للآمال مآرب في الانتظار ... خريجة أتقنت لغة التغيير بقلمها لا فمها
كتبت: ميثة الخنبشية
مع حلول أصداء الفخر الأعظم، ومصافحة الأحلام التي ارتقبت اللقاء -بالقلوب التي اجتهدت لأجلها سنين طويلة- بفارغ الصبر. ليس الخريجون وحدهم من يرتقبون آمالهم بالسعي والتعثر والإسهاب والإيضاح، للآمال مآرب في الانتظار أيضًا. والحلم الذي بقي على قارعة الطريق يشاهد سعيك وتعثرك وانتصاراتك وهزائمك، فيسقط على ناظرك ويمتلئ بوجوده في عينيك؛ لتنهض وتكمل وتبدأ مرارًا وتكرارًا... هذا الحلم -يا خرّيج- ينتظرك أيضًا، فهنيئًا لك هذا الوصول، وهنيئًا لحلمك أنْ جعلهُ ربّك حقًّا.
ريّان بنت علي المنظرية، خرّيجة في كلّية العلوم والآداب، بكالوريوس في اللغة الإنجلزية والترجمة بِجامعة نزوى. كانت معنا في هذا اللقاء الذي تناول محاورَ كثيرة أحدها موهبتها في الكتابة المسرحية ومراحل تطويرها ومدى تأثيرها عليها وعلى بقية الأصعدة في مسيرتها الحياتية.
تخليد شعور التخرج
سألنا ريّان عمّا ستكتبه من كلماتٍ لو كان بإمكانها تخليد شعور النهايات وبهجة وفخر التخرج في صحيفة خالدة، فأجابتْ أن شعور التخرج شيءٌ لا يستطيعُ المرء التعبير عنه تمامًا، حتى لو حاول جاهدًا فِعل ذلك. كما أضافت قائلةً إن هذه النهاية تستحقّ الانتظار، وهذه الانتصارات تستحقّ أن تُهدى لكلّ مَن كان ينتظر حدوثها. فضلًا عن ذلك تحدثت بإيجازٍ واصفةً أيام الدراسة الجامعية على أنها لم تمرّ كسائر الأيام، وقالت ريّان جملةً ستحرّك شيئًا في نفوس الطلبة الذينَ تاه شغفهم وسط ازدحام الأيام... "كنتُ أشعر دائمًا أنّ الطريق كلما ازداد صعوبةً، كان تحقيق الحلم أقرب!". كلّ اللحظات التي يقضيها الطالب الجامعيّ رفقة الأصدقاء ومذكرات الدراسة وأصداء الانتصارات، تخلّد في ذاكرةِ قلبه ولا يُمكن نسيانها.
تعتقد ريّان أن سنوات الدراسة فترة مناسبة وغنيّة بِما يُثري وينمّي مواهب الطالب، وأن أيّامها فترة خصبة لِتنمية القدرات المُسبَق ظهورها، أو حتى الجديدة منها. ولو أننا ننظر للموهبة على أنها مُتنفَّس واستراحة من نضال الدراسة غير المتوقف، لوجدنا الطرق مفتوحة دائمًا، والوقت مناسبا دومًا. كما أضافت قائلةً إن الجامعةَ مكانٌ مفتوحٌ للتحديات وإظهار المواهب، وميدانًا هائلًا بالفرص غير المحدودة.
للتغيير قول الفصل
سألنا ريان ما إذا كانت الكتابة المسرحية بؤرةً لتحوّلٍ ما أو فرصةً لاكتشاف قدراتها أكثر وأكثر، والْتمسنا التغيير الحيويّ الذي جرى عبر أحاديثها إثرَ هذه الموهبة... فأتى الجوابُ أنها ترى الكتابة منصةً وسبيلًا للتغيير، وكان تأثيرها عميقا جدًّا على مختلف الأصعدة. وكان التغيّر الأكثر ظهورًا هو حقيقة فكرة أنّ الكاتب المسرحيّ لا يعبّر عن فكره وذاته ونفسه فقط، إنما عن شريحة معينة في المجتمع، فقدرته على أن يشعر ويتقمّص ويعبّر عن شريحة قد ينتمي وقد لا ينتمي لها توازي في الأدب قدرته على الكتابة.
وقد عبّرتْ عن التطور والتغيير الذي حدث على الصعيدين الأدبي والأكاديمي؛ إثر وجود الكتابة المسرحية، واصفةً أن الشخص الذي يتخذ الكتابةَ أسلوبًا للتعبير يكون بذلك قد امتلك وجهًا من العُمق، وهذا ما يُكسِب الكاتب قدرةً أدبية جزِلَة في وصفِ الأحداث والقضايا حوله، ولفظِ الرأي الذي يختلج في صدره وذهنه. أمّا من الناحية الأكاديمية، فقد وضّحت ريان أن للكتابة المسرحية دورا في تكثيفِ الوعيِ وزيادة الشغف بالبحث والاطّلاع والاستقصاء، وبذلك تصبح القدرة التعبيرية والحواريّة والتفاعليّة واضحة جدا وذاتَ وجودٍ في المقررات الدراسية.
ختامًا... طلبنا من ريّان نصيحة تقدّمها للطلبة الذين ينتمون لِفكرة الكتابة لكنهم لم يصبحوا منها بعد، كيف يضعون ترددهم وخوفهم على قارعة الطريق؛ ماضينَ بكل شجاعةٍ لكتابة سيناريوهات ونصوص هائلة! فكانت إجابتها: "أتيقن دائمًا أن الصعوبة تكمن في البدايات. ما أن يمتلك الإنسان القوة والقدرة والإرادة على الانطلاق، لا أظنّ أن ثمة شيءٌ باستطاعته إيقافه، طالما تمتلكون الشغف والتوجّه والاتصال والانجذاب الأدبيّ للكتابة المسرحية... لا بد أن تنظرون لها وسيلة للقوة والتغير الذي يبدأ من داخلكم ثم ينتشر في المحيط المعرفيّ والأدبيّ والمجتمعيّ من حولكم".