المكتبة فضاؤك الثالث: قراءة في تصميم مساحات مبنى مكتبة الجامعة الجديد وبيئتها الداخلية 

بقلم: محمد بن عبدالله الحوسني

اهتمت أدبيات المكتبات وعلم المعلومات بتسمية المكتبة بالفضاء الثالث، وذلك بعد تسمية المكانين الأول (المنزل)، والثاني (العمل أو مكان الدراسة)، إذ يقضي فيهما الفرد كثيرا من وقته اليومي. وفضاء المكتبة ترجمة لكلمة Library Space، التي يقصد بها المساحات في المكتبة، وهو مصطلح أخرج مبنى المكتبة من حدود كلمة مكان إلى مدى أبعد وأوسع وهو الفضاء، الذي يعبر عن الحرية واللاحدود في نواحي الاستخدام والتجارب.

وعند الحديث عن مساحات المكتبات الجامعية، يلاحظ التأثير الكبير للتقنية، وتوفر المصادر الرقمية، وظهور الخدمات الإلكترونية الذاتية، التي فرضت نفسها في جوانب التصميم الداخلي للبناء وتوزيع المساحات وكذلك الأثاث، ومن الاعتبارات التي تم الأخذ بها: تقليل أماكن الأرفف التقليدية، وزيادة مساحات الجلوس للعمل، والإبداع وتبادل الأفكار بتصميم أماكن مريحة وجاذبة للمستفيدين. 

وتوظيف المساحات في المكتبة يحمل سيناريوهات مختلفة يمثلها التنوع في قاعات المكتبة وتعدد استخداماتها، فمنها ما يبقى محافظا على الهدوء كعادة المكتبة التقليدية؛ إلا أن هناك مساحات في المكتبة من طبيعتها أن تكتسي بالضجيج الإيجابي المليء بالمناقشات وتبادل الأفكار والابتكارات.

وعند توزيع المساحات في المبنى الجديد للمكتبة، تم توفير مساحات غير اعتيادية تفرضها مقتضيات العصر وتغير احتياجات المستفيدين، وذلك لتكون المكتبة المركز والملتقى (hub) للرواد للقيام بوظائف عديدة إلى جانب القراءة والكتابة، ويمكن تقسيم فضاءات المكتبة بحسب جوانب الاستخدام إلى أربعة: 

1. مساحة اجتماعية: مكان للتفاعل وتبادل المعرفة إلى جانب الراحة والاستجمام، ويمثلها مقهى المكتبة وأيضا غرف المناقشة وكذلك الردهات خارج القاعات الرئيسة، وكذلك حديقة السطح المظللة خارج المقهى. 

2. مساحة الهدوء والتأمل: يمكن أن نجدها في غرف المذاكرة الفردية ويوجد منها عدد 48 غرفة، يستخدمها من يحب التركيز والعمل في جو بعيد عن الأصوات والحركة.

3. مساحة محايدة للاستخدام العام: القاعات الأربع الرئيسة المخصصة للقراءة والاطلاع والمذاكرة الجماعية والفردية، واستخدامات الحواسيب في البحث، وأيضا منها قاعة أرفف الكتب.

4. مساحة الابتكار: المقترح تخصيص قاعتين: الأولى بمسمى مساحة الكاتب Writer Space وتخصص لِورش الكتابة الأكاديمية والنشر العلمي، والثانية مساحة الصانع Makerspace وهي لورش في مجالات الابتكار والتصميم في جوانب الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والمحتوى الرقمي وريادة الأعمال في هذه المجالات. 

إنّ تغيّر وظائف المساحات المكتبية، يفرض تغيّرا في أدوار أمناء المكتبة أيضا، إذ سيشارك أمين المكتبة في جوانب التعليم والتعلم؛ بمساعدته للرواد في استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي والمناقشات والاستكشاف وأعمال أخرى تفرضها احتياجات الرواد واهتماماتهم المستقبلية.