ما أكرم ذاكرة الخريج …
طموح ونجاح وتفوّق وأسماء شكّلت رقما صعبا
التحقت بجامعة نزوى في سبتمبر عام 2019م، وتخرّجت -بفضل الله- في مارس عام 2024م. قضيت في هذه الفترة قرابة أربعة أشهر في البرنامج التأسيسي، ثم أربع سنين في دراسة تخصص اللغة الإنجليزية والترجمة، إذ كان خليطًا رائعًا من الأدب وعلوم اللغة (اللغويات) والترجمة. أمّا عن الأدب، فقد تنقلت بين صفوف الأدب الأمريكي والأدب البريطاني، لتعود طفلة بعمر الخامسة في أدب الأطفال، وتارةً رحّالة تجوب البلدان في أدب الرحلات.
لقد رأت -من نافذة الأدب- عوالم أخرى بعين الأديب، واستطعت مناقشة قضايا اجتماعية وثقافية مختلفة تطرحها الأعمال الأدبية. وفي اللغويات، حظيت بشرف التعامل مع اللغة كيانًا شعوريًّا حسّاسًا، وأحرفًا وثّابة تصطف في طابور بديع؛ لتخرج من دواخلنا إلى عالم آخر يحوينا ويحيط بنا، فنتمكّن من التواصل والتعبير بشتّى الأشكال، ثم كانت الترجمة حاضرة جوهرا أساسا للتخصص، فدرست علوم الترجمة وأساسياتها، وتعاملت مع أنواع النصوص المختلفة، منها: القانونية والأدبية والتجارية والإعلامية. في المقابل، كان لها جانبا مفعما بالتحدي في الترجمة، إذ خاضت تجربةً مُمتعة في الترجمة الفورية.
انضموا إلينا للتعرف عن كثب على الخريجة شمسة بنت سعيد المعمرية، إذ تحكي لنا أطيافا من عبير ذاكرتها التي تختزن العَبّرات الرائعة، وتختزل المشاعر الصادقة، إلى بيئة اتخذتها موطنا للأمل ومصنعا للأمل والإنتاج.
قواعد البناء
تستفتح شمسة نسج خيوط كلماتها معنا بقولها: "أضافت لي جامعة نزوى الكثير، فإلى الجانب الأكاديمي الذي تقدمه الجامعة، كانت الجماعات الطلابية مرتعًا خصبًا للطلبة، إذ تنقلت بينها وقضيت أوقاتًا رائعة مع طلبة الجامعة من التخصصات المختلفة، نتشارك الأفكار والآراء لتحقيق أهدافٍ مُعينة".
وقد استطاعت من طريق بيئة الأنشطة الطلابية التعرّف على نفسها بشكل أفضل، واكتشاف مواطن القّوة لتبني مهارات التواصل والمناظرة والتقديم. وقد أثنت على الجامعة كذلك في سياقها هذا بتقديمها للعديد من المسابقات التي حرصت أن تكون جزءًا منها، وكانت سببًا في صقل شخصيتها ومهاراتها.
تطبيق وواقع
تستذكر المعمرية فرصة ثمينة شكّلت لها فارقا مهما في حياتها، استطاعت بها إيصال رسالتها وصقل مكتسباتها. تقول: "وفرّت لي الجامعة أيضَا مهمة "الإسناد الأكاديمي"؛ إذ عملت معلمة أقران في مركز مهارات الكتابة بالجامعة لمادة اللغة الإنجليزية قرابة العامين والنصف، فقد قمت بمساعدة عشرات الطلبة في مختلف المستويات؛ وذلك بتقديم حصص القراءة والكتابة والمحادثة، بالإضافة إلى الحصص المخصصة لمواد مُعينة يحددها الطالب حسب رغبته".
وتصف هذه تجربة أخرى أتاحتها لها الجامعة بقولها: "خضت تجربة فريدة وأنا على مقاعد الدراسة، كانت تجربة التبادل الطلابي إلى جمهورية مصر الشقيقة. فكما نعلم، تُنظّم الجامعة برامج التبادل الطلابي لمختلف الدول بشكلٍ دوري، وكنت أحد المستفيدين من هذه الفرصة، فقد قضيت شهرًا من التدريب في كلية اللغات والترجمة في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، مع طلبة من مختلف الدول العربية، إذ تبادلنا في هذه الفترة الخبرات والثقافات، وعدتُ محمّلة بالخير الوفير من العلم والامتنان والخبرة. وفي آخر فصول الدراسة، كانت تجربة التدريب الميداني فرصة ثمينة لتطبيق ما تعلمناه على أرض الواقع وفهم سوق العمل ومتطلباته بطريقة أكثر واقعية".
