عن دراسة بحثية مبتكرة تعرض حلولًا متقدمة لتخزين الطاقة الهجينة (شمس – رياح) وتدعم التوجه العالمي نحو الاستدامة والحياد الكربوني
الدكتور أحمد البوسعيدي يتوج بجائزة أفضل ورقة بحثية في مؤتمر الطاقة النظيفة والتكنولوجيا بماليزيا
تُوج الدكتور أحمد البوسعيدي، رئيس قسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسوب بجامعة نزوى، بجائزة أفضل ورقة بحثية عن دراسته لأنظمة التخزين بالطاقة الهجينة (شمس - رياح)، وذلك على هامش مؤتمر الطاقة النظيفة والتكنولوجيا (CEAT)، الذي عقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور يومي 1 و2 أكتوبر 2025.
ويهدف المؤتمر إلى توفير منصة متخصصة للباحثين والأكاديميين، إضافةً إلى العاملين في قطاع الطاقة؛ لمشاركة شغفهم وتبادل الأفكار عن أحدث التطورات في مجال الطاقة النظيفة والتكنولوجيا. ويركّز على القضايا المتعلقة بدراسة وتطوير وتطبيق ودعم الطاقة النظيفة، والتحول في قطاع الطاقة، والاستدامة، والحياد الكربوني، والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، إضافة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير الحلول المستدامة.
وتبرز الدراسة التي قدّمها الدكتور البوسعيدي الدور المحوري لأنظمة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الهجينة المُدمجة مع تقنيات تخزين الطاقة، في التغلب على التحديات التي تواجه الطاقة المتجددة، لا سيما تلك المرتبطة بالتقلبات في توفر الموارد. فمن الاستفادة من مصادر الطاقة التكميلية مثل الشمس والرياح، تضمن هذه الأنظمة الهجينة إمدادًا أكثر اتساقًا وموثوقية للطاقة.
وأشارت الدراسة إلى أن دمج حلول التخزين المتقدمة، مثل: البطاريات، ووحدات التحكم المنطقية الضبابية، والذكاء الاصطناعي، يعزز من موثوقية الطاقة؛ مما يُتيح تحويل الأحمال، وتقليل فترات الذروة، واستقرار الشبكة. ويؤدي ذلك إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ومن ثم خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتحقيق كفاءة أفضل في استخدام الأراضي والموارد.
وأوضحت الدراسة أيضًا أن البطاريات توفر الحل الأمثل للعديد من أنظمة الطاقة المتجددة الهجينة؛ نظرًا لكفاءتها العالية التي تتراوح بين 85% و95%، وسرعة استجابتها (أقل من ثانية واحدة)؛ مما يدعم تنظيم التردد ويُعزز استقرار الشبكة بتحسينات تصل إلى ±0.1 هرتز، بالإضافة إلى تحسين التحكم في الجهد. وبوجه عام، تقدم أنظمة الطاقة المتجددة الهجينة مع تخزين الطاقة حلاً تحويليًا لتحقيق أهداف التحول العالمي في قطاع الطاقة، وتعزيز أمن الطاقة، ودعم الاستدامة البيئية.
وفي ورقته، أوضح الدكتور البوسعيدي أن الطاقة تُعد مطلبًا أساسا للحياة، وركيزة أساسية للنمو الاقتصادي والازدهار، في وقت يعتمد فيه العالم بشكل كبير على الطاقة المنتجة من الوقود الأحفوري. وأكد أن الاستمرار في استخدام هذا النوع من الوقود يؤدي إلى عواقب بيئية واقتصادية وصحية وخيمة، إذ يُعد المحرك الرئيس لظاهرة الاحتباس الحراري؛ مما يُسهم في التغيرات المناخية الحادة، وارتفاع منسوب مياه البحار، وتقلبات بيئية أخرى.
كذلك يُطلق احتراق الوقود الأحفوري ملوثات مثل ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين، التي تسهم في تدهور جودة الهواء والتسبب في أمراض الجهاز التنفسي. ومن الناحية الاقتصادية، يجعل الاعتماد على الوقود الأحفوري الدول أكثر عرضة لتقلبات الأسعار، وأزمات الطاقة، والصراعات الجيوسياسية؛ لذلك، هناك توجه عالمي متزايد نحو مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ لما توفره من بدائل نظيفة ومستدامة وصديقة للبيئة.
وأشار الدكتور البوسعيدي في دراسته إلى أن الوقود الأحفوري لا يزال يشكل حوالي 80% من إجمالي استخدام الطاقة على مستوى العالم، إذ يحتل النفط المرتبة الأولى بنسبة 31%، يتبعه الفحم بنسبة 26%، ثم الغاز الطبيعي بنسبة 23%. ويُستخدم النفط بشكل رئيس في قطاعي النقل والصناعة، بينما لا يزال الفحم أحد المصادر الأساسية لتوليد الطاقة، خاصة في الدول النامية، رغم التراجع التدريجي في حصته. وتبرز هذه الحقائق الحاجة الملحة للتحول إلى طاقة أنظف؛ بما يُحقق أهداف المناخ ويُقلل انبعاثات الكربون ويضمن مستقبلًا مستدامًا.
