كيف تخدم التقنية المكتبات الجامعية؟
رقية الفارسية
تقنية في مكتبة الجامعة
لم تعد المكتبات الجامعية مجرد أماكن لتخزين الكتب والمراجع، بل أصبحت مراكز حيوية للمعرفة والبحث العلمي. وفي ظل الثورة الصناعية الرابعة والتسارع الكبير في التحول الرقمي، أصبحت التقنية ركيزة أساسية في تطوير هذه المكتبات، إذ أسهمت في تحويلها من بيئات تقليدية إلى فضاءات ذكية تحتضن التعليم وتدعم البحث العلمي والإبداع.
لقد قدّمت التقنية حلولًا مبتكرة لأتمتة العديد من المهام التي كانت تُنفذ يدويًا، مثل: الفهرسة والإعارة وتنظيم المجموعات، فأنظمة إدارة المكتبات المتكاملة، مثل نظام "Koha"، أسهمت في تسريع الإجراءات وتقليل نسبة الأخطاء البشرية؛ مما انعكس إيجابًا على كفاءة الأداء وسهولة تقديم الخدمات. وأتاح ذلك للموظفين التركيز على مهام استراتيجية أخرى؛ مما يعزز من جودة الخدمة العامة للمستفيدين.
ومن أبرز إسهامات التقنية في هذا المجال قدرتها على توسيع نطاق الوصول إلى مصادر المعرفة، فبفضل قواعد البيانات الإلكترونية ومنصات مثل "مصادر" و"شعاع"، أصبح بإمكان الطلبة وأعضاء هيئة التدريس الوصول إلى الكتب والمقالات والأبحاث في أي وقت ومن أي مكان؛ ليرسخ مفهوم "المكتبة بلا جدران". هذه الميزة جعلت المعرفة في متناول الجميع، دون الحاجة إلى الوجود المادي في المكان نفسه.
وشهدت المكتبات الجامعية أيضًا تطورًا ملحوظًا في استخدام الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح جزءًا أساسيًا من خدماتها، إذ يتيح الذكاء الاصطناعي تقديم استشارات مرجعية فورية عبر المساعدات الافتراضية؛ فضلاً عن استخدامه في الفهرسة الوصفية وإنشاء السجلات الببليوغرافية وفقًا للمعيار الدولي "MARC21" ومن جهة أخرى، أسهمت تقنيات "إنترنت الأشياء" (IoT) في تحسين تجربة المستخدم، إذ يتم تتبع المقتنيات باستخدام تقنية "RFID"، وتطوير أنظمة الإعارة الذاتية الذكية؛ ليعزز سهولة وفعالية العمليات اليومية.
وعليه، يمكن القول إن التقنية لم تعد مجرد أداة مساعدة في تطوير المكتبات الجامعية، بل أصبحت شريكًا استراتيجيًا في تحقيق رسالتها العلمية والبحثية، فهي تسهم في تسهيل الوصول إلى المعرفة، ودعم مسارات الابتكار، وتفتح آفاقًا واسعة أمام الطلبة والباحثين. ومع استمرار التطور الرقمي، ستظل المكتبات الجامعية في طليعة المستفيدين من التقانة؛ لتبقى منارات للتميز والإبداع والمعرفة المتجددة.