كما أن ميزة المواهب الطموحة أنها في تجدد مستمر، إذ ترى الإنجاز أمرا لا يمكن المساس به؛ لأن بداخلها طاقات موقدة تضيء الطريق مهما كانت تحدّياته. تقول شمسة عن مستقبلها القريب: "أسعى حاليًا للالتحاق بسوق العمل سواء في أحد المؤسسات الحكومية أم الخاصة، على أن يكون لي بصمة مُختلفة حيث أكون، وأن أعمل جاهدة على تنمية مهاراتي وخبراتي؛ كي أصنع من نفسي نسخة قائدة ومُلهمة ونافعة للوطن. ثم أطمح بعد ذلك لاستكمالِ مسيرتي العلمية في الدراسات العُليا".
لا يُنسى
إنّ أسطرا قليلة لا تكفي لسرد حكاية كاملة بمواقفها وذكرياتها؛ لكن القيمة الثابتة أن أعوام الدراسة الجامعية تعطي من يعطيها، وتقدّر من يبذل لها الجهد والوقت؛ لتكون مقتنياتها مصدر إلهام لصاحبها حينما يستعيدها حتى مع مرور الأزمنة.
تقول المعمرية: "تحضرني حقيقةً العديد من المواقف، ولكن أكثرها تأثيرًا وإلهامًا هي تلك التي تحدث مع المدرسين الأكاديميين. أحد هذه المواقف مما حدث مؤخرًا، وهو أنني عملت بتفانٍ وجهد لكتابة مشروع تخرج يليق بمستوى خرّيج في كلية العلوم والآداب، لتمضي الأيام وأحصل على معدّل امتياز في المادة مع إطراء المقيمين ومشرف البحث؛ لذا ارتأيت بعدها أن أشارك بورقتي البحثية في مؤتمر للبحوث العلمية في أحد المؤسسات التعليمية في السلطنة، وقبل أن أخطو هذه الخطوة قرّرت أولًا أن أستشير مشرفي الأكاديمي للبحث؛ لأنني على علم أنه يحق لي أن أعرض مشروعي في مكان واحد فقط، لأتفاجأ أنه هو الآخر عمل لأيام محاولًا التواصل مع مجلة أكاديمية لنشر البحث، وعمل أيضًا على تنقيح البحث وتدقيقِه ليُنشر مقالا في المجلة".
تكمل حديثها مع أستاذها قائلة: "كان ردّه ببساطة: يا إلهي! من الجيد أنكِ أخبرتني، رجاءً لا تعرضي عملك في أي مكان، لقد قمت باستخراج مقال وأرسلته إلى مجلة مرموقة وقد كنت سأفاجئك، لقد عملت ليومين لتحويل مشروعكِ إلى مقال، المجلة أكثر مصداقية من المؤتمر وسأخبرك بمجرد الحصول على الموافقة، كما أنّني سأدفع رسوم النشر هدية منّي لجهودكِ المبذولة". لقد كانت لحظة تكريمٍ استثنائية وشرف أناله بعد أشهرٍ متواصلة من العمل على مشروع التخرج، هذا الموقف واحد من بين المئات، وفي كل مرّة أدرك أنّني حظيت بأفضل الأساتذة على الإطلاق في قسم اللغات الأجنبية".
أولو الفضل
تختتم شمسة المعمرية ذكرياتها معنا باستعادة أسماء كان لها وزنها وقدرها في مشوارها الحافل الذي تفخر به وتفاخر؛ بل قدّمت لهم باقة عبقة من عطور التهاني والتبريكات. تقول لهم: "أود في البداية أن أُهدي والداي هذا النجاح والتفوّق، فلولا فضل الله ثم فضلهم عليّ لم أكن لأصل. وأشكر من وقف إلى جانبي من الأهل والأصحاب، ثم الشكر كل الشكر لكل معلم كان له فضل عليّ، وأخص بالذكر هنا مشرف مشروع التخرج أ. سهيل أتاشيان ورئيس القسم د. محمد الغافري والمرشد الأكاديمي د. سيّد أحمد بشير ورئيسة الشعبة د. شهرزاد ميرزا ورئيسة قسم اللغة الإنجليزية والترجمة بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أ.د. فاطمة الديواني ومشرفة التدريب الميداني أ. بسمة ميساوي، كما وأشكر شكرًا جزيلًا الأستاذ تامي مونونو، د. خالد الأهدل، د. علي عرفة، أ. المهنّد حمد، د. عمر جبق على دعمهم وتشجيعهم لي طوال فترة دراستي للبكالوريوس، وأعتذر ممّن سقطت أسماؤهم سهوًا، كما أود أن أهنئ زملائي الخريجين والخريجات وأتمنى لهم مستقبلًا مشرقًا حافلاً بالعطاء والإنجاز، أمّا للزملاء الذين لا يزالوا على مقاعد الدراسة، فأقول لهم إن لحظة التخرج تستحق منكم أن تبذلوا قصار جهودكم، وأن تذلّلوا الصعاب حولكم لتصنعوا نجاحكم بأيديكم، فتكون لحظة التتويج لحظة انتصار مُستحقّة، هذا والله ولي التوفيق".