوريوس في جامعة السلطان قابوس، التي وصفتها بالنهاية الجميلة التي هي بداية للرحلة الأجمل في جامعة نزوى، وتنقل لنا تجربتها قائلة: "التحقت بجامعة نزوى طالبة ماجستير في اللغة الإنجليزية في سبتمبر من عام 2018م، مباشرةً بعد إكمالي للبكالوريوس في جامعة السلطان قابوس، وكان يقودني الشغف الكبير لأن أبدأ بداية جديدة تفتح لي آفاقًا أكبر في مجال تخصصي، فوجدت أنّ جامعة نزوى البيئة الأمثل لتجربة جديدة ومثرية، وفعلًا استطاعت أن تلبي شغفي وطموحي النابض، فخرجتُ منها وأنا شخص آخر يحمل مزيدا من الإنجازات التي بدأتها في جامعة السلطان وأنهيتها وتوّجتها في جامعة نزوى".
-
بين الإنجاز والتحدي:
لم يكن بإمكاني أن أكون في بيئة مشجّعة وداعمة كبيئة جامعة نزوى وأخرج خالية الوفاض، فقد صنعت فيها إنجازاتٍ أفخر بها، منها مشاركتي في إسناد لمساعدة الطلبة في دراستهم بمركز اللغة الإنجليزية؛ وذلك طوال فترة دراستي في الجامعة، كما قمت بنشر بحث باسم الجامعة في مجلة سكوبوس (sciedu press) العالمية، بإشراف مشرفي الفاضل د. متعب النوراني، الذي شاركته أيضًا في معرض البحوث بالجامعة.
ولعلّ الإنجاز الأكبر حصولي على منحة كامبريدج من وزارة التعليم العالي، لإعداد محاضر اللغة الإنجليزية وحصولي على شهادة السلتا، حتى أتممت الماجستير وتمكنت بفضل الله من نشر رسالتي في المجلة العالمية للغة الإنجليزية، الأولى عالميًا في مجال اللغة والأدب (Q1)، كل هذه الإنجازات أسهمت في قبولي حاليًا بجامعة بريطانية في برنامج الدكتوراة .
وبالتأكيد هذه الإنجازات لا تأتي وحدها، بل تصحبُ معها صعوبات وهذا ما يكسبها قيمتها، ويشعرنا بلذة تحقيقها، فقد كان من الصعب جدًا التوفيق بين كوني أما لطفلين والتحاقي بمنحة كامبريدج وعملي أيضا بدوام جزئي، مرّت عليّ لحظات شعرت فيها بالإنهاك، وأنّ طاقتي توشك على النفاد، ولكن كان حلم وقوفي على منصّة التخرج وأنا أحمل بين يديّ شهادة الماجستير يتراءى أمام عينيّ بشكلٍ يصعب معه الاستسلام، واستطعت أن أحوّل الأمومة من صعوبة معوقة، إلى حافز يُشعل فيني الرغبة العارمة في أن أكون قدوةً لأطفالي بإكمالي مسار الدراسات العليا، وأذكر أنني كنتُ في الماضي أردد أنّ البكالوريوس هي نقطة النهاية ولن أتكبّد عناء الدراسة مجددًا، لكن رحلة الماجستير جعلتني أتوقُ إلى الدال التي تسبق اسمي!
-
توقٌ يصفهُ إلقاء!
هناكَ لحظاتٌ لا تنسى، بل ولن تنسَ؛ لما يختلجها من مشاعرَ جيّاشة تعيد الذكريات بشتّى تفاصيلها الصغيرة، أذكر منها لحظة تقديم رسالة الماجستير، وما كان يختالني من مشاعر مختلطة بالفرح، والخوف، والترقب، والإنجاز، ولا أنسَ لحظةَ إخباري أنّ رسالتي ستنشر في المجلة الأولى عالميا في اللغة والأدب، علمت حينها علمًا يقينًا أن خطواتي القادمة في مجال تخصصي لن تكون عاديّة، بل فُتحت أمامي أبوابٌ من الفرص والإمكانات.
أما عن لحظة التخرج فهي لحظةٌ تقف اللغة عاجزةً عن وصفها، لا سيّما وأن يسر الله لي إلقاءَ قصيدةً في حفل تخرجي للعام الأكاديمي 2022- 2023م بمنصة مسرح جامعة نزوى، صادحةً بحروفها أنّ الطموح والسعيَ السبيل الوحيد لتحقيق المُراد، وكنتُ ألقي القصيدة بشغف عميق وأنا أسترجع رحلتي التي انتهت وبقيت ذكراها، فأردتُ أن يكون إلقائي، وصوتي سجلَ ذكرياتٍ يعبّر عمّا خضناهُ فيما مضى.
واليومَ إزاء ما ذكرته من ذكرياتٍ خالدة، هناكَ أيضًا شخصيات خالدة، تأبى إلا أن تفرضَ نفسها في ذاكرتنا، منهم أستاذي ومشرفي الفاضل الدكتور متعب النوراني، الذي كان عونًا لي بتوجيهاته وإرشاداته في نشر رسالتي، والأستاذين الشاعر هشام الصقري وباسم بشرى عوض الله، وشكري الأكبر لعائلة الدكتور الراحل محمد بن حمود الرواحي -رحمه الله- الذي أعانني في كتابة القصيدة تشجيعًا لي لإكمال الدراسات العليا، ولا أنسى أختي وزميلتي المها رفيقة الدرب الطويل، وعائلتي وزوجي، والقائمة تطول والمقالُ يقصر، فلا أملك إلا أن أنشر عبير امتناني لمن ذُكر ومن لم يُذكر لمن مدّ يد العون لي في هذه الجامعة المرموقة.
-
رسالةُ خريج...
إن كان هناكَ رسالةٌ يتوجّب نقلها، وجوب اتصال الإنسان بمواطنَ نجاحاته وإن مضت، وأن يذكرها ويقدسها دائمًا، لأنها جزءٌ لا يتجزأ من شخصه وكينونته، فلهذا أجدني اليوم على تواصل مستمرٍ مع أساتذتي وزملائي في جامعة نزوى، بل أجدني أحنّ لأروقتها ومكتبتها، فأختلسُ زيارةً لها بين الفينة والأخرى، اعترافًا بفضل هذا الصرح في تكويني وتأسيسي، ولمن هم في غمار هذه الرحلة العلمية، فإياكم وتضييع أي لحظة، بل استثمروا كل ثانية في تطوير مهاراتكم وقدراتكم، وتعزيز مواطن قوتكم ومعرفتكم، واغتنموا كل فرصة بجرأة، فما تقدمه مرحلة الدراسة من فُرص قلّما تجدونها في مراحلَ أخرى؛ لأننا مسؤولون عن العمر وفيما أفنيناه، والشباب وفيما أبليناه، وعلمنا وماذا عملنا به، فاحرصوا على أن تعدّوا الأجوبةَ المرضية عن هذه الأسئلة.