السنة 20 العدد 193
2025/10/14

الباحثون عن عمل في المهن الهندسية

 

د. سعيد بن سيف المعولي

كلية الهندسة – مساعد العميد للتدريب وخدمة المجتمع



كوني أستاذا للهندسة في جامعة أهلية مرموقة يحز في نفسي أن يتواصل معي طلابي بعد سنوات من تخرجهم يشكون عدم حصولهم على فرصة عمل في مجال تخصصهم في بلد يحتاج إلى سواعد المهندسين في البناء والتعمير وتطوير البلد والأخذ به إلى مصاف الدول المتقدمة وتحقيق رؤية 2040.

 

بعض هؤلاء عرفت عنه أنه اضطر إلى تعديل مساره المهني إلى تخصص هو ربما غير راغب فيه؛ لكن فرص العمل فيه أكثر (التأهيل التربوي مثلا) وكثير منهم لا يزالون يقبعون في منازلهم ينتظرون الفرصة الوظيفية عاما بعد عام وقطار الحياة يمضي بهم.

 

الهندسة علم ديناميكي قابل للتطوير والتعديل بما يتناسب مع تطور الحياة فيفترض – نظريا على الأقل – ألا تكون لدينا مشكلة وخاصة في ظل نهضة متجددة ورؤية طموحة تشكل فيها المشاريع العملاقة إحدى ركائز هذه الخطة. 

 

وجود مشكلة الباحثين عن عمل وخاصة في القطاع الهندسي يعني وجود خلل ما، فعلى صناع القرار دراسته دراسة وافية مستفيضة مستعينة بالأرقام والمؤشرات والمتغيرات.

 

هذه المشكلة يجب أن ندق لها ناقوس الخطر؛ لأن لها تأثيرات خطيرة على الفرد والمجتمع وحاضر ومستقبل البلد. فعلى صعيد الفرد تخيل الشاب الذي لم يجد عملا مناسبا في تخصصه كيف يؤثر ذلك في نفسيته ويصيبه بالإحباط، وربما يحوله إلى إنسان ناقم على بلده ومجتمعه. وتأثير هذه الظاهرة على المجتمع يأخذ صور عدة، منها: تدني الحركة الاقتصادية والعزوف عن الزواج وربما كان أحد أسباب الطلاق وتفكك الأسر وتشتت الأولاد. وغيرها من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

 

أعترف أن المشكلة شائكة؛ لكن إذا تضافرت جهود الحكومة والشعب فيمكن الخروج بكثير من الحلول، وهنا أقدم بعض المقترحات دون أنْ أدّعي أنها عصا سحرية؛ ولكنها قد تسهم بشكل أو بآخر في حل هذه المشكلة أو التقليل من آثارها: 

أولا/ إلى صناع القرار: 

  1. تشكيل لجنة عليا لدراسة هذا الموضوع والتماس الحلول له؛ وعلى هذه اللجنة إشراك الباحثين عن عمل وأصحاب الفكر والرأي والخبرة كل في مجال اختصاصه، وتنبثق عن هذه اللجنة لجان فرعية في المحافظات وتحدد لها مدة زمنية لا تتجاوز سنتين لتقديم تصورها.

  2. دراسة حجم العمالة الوافدة وتخصصاتها، ووضع سقف زمني صارم لإحلالها بالمواطنين، وبنظرة سريعة أرى أن المهن الهندسية بالذات ستحل سريعا بهذه الخطوة، ثم اتخاذ إجراء صارم حيال المؤسسات التي لا تلتزم بالتعمين.

  3. رفع الحد الأدنى لأجور العمانيين من حملة البكالوريوس إلى 600 ريال لتشجيع الشباب على الانخراط في القطاع الخاص.

  4. تشجيع الشركات والمؤسسات كي يُديرها عمانيون متفرغون، وإعطائها أولوية في الحصول على المناقصات الحكومية.

  5. تقليل عدد سنوات الخبرة المطلوبة لفتح مكاتب استشارات هندسية إلى سنتين فقط.

  6. سن قانون في نظام تسجيل شركات المقاولات أن يكون صاحبها مهندسا يحمل درجة الدبلوم على الأقل وإضافة شرط التفرغ أسوة بمكاتب الاستشارات الهندسية؛ هذا الأمر في رأي سيرفع جودة المقاولات في البلد وسيقضي على البطالة والتجارة المستترة.

  7. سن قانون لإلزام الجامعات والكليات الحكومية والخاصة بتعمين ما لا يقل عن 50% من هيئة التدريس في غضون خمس سنوات على أقصى تقدير، وبعد انتهاء الفترة المحددة تُحرم الكليات غير المطبقة لهذه النسبة من الحصول على بعثات داخلية.

 

ثانيا/ إلى الجامعات والكليات: 

  1. إدراج التدريب الإلزامي ضمن المناهج بما لا يقل عن أربعة أشهر. 

  2. مراجعة المناهج بصفة مستمرة بما يحتاجه سوق العمل.

  3. مراجعة التخصصات المطروحة وتخفيض أو إلغاء التخصصات التي يوجد فيها تكدس للباحثين عن عمل.

  4. عمل خطة على مدى خمس سنوات لتعمين 50% من هيئة التدريس.

  5. الالتزام بتعيين الأول من كل تخصص لكل عام دراسي معيدا في نفس الكلية التي تخرج فيها.

 

ثالثا/ إلى الطلبة:

  1. قبل اختيار التخصص عليك أن تطلع ولو بشكل موجز على سوق العمل والتخصصات المرغوبة بشدة.

  2. الاجتهاد في تحصيل المعارف والسعي إلى التميز والتفوق. 

  3. المشاركة في الأنشطة الجامعية المختلفة لأنها تصقل التجارب وتطوّر المهارات الناعمة.

  4. السعي إلى الانخراط في الجمعيات التخصصية التي لها علاقة بتخصصك محليا مثل جمعية المهندسين العمانية وعالميا.

  5. المشاركة في الدورات والورش التخصصية التي تقام في الجامعة وخارجها. 

  6. متابعة كل جديد في تخصصك عالميا مما يعزز التنافسية لديك ويجعلك قادرا على العمل في كل البيئات. 

رابعا/ إلى الخريجين:

  1. السعي إلى الانخراط في الجمعيات التخصصية التي لها علاقة بتخصصك محليا مثل جمعية المهندسين العمانية وعالميا.

  2. المشاركة في الدورات والورش التخصصية محليا وعالميا. 

  3. متابعة كل جديد في تخصصك عالميا مما يعزز التنافسية لديك ويجعلك قادرا على العمل في كل البيئات. 

  4. متابعة منصات التوظيف والتدريب. 

  5. مواصلة التدريب دون كلل حتى تقوي سيرتك الذاتية. 

  6. ريادة الأعمال خيار جيد لشق مسارك المهني فانظر حولك وفكر في المجالات التي لها علاقة بتخصصك ولا تحتاج إلى رأس مال كبير فابدأ مشروعك البسيط ولا تتوانى.

  7. بعض الأعمال الهندسية يمكنك العمل عليها من البيت، إذ يمكنك التواصل مع بعض مكاتب الاستشارات الهندسية أو الشركات لتقدم لهم خدمة التصميم المعماري أو الإنشائي أو تصميم الإضاءة والأثاث وغيرها من الأعمال؛ فهناك الكثير من مكاتب الاستشارات تحبذ هذا النوع من العمل عن بعد لأنه يخفف عنها كاهل التوظيف.

إرسال تعليق عن هذه المقالة