وتعرض الدراسة التوسع السريع في استخدام الطاقة المتجددة، إذ تُعد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من أسرع القطاعات نموًا، نتيجة للاستثمارات المتزايدة، والتقدم التكنولوجي، والدعم السياسي المتواصل. ويسلط هذا التحول الضوء على أهمية مواجهة التحديات المرتبطة بانقطاع موارد الطاقة المتجددة، إذ يلعب تنفيذ أنظمة التخزين دورًا حاسمًا في موازنة العرض والطلب على الطاقة، وتعزيز استقرار الشبكة، وتحسين موثوقية أنظمة الطاقة المتجددة. 
وتعرض الدراسة أيضًا أنظمة التخزين المختلفة، مع التركيز على دمجها في تطبيقات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتُشير إلى أنه بالرغم من الفوائد الكبيرة لأنظمة الطاقة المتجددة الهجينة، إلا أن تطبيقها يواجه تحديات عدة، من بينها العوائق التكنولوجية والاقتصادية والتنظيمية. ومن أبرز المشكلات تعقيد تكامل النظام، إذ تتطلب مصادر الطاقة المختلفة، مثل الشمس والرياح والكتلة الحيوية، تنسيقًا دقيقًا من طريق خوارزميات تحكم متقدمة وآليات تحويل للحفاظ على الاستقرار والكفاءة.
ويُعقّد عدم اليقين البيئي، مثل تقلبات سرعة الرياح والإشعاع الشمسي، من تخطيط الطاقة وتكامل الشبكة؛ مما يتطلب تطوير نماذج تنبؤية متقدمة تتيح اتخاذ قرارات فعالة. ويتمثل أحد التحديات الرئيسة في توفير حلول تخزين قوية قادرة على التعامل مع التذبذب الكبير في إنتاج الطاقة المتجددة، مثل أنظمة تخزين الطاقة الهجينة (HESS).
ويمكن التخفيف من التقلبات المتأصلة في أنظمة الطاقة المتجددة الفردية بدمج مصدرين أو أكثر من مصادر الطاقة. وتدمج أنظمة الطاقة المتجددة الهجينة مصادر متعددة مثل: الشمس والرياح والمياه والكتلة الحيوية لتعزيز الكفاءة والموثوقية والاستدامة، وتُسهم في تحسين استخدام الموارد وتقليل الفاقد.
وتوضح الدراسة نموذجًا هجينًا لأنظمة الطاقة المتجددة يضم الألواح الشمسية والمراوح الهوائية ووحدات التخزين والملحقات الكهربائية الأخرى، ويُعرض في الشكل رقم (2). وتشير إلى أن التطبيق الفعلي لهذه الأنظمة، رغم فوائده، يواجه تحديات تتعلق بالحواجز التكنولوجية والاقتصادية والتنظيمية، إضافة إلى التأثيرات البيئية غير المتوقعة.
ومن جانب آخر، تؤكد الدراسة أن استخدام تقنيات تخزين الطاقة يُسهم في تنظيم الإنتاج وتقليل تأثير التقطع في مصادر الطاقة المتجددة. ويتيح هذا النظام تخزين الطاقة الفائضة لاستخدامها في فترات انخفاض الإنتاج أو زيادة الطلب. وتُحسّن البطاريات أداء الأنظمة الهجينة بشكل كبير برفع الكفاءة والموثوقية والاستدامة، إذ تمتلك سعات تخزين تتراوح بين 100 كيلوواط/ساعة و10 ميجاواط/ساعة، وتعمل على التقاط فائض الطاقة المتجددة من الشمس والرياح لضمان استقرار الإمداد. وتُقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري بنسبة تتراوح بين 20% و50%.
وتتيح البطاريات كذلك تنظيم التردد، بما يُسهم في استقرار الشبكة الكهربائية بتحسينات تصل إلى ±0.1 هرتز، مع تحسين التحكم في الجهد. وتذكر الدراسة أنه يمكن توظيف تقنيات متعددة لدعم استخدام البطاريات وأنظمة التخزين الأخرى ضمن أنظمة الطاقة الهجينة، مشيرة إلى أن الجدول رقم (1) يُلخص أبرز التطبيقات التي تُعزز أداء أنظمة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الهجينة.
الجدير بالذكر أن المؤتمر تناول مجموعة من الأبحاث النظرية والتطبيقية الأصلية في جميع الجوانب المتعلقة بالطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة، بما في ذلك الطاقة المتجددة، كفاءة الطاقة، الحفاظ على الطاقة، الاستدامة، الحياد الكربوني، الشبكات الذكية، تقنيات المركبات الكهربائية، سياسات الطاقة، إدارة الكربون، اقتصاد الهيدروجين، وقضايا البيئة والمجتمع والحوكمة، من الجلسات الرئيسة والمتخصصة.